علقت عمليات البحث بين حطام السفينة الايطالية المنكوبة كوستا كونكورديا بسبب الامواج العالية الجمعة، بعد اسبوع من الكارثة التي حلت بالسفينة السياحية الفاخرة في مياه البحر المتوسط قبالة ايطاليا والتي يخشى ان تكون ادت الى غرق 32 شخصا. وقال الخبراء ان السفينة نصف الغارقة والمائلة على احدى جانبيها آخذة في الانزلاق من على الصخور التي تثبتت بها وقتيا ما يخشى ان تندفع بالكامل الى عمق البحر اذ انها تتزحزح بمعدل 1,5 سنتيمتر كل ساعة. ومن المنتظر الاستعانة بجهاز الي يتم التحكم به عن بعد الجمعة لتحديد ما اذا امكن ابقاء السفينة التي تزن 114 الفا وخمسمائة طن، في وضع مستقر نسبيا. كما تدرس فرق الطوارئ احتمال سحب السفينة العملاقة التي يبلغ علوها 17 طابقا باتجاه الساحل الصخري بالاستعانة بكابلات ضخمة تحول دون انزلاقها بالكامل ما يهدد بكارثة بيئية فضلا عن احتمال ان يكون احياء ما زالوا على متنها. وقال مسؤول اغاثة لفرانس برس من موقع الكارثة بجزيرة جيليو قبالة ساحل توسكانا الايطالي، ان اجتماعا سيعقد في وقت لاحق الجمعة "وسيحدد على الارجح القرار الذي يتخذ بشأن انهاء عمليات البحث من عدمه". ومع تردي الاحوال الجوية في المنطقة، مدت فرق الطوارئ سلالم من الحبال على الجانب المكشوف من السفينة لتسهيل الوصول اليها، في الوقت الذي تم التحذير من ان الاقتراب من السفينة عبر زوارق مطاطية اصبح من الخطورة بحيث يوصى بتجنبه. ويخشى خبراء الشؤون البيئية وسكان المنطقة القريبة المشهورة بطبيعتها الخلابة وبمحمياتها البحرية ان يتسرب الوقود الثقيل من بدن السفينة العملاقة حيث يقدر ان خزاناتها تحتوي على الفين و380 طنا من الوقود الثقيل فضلا عن مائتي طن من وقود الديزل. وتستعد شركة سميت سالفيدج الهولندية لنزع الوقود من السفينة، غير ان المسؤولين يقولون انه سيتعين تعليق عمليات البحث على متنها قبل نزع الوقود اذ قد تؤدي عمليات النزع الى الاخلال بالاستقرار الهش للسفينة نصف الغارقة. وقال ممثل عن الشركة الهولندية لفرانس برس "نحن مستعدون للبدء بالعملية. كنا مستعدين امس لكننا ما زلنا بانتظار الضوء الاخضر من السلطات. الان نحن نعيد مراجعة عمليات التجهيز لذلك". وتأكدت وفاة احد عشر شخصا جراء الكارثة بينهم اربعة رعايا فرنسيين، وايطالي واسباني بين الركاب فضلا عن اثنين من افراد طاقم السفينة العملاقة وهما نادل من بيرو وعازف كمان مجري كانا على متنها. ولم يتم التعرف على ثلاث جثث بين الجثث المنتشلة حتى الان. وما زال ذوو 21 شخصا في عداد المفقودين حيث اتجهوا الى جزيرة جيليو والبلدات القريبة على الساحل الايطالي. ومن المتوقع ان تتخذ الحكومة الايطالية الجمعة اجراءات تشدد اكثر من تنظيم عمليات سير وتشغيل السفن، بعدما ورد عن ان السفينة المنكوبة حادت بشدة عن مسارها في استعراض اهوج قبالة الجزيرة الواقعة على مقربة من ساحل توسكانا. ومن المتوقع اعلان حالة طوارئ في المنطقة، ما يسهل عمليات الانتشال الواسعة ويساعد في احتواء اي اضرار بيئية محتملة، غير ان الاضرار التي لحقت بالبيئة يعتقد حتى الان انها عند حدها الادنى. وتحدث