استمرت قوات النظام السوري في استقدام تعزيزات إلى مدينة حلب في شمال سوريا الخميس تمهيدا لشن هجوم كبير من أجل استعادة الأحياء التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون والتي تشهد منذ أسبوع اشتباكات تشتد حينا وتخف أحيانا. وتسببت أعمال العنف في مناطق مختلفة من سوريا الخميس بمقتل 119 شخصا هم 56 مدنيا و29 مقاتلا معارضا ومنشقان اثنان و32 جنديا نظاميا.
وأفاد مصدر أمني بأن "تعزيزات من القوات الخاصة انتشرت الأربعاء والخميس من الجهة الشرقية للمدينة، كما وصلت قوات إضافية ستشارك في هجوم مضاد شامل الجمعة أو السبت" على حلب.
وأوضح المصدر أن "من 1500 إلى 2000 مقاتل وصلوا أيضا من خارج المدينة لدعم حوالي ألفي مقاتل من المتمردين موجودين في المدينة"، مشيرا إلى أن هؤلاء ينتشرون في الأحياء الجنوبيةوالشرقية على أطراف حلب، لا سيما صلاح الدين والجوار.
وقال رئيس المجلس العسكري لمحافظة حلب التابع للجيش الحر العقيد عبد الجبار العكيدي في تصريح لنا عبر اتصال في سكايب "وصلت تعزيزات عسكرية إلى حلب، ونتوقع هجوما كبيرا في أي لحظة، لا سيما في المناطق الجنوبيةوالشرقية والغربية الواقعة على الأطراف".
وكتبت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من السلطات الخميس أن "حلب ستكون المعركة الأخيرة التي يخوضها الجيش العربي السوري. وبعد القضاء على الإرهابيين فيها ستخرج سورية من أزمتها".
وقال مسئول عمليات حفظ السلام في الأممالمتحدة "هيرفيه لادسو" الخميس في ختام يومين من المحادثات التي أجراها في دمشق مع مسئولين سوريين وشخصيات معارضة أن "هدف بعثة المراقبين الدوليين في سوريا هو المساهمة في وقف أعمال العنف وهذا يشمل استخدام الأسلحة الثقيلة من جانب القوات الحكومية"، آسفاً ل "ارتفاع وتيرة العنف في شكل كبير" في مختلف المدن السورية. وعلى الأرض، استمرت الاشتباكات في بعض أحياء حلب وترافقت مع قصف مصدره قوات النظام.
وقتل في محافظة حلب الخميس 15 شخصًا هم 11 مدنيا وأربعة مقاتلين معارضين.
وقال مراسلنا في حلب الخميس إن المقاتلين المعارضين يستعدون "للمعركة الكبرى"، وقد اعدوا مراكز لتقديم العلاج للجرحى في أقبية المدارس والجامعات. وأشار إلى نقل طفل في العاشرة من عمره أصيب بشظية قذفت أمامه إلى احد هذه المراكز، إلا انه توفي على الفور متأثرا بجروحه.
وفي العاصمة، وقعت اشتباكات استمرت لبعض الوقت في شارع 30 في مخيم اليرموك (جنوبدمشق)، بحسب ما أفاد شهود والمرصد السوري.
وتواصل القصف على حي الحجر الأسود (جنوب) الذي تستخدم فيه المروحيات، بحسب المرصد الذي أشار إلى "اشتباكات عنيفة مستمرة منذ أمس في الحي المحاصر من القوات النظامية من محاور عدة".
في الوقت نفسه، تعرضت قرى وبلدات في ضواحي دمشقالجنوبية بينها داريا، وبعضها متاخم لحي الحجر الأسود مثل يلدا، لقصف عنيف.
وقال المرصد إن قوات النظام تحاول السيطرة على مدينة داريا التي لجأ إليها عدد كبير من المقاتلين المعارضين بعد انسحابهم من دمشق.
