أمين "البحوث الإسلامية" يلتقي واعظات الأزهر ويناقش معهن دعم خطط العمل الدَّعوي    تفسير حلم البكاء - اعرف السر وراء ذلك    ضمن «بداية».. افتتاح معرض مطوبس للملابس والسلع الغذائية في كفر الشيخ    محافظ القاهرة يتفقد قرية الفواخير والمجمع الحرفي بمصر القديمة    238 طبيبا أمريكيا يدعون ترامب إلى التحلي بالشفافية بشأن وضعه الصحي    «الملكي السعودي»: بن سلمان يتوجه إلى مصر في زيارة رسمية    شيخ الأزهر يُعزِّي أسر حادث طلاب «الجلالة» ويدعو بالشفاء للمصابين    يونيسيف: 25 ألف طفل فلسطيني و1027 لبنانيًا بين شهيد وجريح جراء الحرب    حسم موقف عمر جابر من المشاركة مع الزمالك في السوبر المحلي    مصائب مانشستر سيتي فوائد في حسم برشلونة لصفقة هالاند    ترشيح لحسام البدري لتدريب شباب بلوزداد الجزائري    «كفر الشيخ» تشيع جثمان الطالب عبد الرحمن أحد ضحايا حادث الجلالة    انتشال جثمان مسن غارق من أسفل كوبري سلامون بالمنصورة    مغامرة جديدة ل أحمد خالد صالح مع «الفستان الأبيض» بالجونة    أشرف زكي: ختام مهرجان «المهن التمثيلية» حافل بالمفاجآت    اليوم العالمي لغسل اليدين.. عادة بسيطة تنقذ أرواحا    6 أسباب تجعلك تستيقظ من النوم جائعًا    أوراسكوم للتنمية تقترض 155 مليون دولار لسداد جزء من ديونها    محافظ مطروح يتابع نتائج أعمال القوافل الطبية المجانية    وزير الرياضة يفتتح ملعبا خماسيا ويضع حجر أساس لمشروعات طرح استثماري بالأقصر    تعليم النواب توافق مبدئيا على مشروع قانون إنشاء المجلس الوطنى للتعليم    منها "شغلني" و"فرصنا".. التضامن تستعرض جهود مباداراتها للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية    غلق كلي لمنزل ومطلع القوس الغربي بالجيزة.. اعرف التحويلات المرورية    حادث أتوبيس جامعة الجلالة.. تشييع جثمان أحد الضحايا في المنوفية    ‫وزير الرى: مصر حريصة على التعاون مع كافة دول أفريقيا لخدمة قضايا المياه    وزير الإسكان يُعلن عن أكبر طرح للأراضي السكنية المتنوعة ب20 مدينة جديدة    لأول مرة.. المتحف المصري الكبير يكشف عن 24 ألف قطعة أثرية قريبا    تصاعد أزمة مبابى بالسويد واتهامه بشكل مباشر فى قضية الاغتصاب    تفاصيل استخراج رخصه بناء جديدة والأدوار المسموح بها    "مخاطر الإدمان".. محاضرة تثقيفية بمكتبة صلاح شريت بأسيوط    فاروق جعفر: الزمالك لم يستفيد من الصفقات الجديدة.. وهذه رسالتي إلى حسين لبيب    محافظ أسيوط يشهد فعاليات "سلامتك تهمنا" لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية    مدبولي يتابع موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي على مستوى الجمهورية    وزير الإسكان يتابع مشروعات إعادة إحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية.. فيديو    رئيس جامعة القاهرة يوجه بتكثيف اللقاءات الفكرية بين الطلاب وكبار المفكرين والعلماء والإعلاميين    