استمرت لليوم السادس على التوالي الاربعاء الاشتباكات العنيفة في احياء مدينة حلب بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية ويستقدم الطرفان تعزيزات الى المدينة، لخوض ما وصف بانه "المعركة الحاسمة". ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاربعاء المجتمع الدولي للتحرك من اجل وقف "المجزرة" في سوريا. وقتل اكثر من تسعين شخصا في اعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا الاربعاء، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. ولا تزال الجبهات مشتعلة في مدينة حلب الرئة الاقتصادية لسوريا، التي ظلت لاشهر طويلة في منأى عن حركة الاحتجاجات الى ان تصاعدت فيها حركة التظاهرات ضد النظام قبل حوالى ثلاثة اشهر ثم اندلعت فيها المعارك الاسبوع الماضي مترافقة مع اعلان الجيش السوري الحر بدء "معركة تحرير حلب". وتتركز الاشتباكات، بحسب المرصد وناشطين، في حيي بستان القصر وصلاح الدين، بينما تشهد احياء الصاخور وطريق الباب والشعار وقاضي عسكر وصلاح الدين قصفا مصدره القوات النظامية التي تستخدم المروحيات. وسجلت حركة نزوح كثيفة للاهالي. وقال مراسل صحيفة سورية في المدينة ان "مئات المتمردين القادمين من كل شمال سوريا يتدفقون الى حلب"، حيث ستدور على ما يبدو "المعركة الحاسمة"، مشيرا الى ان "المتمردين يسيطرون على حوالى عشرة احياء في اطراف حلب". واكد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان "الثوار يعززون مواقعهم بالتأكيد، فيما القوات النظامية "تواصل منذ 48 ساعة ارسال تعزيزات في اتجاه المدينة من مناطق عدة". وذكر مصدر امني سوري ان المعركة الاكثر اهمية في حلب تهدف الى استعادة قوات النظام الاحياء الواقعة بين المدينة والمطار (جنوب شرق حلب) والتي "وقعت في ايدي الارهابيين". وقتل ثلاثة عشر مدنيا بينهم سيدة، وثلاثة مقاتلين في مدينة حلب الاربعاء، بالاضافة الى عدد من العسكريين، بحسب المرصد. ووقعت الاربعاء اشتباكات استمرت ساعات في حي العسالي في جنوب العاصمة بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية، في وقت تعرض حي الحجر الاسود (جنوب) لقصف عنيف استخدمت فيه المروحيات طوال اليوم، بحسب المرصد وناشطين. وافادت لجان التنسيق المحلية مساء عن سقوط قذائف هاون على حي التضامن (جنوب). واستعادت قوات النظام خلال الايام الماضية السيطرة على معظم احياء العاصمة، باستثناء جيوب واجزاء من احياء لا يزال يقاوم فيها المقاتلون المعارضون. وافادت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" الاربعاء عن تأجيل الامتحانات في عدد من الجامعات في سوريا، خصوصا في دمشق وحلب، الى اجل غير مسمى. وطالبت منظمة العفو الدولية في تقرير نشرته الاربعاء الجيش السوري النظامي والمقاتلين المعارضين في سوريا بوقف "الاعدامات التعسفية"، مؤكدة ان وتيرة هذه الاعدامات تتصاعد. وفي ظل استمرار تصاعد وتيرة العنف، غادر نصف اعضاء بعثة المراقبة الدولية دمشق بسبب عجزهم عن القيام بمهام مراقبة وقف اطلاق نار لم يدخل بتاتا حيز التنفيذ منذ اعلانه في نيسان/ابريل. واعلن مساعد الامين العام للامم المتحدة لشؤون عمليات السلام هيرفيه لادسو الموجود في دمشق ان تخفيض عدد افراد بعثة المراقبة يعني تقليصا في المهام الموكلة اليها. ووصل الى دمشق القائد الجديد لبعثة المراقبين الجنرال باباكار غاي الذي عبر عن امله في ان "تتغلب الحكمة، وان يظهر الضوء في آخر النفق". من البوسنة، وجه بان كي مون نداء "الى العالم اجمع: لا تتأخروا، اتحدوا، تحركوا. تحركوا الان لوقف المجزرة في سوريا". وراى ان ان المعلومات التي تصل من سوريا تؤكد ان البلد ينزلق "الى الحرب الاهلية بوتيرة متسارعة". واكد مصدر قريب من السلطات السورية الاربعاء خبر انشقاق القائمة باعمال السفارة السورية في قبرص لمياء الحريري عن النظام السوري، رافضا تأكيد انشقاق زوجها السفير السوري في الامارات العربية عبد اللطيف الدباغ الذي اعلنته قناة "الجزيرة" التلفزيونية الفضائية. دبلوماسيا، اعتبر البيت الابيض الاربعاء ان استخدام النظام السوري للمروحيات القتالية