وبلغ عدد القتلى في دمشق وريفها 31 هم 27 مدنيا وأربعة مقاتلين. وبين هؤلاء 16 شخصا هم أربع نساء وخمسة أطفال وسبعة رجال قتلوا في قصف على بلدة يلدا.
من جهة ثانية، أفاد المرصد عن العثور على 14 جثة مجهولة الهوية في حي القابون الذي دخلت إليه القوات السورية أخيرا "قتلوا قبل أيام خلال العمليات العسكرية في الحي".
وفي محافظة درعا (جنوب)، قال المرصد انه عُثر على جثامين اثني عشر مقاتلا معارضا في منطقة العجمي على الحدود السورية الأردنية وفقدان عشرة آخرين، مشيرا إلى إن المنطقة "تعرضت للقصف أمس من القوات النظامية السورية" بينما كان هؤلاء المقاتلون "يساعدون الأهالي الذين يحاولون النزوح إلى الأردن".
وفي محافظة حمص (وسط)، أفاد المرصد عن محاولة اقتحام مدينتي الرستن وتلبيسة المحاصرتين منذ أشهر، وقتل في الاشتباكات أربعة مقاتلين معارضين في تلبيسة فيما استمر القصف على أحياء الخالدية وجورة الشياح والقرابيص في مدينة حمص.
دبلوماسيًا، أبدى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الخميس، من وارسو ثقته بان الرئيس السوري بشار الأسد سيسقط "عاجلا أم أجلا".
وقال "نواصل العمل لوقف المعارك ومن اجل حل بديل يجمع المعارضة السورية ومسئوولين آخرين".
في انقرة، اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان النظام السوري بأنه وضع مناطق عدة في شمال سوريا "في عهدة" حزب العمال الكردستاني، محذرا من أن تركيا يمكنها ممارسة حقها في ملاحقة المتمردين الأكراد الأتراك داخل سوريا في حال الضرورة.
واعتبر أيضا أن إنشاء منطقة عازلة في الأراضي السورية يشكل احد الخيارات الممكنة للتصدي لمتمردي حزب العمال الكردستاني في سوريا.
والتقى وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو مساء في أنقرة العميد مناف طلاس، ابرز ضابط سوري أعلن انشقاقه عن النظام السوري وكان صديق الرئيس بشار الأسد منذ الطفولة.
وأفاد مصور الوكالة أن العميد طلاس الذي وصل إلى تركيا آتيا من السعودية حل ضيفا على مائدة إفطار الوزير التركي.
وأكدت وزارة الخارجية السورية الخميس انشقاق ثلاثة دبلوماسيين سوريين خلال اليومين الماضيين، مقللة من أهمية دورهم ومتهمة عاصمة عربية لم تسمها ب"تمويل وتشجيع" هذا النوع من "الانشقاق على الوطن".
وكانت قناة "الجزيرة" التلفزيونية القطرية ذكرت الثلاثاء أن القائمة بأعمال السفارة في قبرص، لمياء الحريري، وصلت إلى قطر بعد إعلان انشقاقها.
وفي إسرائيل، ذكرت مصادر أمنية إسرائيلية أن إسرائيل تقوم بتعزيز قواتها على طول خط وقف إطلاق النار مع سوريا في هضبة الجولان المحتلة، مع احتدام المواجهات في سوريا.
في روما، وقع معارضون سوريون نداء مشتركا من اجل حل سياسي للنزاع في سوريا، مطالبين خصوصا بوقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين والمصالحة الوطنية.
وفي بروكسل، أكد خبراء في الاتحاد الأوروبي أن الأزمة الإنسانية في سوريا تفاقمت في شكل ملحوظ خلال الأيام الأخيرة، مشددين على الحاجة إلى مزيد من الأموال لبرامج المساعدة التي تبدو غير كافية.
من جهتها، دعت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو "ايرينا بوكوفا "جميع الأطراف الضالعين في النزاع" في سوريا إلى "ضمان حماية الإرث الثقافي الاستثنائي" في مدينة حلب.