محافظ الشرقية يُشيد بجهود وحدة حماية الطفل    الأهلي يواجه النجم الكونغولى اليوم فى ختام مجموعات بطولة إفريقيا لليد    "لا يسخر قوم من قوم".. تعظيم حرمة الإنسان وعدم التنمر موضوع خطبة الجمعة    وزير الأوقاف السابق يدعو إلى وقف العدوان على غزة ولبنان    تحرير 1138 مخالفة تموينية متنوعة بالفيوم خلال أسبوعين    الاحتلال يعتقل 25 فلسطينيا من الضفة    وزير الصحة: 5 محاور بالمؤتمر العالمى للتنمية تلتزم بمعالجة التحديات الصحية    الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا الاحتلال بغزة إلى 42344 شهيدا و99013 مصابا    شقيق مؤمن زكريا يدعى مدنيًا بمبلغ 100 ألف وواحد ضد المتهمين في واقعة السحر    محافظ أسيوط يتفقد مبادرة رئيس الجمهورية للكشف عن أمراض سوء التغذية    "الصليب الأحمر" تناشد العالم المساعدة في إيصال الاحتياجات الطبية لشمال غزة    عيد حصاد التمور والزيتون في سيوة.. أفراح ببدء موسم الخير والتصدير وحفلات الزواج (صور)    «بجبر بخاطر المشاهدين».. أقوال صادمة للزوجة المسحولة بسبب فيديوهات تيك توك    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-10-2024 في محافظة قنا    حار نهاراً ومعتدل الحرارة ليلًا.. حالة الطقس اليوم    ما هو حكم الشرع في أداء كفارة اليمين.. الإفتاء تجيب    3 غارات اسرائيلية على محيط مدينة بعلبك وبلدة في البقاع شرق لبنان    حاول التحلي بالمرونة حتى لا تصاب بالإرهاق الذهني.. برج الحمل اليوم 15 أكتوبر    اليوم.. محاكمة المتهمين في واقعة فبركة سحر مؤمن زكريا    وكيل الصحة بالسويس يطمئن على مصابي حادث أتوبيس الجلالة    داعية إسلامية: "مش بحب الأكل ده" يعتبر كفران بالنعم    وسط حضور جماهيري كبير.. 20 صورة من حفل نسمة محجوب بمهرجان الموسيقى العربية    الإسماعيلي يخوض معسكر استعدادي للموسم الجديد ب قطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم فى معتقل الفيوم
نشر في منصورة نيوز يوم 02 - 05 - 2013

span style=\"color: rgb(0, 0, 0);\"span style=\"font-family: verdana,geneva,sans-serif;\"معتقل الفيوم الصحراوي عام 1996 ...تقرير لأمن الدولة يرصد الحالة النفسية المرتفعة للمعتقلين ....امن الدولة تصدر قرارات صارمة على الفور
وفي صباح اليوم التالي ..تقوم مصلحة السجون بحملة تأديبية على معتقل الفيوم الذي يضم قرابة ال20 الف معتقل اسلامي
وقتها كنت حديث الاعتقال ..حين ايقظني احد الاخوة وهو يقول "تفتيش يا اخي ..ربنا يستر" ..نظرت حولي فوجدت الجميع في حالة من الارتباك والحركة السريعة ...هذا يخفي ملزمة ورقية صغيرها تحتوي بعض جزاء من القران الكريم ..والأخر يقوم بغسل الحائط من بعض الايات التي كتبها على الحائط عن من يحفظها حتى يستطيع هو حفظها ...وثالث يخفي شفرة حلاقة مهربة نستخدمها جميعا للنظافة الشخصية ..ورابع استقبل القبلة ورفع يديه للسماء يطلب الرحمة من الله تعالى .