يظهر "مدى انحطاطه"، منددا بالهجوم المستمر على مدينة حلب في شمال سوريا. وقال المتحدث الرئاسي الاميركي جاي كارني "هناك هجوم على حلب في سوريا. تقول المعلومات ان حكومة (الرئيس بشار) الاسد تستخدم مروحيات وطائرات ودبابات لشن هجمات بغيضة على السوريين وعلى مدنيين عزل. اننا ندين ذلك". وكان البيت الابيض اعلن الاربعاء ان احد مستشاري الرئيس باراك اوباما اجرى في بداية الاسبوع محادثات "بناءة" مع مسؤولين صينين كبار في بكين، تناولت خصوصا سوريا وايران وكوريا الشمالية. ووصل الاربعاء الى طهران وفد اقتصادي سوري كبير يتراسه نائب رئيس الوزراء عمر غلاونجي ويضم خمسة وزراء، وسيجري محادثات لتعزيز التعاون بين البلدين، وفق ما افادت وكالة الانباء الايرانية الرسمية. في موسكو، دانت وزارة الخارجية العقوبات الاخيرة التي اقرها الاتحاد الاوروبي على سوريا وتنص على تعزيز اجراءات حظر الاسلحة التي تنقلها السفن والطائرات، معتبرة انها تشكل "حصارا". وفي نيويورك، اعلن السفير الروسي لدى الاممالمتحدة فيتالي تشوركين ان بلاده مستعدة لتنظيم اتصالات في موسكو بين النظام السوري والمعارضة بهدف تسهيل اجراء "حوار بين الاطراف السوريين". وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دان موقف الولاياتالمتحدة من المعارضة السورية معتبرا انه "تبرير للارهاب"، متهما واشنطن بعدم ادانة الاعتداء الذي اودى بحياة اربعة مسؤولين امنيين في دمشق في 18 تموز/يوليو. وصرح نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف الاربعاء ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد قدم "ضمانات اكيدة" لروسيا بان الاسلحة الكيميائية مخزنة في امان تام، محذرا دمشق من خطر وقوع هذه الاسلحة "في ايدي المعارضة المسلحة". وكان النظام السوري اقر الاثنين للمرة الاولى بامتلاك اسلحة كيميائية مؤكدا انه لن يستخدمها الا في حال تعرضه اعتداء خارجي. وحذرت دول غربية واسرائيل النظام من مغبة اللجوء الى هذه الاسلحة. والاربعاء اعلن السفير السعودي لدى الاممالمتحدة ان بلاده تعد مشروع قرار دولي جديد لعرضه على الجمعية العامة للامم المتحدة يتناول تهديدات الحكومة السورية باستخدام اسلحتها الكيميائية. وتاتي هذه المبادرة السعودية الجديدة بعد فشل محاولة غربية الاسبوع الماضي في استصدار قرار في مجلس الامن الدولي يهدد نظام الرئيس السوري بشار الاسد بفرض عقوبات بعد استخدام روسيا والصين حقهما في النقض (الفيتو). وقال السفير السعودي عبد الله المعلمي للصحافيين ان مشروع القرار سيرسل خلال الايام المقبلة معربا عن امله في التصويت عليه "مطلع الاسبوع المقبل على الارجح". من جهته اعرب وزير الخارجية الكندي عن قلقه لناحية الاسلحة الكيميائية التي يمتلكها النظام السوري وبشان الناشطين "المتطرفين" الاجانب الذين يصلون الى هذا البلد، معربا عن استعداد بلاده لزيادة مساعدتها الانسانية لسوريا. وجاء كلام الوزير جون بيرد بعد لقاء في اوتاوا مع ممثلين عن المجلس الوطني السوري المعارض والمجلس الكندي السوري والمرسل اليسوعي باولو دال اوغليو الذي طردته الحكومة السورية بعد توجيهه انتقادات اليها. واعرب الوزير الكندي عن قلقه لامتلاك دمشق اسلحة كيميائية، ولناحية امن هذه الاسلحة قبل وبعد السقوط المحتمل للنظام. وبعد ايام من سيطرة مقاتلين معارضين على بعض المعابر الحدودية مع تركيا، اغلقت تركيا معابرها مع سوريا اعتبارا من الاربعاء "لاسباب امنية"، بحسب ما اكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية. الا ان المسؤول اوضح ان القرار لن يؤثر على دخول اللاجئين السوريين. ووصل الثلاثاء ضابطان سوريان برتبة لواء الى تركيا بعد انشقاقهما عن الجيش السوري، ليرتفع الى 27 عدد الضباط السوريين المنشقين في تركيا. في برلين، تعكف مجموعة من خمسين معارضا سوريا على اعداد دستور جديد لسوريا استعدادا لمرحلة ما بعد نظام الرئيس بشار الاسد، وفق ما اعلنت الاربعاء مؤسسة علوم وسياسة التي تقدم اليهم المساعدة. وتضم المجموعة ضباطا سابقين وخبراء اقتصاديين وقانونيين وممثلين لمختلف المكونات الدينية في سوريا.