يوقع رئيسا السودان عمر البشير وجنوب السودان سالفا كير الخميس في اديس ابابا اتفاقا جزئيا تم التوصل اليه بعد اربعة ايام من المفاوضات الشاقة في العاصمة الاثيوبية ينص على اقامة منطقة منزوعة السلاح لتجنب وقوع مواجهات حدودية مثل تلك التي كادت تتسبب بنشوب حرب بين البلدين قبل بضعة اشهر. الا ان هذا الاتفاق لن يحل الخلافات الكبيرة على الاراضي الحدودية بين الدولتين التي ما زالت عالقة منذ اتفاق السلام الشامل الذي تم توقيعه عام 2005 ووضع حدا لعقدين من الحرب الاهلية بين المتمردين الجنوبيين وحكومة الخرطوم وتكلل باستقلال جنوب السودان في تموز/يوليو 2011. وقال المتحدث باسم بعثة جنوب السودان عاطف كير ليل الاربعاء الخميس بعد اربعة ايام من المحادثات بين الرئيسين في العاصمة الاثيوبية "حصل تفاهم على بعض النقاط". من جانبه تحدث نظيره السوداني بدر الدين عبد الله بدر عن "تقدم في كثير من المواضيع"، في حين اعلن الرجلان ان الرئيسين سيوقعان على الاتفاق الخميس. ودعي الصحافيون الى الانتقال صباح الخميس الى قاعة داخل فندق في العاصمة الاثيوبية شهدت المحادثات للمشاركة في مراسم التوقيع التي لم تحدد ساعتها بعد. ومن المقرر ان يغادر البشير وكير بعدها اديس ابابا. ولم يتم الكشف عن تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل اليه بعد لقاء ثنائي اخير بين البشير وسالفا كير الا انه وبحسب المتحدثين فإن هذا الاتفاق ينص على انشاء منطقة عازلة تمتد على طول عشرة كيلومترات من جانبي الحدود ويتعين على جنود البلدين الانسحاب منها. والهدف من هذه المنطقة المنزوعة السلاح تفادي تكرار مواجهات الربيع الماضي الحدودية، وايضا قطع خطوط التموين عن المجموعات المتمردة الناشطة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق السودانيتين، التي تتهم الخرطوم جارتها الجنوبية بدعمها. ويبدو ان الجانبين وضعا اللمسات الاخيرة على تفاصيل اتفاق نفطي تم التوصل اليه في آب/اغسطس ويفسح في المجال امام استئناف انتاج النفط في جنوب السودان والذي ادى توقفه منذ كانون الثاني/يناير الى الحاق اضرار كبيرة باقتصادي البلدين. ويتضمن هذا الاتفاق النفطي خصوصا حل مسألة الرسوم على عبور النفط من جنوب السودان عبر موانئ الشمال، وهو احد اصعب المسائل في الخلاف بين البلدين. وجنوب السودان، الذي حصل بموجب الاستقلال على 75% من احتياطي النفط الخام من السودان قبل الانفصال لكنه يعتمد على البنى التحتية للشمال في تصدير انتاجه، اوقف في كانون الثاني/يناير انتاجه بعد استيائه من استيلاء الخرطوم على جزء من نفط الجنوب ثمنا لعبور النفط الجنوبي اراضيها وذلك بعد تعذر الاتفاق على قيمة هذه الرسوم. في المقابل، لم يتم الاتفاق على حل لمسالة منطقة ابيي ومناطق حدودية اخرى متنازع عليها، ما حال دون انجاز اتفاق شامل يطال مجمل القضايا التي تثير توترا بين البلدين. وقال المتحدث السوداني الجنوبي للصحافيين ان "البلدين لم يتوصلا الى اتفاق على هاتن المسألتين، حول ابيي (...) وبشأن الحدود". واضاف ان "البلدين اتفقا على اجراء جولة محادثات اخرى" من دون تحديد موعدها. وابدى نظيره السوداني تفاؤلا حيال المسائل العالقة. وقال ان الرئيسين "تجاوزا الكثير من الخلافات (...) لا يزال هناك البعض منها بشأن ابيي"، مشيرا الى ان حل المشاكل الحدودية "سيستغرق وقتا". والتقى الرئيسان البشير وكير الاحد في اديس ابابا، مقر الاتحاد الافريقي في قمة كان من المقرر ان تستمر يوما واحدا وترمي الى حل مسألة ترسيم الحدود المشتركة وجعل هذه المنطقة منزوعة السلاح، اضافة الى الوضع الحساس لمنطقة ابيي والمسائل النفطية. وشكل الوضع القانوني لمنطقة ابيي، التي تعادل مساحتها مساحة لبنان، احدى ابرز نقاط الخلاف طوال عملية المحادثات الشاقة بين الجانبين وفق دبلوماسيين. وتطور التوتر بين البلدين حول هذه المسائل الى معارك حدودية بين آذار/مارس وايار/مايو بين جيشي الدولتين، في اعنف مواجهات منذ تقسيم السودان. ومارس المجتمع الدولي، القلق جدا ازاء خطر نشوب نزاع كبير بين جوباوالخرطوم اللتين تقاتلتا خلال اطول الحروب الاهلية في القارة السمراء، ضغوطا مستمرة على رئيسي البلدين لحملهما على التوصل الى اتفاق نهائي بشأن سلسلة مسائل عالقة.