نحو ثلاثمائة من افراد طاقم السفينة من الفيليبينيين فور عودتهم الى بلادهم عن كيف وجدوا انفسهم بمفردهم يحاولون انقاذ الركاب بعد فرار قبطان السفينة. وقال بنينيو ايناثيو وهو كبير طهاة لصحيفة فيليبين ديلي انكوايرر "ربما فعل القبطان ما رآه افضل ولكنه ارتكب خطأ فادحا". "كان الخطأ في تركه السفينة بينما انشغل الطاقم ونحن منهم بانقاذ حياة الركاب". وبحسب القس الذي كان على متن السفينة، فقد بكى قبطانها "كطفل" بينما عانق القس بعد ساعات من ارتطامها بجزيرة جيليو. وقال الاب رافاييلي مالينا في مقابلة مع مجلة "الاسرة المسيحية" الفرنسية انه كان اخر من غادر السفينة نحو الواحدة والنصف صباحا (00,30 ت غ) السبت ومن ثم بقي "قريبا من المصابين" في مرفأ جيليو الصغير. واضاف "نحو الثانية والنصف صباحا تحدثت الى القبطان. لقد عانقني وبكى كطفل نحو ربع ساعة". وقال القس البالغ الثالثة والسبعين الذي ظل على متن السفينة نحو عشرين عاما "كان هناك ابطال من كافة الجنسيات.. كانوا يرتعشون خوفا، وكانوا يشعرون بالخطر الذي يتهددهم. لقد ابلغوا الناس بالتوقف عن شغل زوارق النجاة التي امتلأت عن آخرها، غير انهم كانوا يندفعون نحوها على اية حال". واعرب القس الكاثوليكي عن غضبه من بعض الركاب "الذين يريدون طلب تعويضات لانهم خسروا مجوهرات بثلاثين او اربعين او خمسين الف يورو". واضاف "مهمتي ان ادافع عن الضعفاء، وليس عن الاثرياء واصحاب المليارات". وفي تلك الاثناء صرح رئيس الشركة المالكة للسفينة في مقابلة مع صحيفة كورييري ديلا سيرا اليومية الايطالية الجمعة ان القبطان نبه الشركة الى حجم الكارثة متأخرا. فقد قال بيير لويجي فوسكي ان أول مكالمة تلقتها الشركة من القبطان فرانشيسكو سكيتينو كانت في العاشرة وخمس دقائق مساء بالتوقيت المحلي (21,05 ت غ) -- اي بعد قرابة نصف ساعة من اصطدام السفينة بالصخور. وجاء اعلان اخلاء السفينة بعد 68 دقيقة من تلك المكالمة. وقال فوسكي "هذه الساعة واكثر من التأخير ليست امرا معتادا، ولا يمكن تبريره.. ليس بمقدوري ان انام ليلا.. لو كان قد تم اخلاء السفينة قبلا لما فقدنا ارواحا بشرية". وقال واصفا القبطان "طالما ظننا انه قبطان كفوء على المستوى الفني.. ولكن ربما هناك نقائص في شخصيته حتى لو لم يثبت ذلك رسميا". وقال فوسكي انه ادرك مدى الكارثة "فقط بعد صدور اشارة الاخلاء"، واضاف "رأيي الشخصي انه (القبطان) لم يكن امينا معنا". "اعتقد انه لم يكن مستقرا من حيث انفعالاته. كان ينظر ليرى بعينيه سفينته وهي تغرق امامه"، كما اضاف. غير ان رئيس الشركة اكد ان القبطان سكيتينو تصرف من نفسه بتوجيهه السفينة نحو الجزيرة "دون ابلاغنا بذلك". ويخضع سكيتينو للاقامة الجبرية في الوقت الراهن ويواجه اتهامات عدة بالقتل الخطأ، وبترك السفينة وبالتسبب في غرقها. وقال رئيس الشركة ان شركته ستعمل في المستقبل على تثبيت اجهزة انذار ساحلية فضلا عن اجهزة الانذار بالسفينة للتحذير في حال انحراف سفينة عن مسارها كما ستزيد من صلاحيات الشركة في التصرف خلافا لاوامر ملاحي السفن. واضاف "لن يحدث شيئا كهذا البتة، لن يحدث ابدا!".