تحدث مسلمون نجوا من ستة أيام من العنف الطائفي في غرب ميانمار يوم الأحد عن فرارهم من طلقات الرصاص والمنازل المحترقة ليهربوا على متن قوارب صيد بعد هجوم جيرانهم من عرقية راخين التي كانت تعيش يوما إلى جوارهم في سلام. وتقول الأممالمتحدة إن 22587 شخصا نزحوا عن ديارهم بعد الاضطرابات بين المسلمين من عرق الروهينجيا والراخين الذين يدينون بالبوذية والتي أسفرت عن مقتل 84 شخصا على الأقل في ولاية راخين ومثلت اختبارا حقيقيا لمدى الرغبة في الإصلاح لدى الحكومة شبه المدنية التي حلت محل نظام ميانمار العسكري القمعي العام الماضي. وقالت اشرا بانو (33 عاما) وهي أم لأربعة أطفال فرت من بلدة كياوكبيو بعد إزالة الحي المسلم بها يوم 24 أكتوبر تشرين الأول "طلب منا أن نبقى في منازلنا ولكن أضرمت فيها النار." وأضافت "عندما كنا نهرب كان أبناء الراخين ورجال الشرطة يطلقون النار على الناس. لم نتمكن من إطفاء النيران. حاولنا الهرب فقط." وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان ومقرها نيويورك نشرت في وقت سابق صورا بالأقمار الصناعية تظهر دمارا شبه كامل للجزء الذي تقطنه أغلبية مسلمة في كياوكبيو. وتمثل البلدة التي تقع على مسافة نحو 120 كيلومترا إلى الجنوب من سيتوي عاصمة ولاية راخين أهمية كبرى لأكثر استثمارات الصين في ميانمار استراتيجية وهو خط الأنابيب المزدوج الذي ينقل النفط والغاز الطبيعي من خليج البنغال إلى أقاليم الصين الغربية المتعطشة للطاقة. ولم ترد أنباء عن وقوع اشتباكات جديدة يوم الأحد لكن صحفيا في رويترز في مخيم تي تشونج القريب من سيتوي شاهد تدفقا متواصلا من النازحين الجدد خاصة من كياوكبيو حيث تقول منظمة هيومن رايتس ووتش بناء على تحليلها لصور الأقمار الصناعية إن أكثر من 811 بناية ومنزلا عائما دمرت. وقالت زوميلة البالغة من العمر 63 عاما وهي تبكي وسط حشد من الناس في مخيم تي تشونج "هاجمنا الراخين بمدي.. أشعلوا النيران في منازلنا رغم أن ليس بها شيء يهمهم. غادرت بالملابس التي أرتديها فقط." وتشير تقديرات الحكومة إلى أن حوالي ثلاثة آلاف منزل دمرت في ولاية راخين منذ 21 أكتوبر تشرين الأول. وقال التلفزيون الرسمي يوم الأحد إن عدد القتلى ارتفع من 67 إلى 84 قتيلا بينما تقول جماعات حقوقية إن عدد القتلى أكثر من ذلك بكثير على الأرجح. وقال عبد الأول (30 عاما) إن الشرطة وقفت موقف المتفرج والراخين يحرقون منازلهم. وأضاف "الراخين يضربوننا والشرطة تطلق النار علينا. ركضنا نحو البحر ولاحقونا وأخذوا يضربوننا ويطلقون النار علينا... يجب أن أبدأ حياة جديدة الآن." غير أن أحد البوذيين الراخين أبلغ رويترز رواية مختلفة عبر الهاتف وقال إن الراخين والمسلمين اشتبكوا مع بعضهم بعضا بالمدي والسيوف والهراوات وبعد هزيمة المسلمين قاموا بإشعال "النيران في منازلهم كخيار أخير ولاذوا بالفرار". وقدر الرجل أن ما يتراوح بين 80 و100 قارب يقل مسلمين غادرت كياوكبيو في ذلك اليوم. وترجل رجال ونساء حفاة من قوارب صيد وتسلقوا الجسور الطينية إلى مخيم تي تشونج وهم يحملون أطفالا وبعض الاغراض التي أنقذوها من الحريق. وقالت نورا حسين (54 عاما) وهي احدى سكان كياوكبيو "رأيت الكثير من القتلى.. لم نرد على العنف. كيف يمكننا ذلك؟ نحن نعيش في مكان محاط بقرى الراخين. هربنا إلى الشاطيء وفررنا بالقارب." ومخيم تي تشونج أقيم بعد تفجر سابق للعنف الطائفي في يونيو حزيران والذي أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصا وتشريد 75 ألفا على الأقل في نفس المنطقة وهو مكتظ وغير مؤهل لاستيعاب المزيد من النازحين. وقال مسؤول محلي طلب عدم نشر اسمه إن 47 قاربا يقل 1945 من الروهينجيا من الرجال والنساء والأطفال وصل إلى قرى قرب سيتوي في الأيام القليلة المنصرمة. والمساعدات الوحيدة في المخيم عبارة عن أجولة من الأرز من برنامج الأغذية العالمي ويمكن استخدام الأجولة الخالية كحشيات للنوم. وينام كثيرون أسفل الأشجار. ولم ير مراسل رويترز أي أطباء وبعض سكان المخيم يعانون من الملاريا والأطفال عراة ويعاني كثير منهم من سوء التغذية. (إعداد عبد المنعم درار للنشرة العربية - تحرير محمد هميمي)