لم اكن ادرك سر هذا القلق والذعر حتى فتحت باب العنبر الذي يضم 18 زنزانة ...كان اول ما سمعته صوت كلاب تنبح بشراسة ..ثم بدء العساكر يطرقون ابواب الزنازين بعصيانهم بقوة لإحداث حالة من الرعب في قلوب المعتقلين المفزوعين اصلا
كان العساكر يسبون ويتوعدون ويهددون وكأنهم على ابواب معركة كبري
قام احد الضباط بالمرور على جميع الزنازين لإلقاء التعليمات ...كانت ثلاث جمل يكررها امام كل زنزانة ..الكل يخلع ملابسه تماما باستثناء الشورت الداخلى ...كله يعصب عينيه عينه جيدا ...كله يقف وشه للحيطة في الجهة المقابلة للباب
ثم فتحت أول زنزانة في العنبر سمعت الضابط يصرخ: كله يطلع بره ..بره بره يا ابن كذا وكذا انت وهو ..بعد هذه الجملة بثواني سمعت صرخات جماعية رهيبة لم اسمعها من قبل ..ارتفعت صرخات المعتقلين فشقت عنان السماء واختلط معها نباح الكلاب وصوت الصواعق الكهربائية ..كانت لسعات العصيّ اكبر من تختفي وسط هذا المزيج المرعب ..نظرت في وجوه اخواني في الزنزانة فوجدتها مرسومة بالرعب والفزع ... الالسنة كلها تلهث بالدعاء ..كان قلبي يخفق بسرعة غريبة ..احاول السيطرة على اعصابي فأفشل ..شعرت بألم حاد في معدتي ..وقفت امام دورة المياه في طابور من خمسة معتقلين ..شعروا بسوء حالتي وصغر سني وقتها فأدخلوني ..في الحمام حاولت ان اسيطر على نفسي وان اتنفس بعمق ، ان اصم اذني عن هذه الاصوات القاتلة التي تزلزل قلوبنا منذ اكثر من نصف ساعة متواصلة
اختفت الاصوات فجأة ..خمس دقائق ..ولد في قلبي امل ان يكون الطغاة قد رحلوا ... ثم بدء نفس الصوت الوحشي يصرخ من بعيد ..كله يطلع بره ..بره يا ولاد كذا..وبدء الصراخ من جديد يعلوا ..كان الصراخ الاول خاص بأهل الزنزانة الاولى فقط ..والثاني بأهل الزنزانة الثانية وهكذا ...كل زنزانة تفتح بمفردها ..يخرج منها قرابة العشرين معتقل فتنهال العساكر والكلاب والضباط والمخبرين عليهم ضربا وصعقا وحرقاً بالسجائر ونهشا من الكلاب لمدة تتراوح بين 30 او 40 دقيقة كاملة ثم يسحبون ويلقون في الزنزانة التي لم يعد فيها شيء سوى الارضية الخراسانية الغارقة في الزيت والصابون وبقايا الطعام والملابس
ساعات طويلة وثقيلة مرت وأنا اقف على قدمي معصوب العينان ومجردا من ملابسي ووجهي للحائط بانتظار دوري في السلخانة البشرية ..كان الهول اكبر من الشعور بالتعب كان الهول اكبر من الشعور بالعري ..كان الهول أكبر من الشعور بالجوع والعطش ..كان الهول اكبر من الحياة نفسها ...
وسبحان الله في هذا الهول المستعر كنت اجد كفاً حانية تربط على كتفي قائلة "اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ "
كان الجميع يعلم اني أصغرهم سنا ..وأحدثهم سجنا وهذه اول مرة اتعرض فيها لمثل هذا الموقف الذي تكرر عليهم مرات عديدة من قبل .
بدء الصراخ يقترب شيئا فشيئا وأدركت اني على بعد ساعة واحدة فقط من الدخول في هذه التجربة القاسية المفزعة .
كشفت العصابة عن عيني وقلت ولاخواني ..كيف نستسلم لهذا ؟ ..انتركهم يقتلونا بهذه الوحشية دون ان نقاوم ..اذا كنا سنتعذب وسنجلد فلماذا لا نشتبك معهم فنضرب ونضرب !؟
اثارت هذه الكلمات استيائهم بشدة ..قال احدهم يا اخي لو فعلنا هذا سنقتل وسيقتل كل من في المعتقل ..احدهم حاول تخفف قلقي فقال : بص يا خالد انت فاكر لما كنت في المدرسة وتطنش الواجب وتروح تأني يوم وانت عارف ان الاستاذ هيضربك ..قلته ايوه ..قالي .. اعتبر الي هيحصل كمان شوية حاجة زي كده وعلقة تفوت ولا حد يموت ...لم اكن اصدق اني استطيع الضحك في مثل هذا الموقف لكني بالفعل ضحكت وضحك الناس حولي ..حقيقة كانت ضحكاتهم مريرة تشبه البكاء ..بدء الكل يبتسم في وجه الاخر ابتسامة متكلفة تحاول جاهدة اضفاء الطمأنينة وإخفاء الفزع الذي يغلى في الصدور
انتقل الصراخ إلى الزنزانة المجاورة تماما لنا ..كان اشد فزعا ورعبا وقسوة مما سمعناه من قبل ...الكل انهمك في الدعاء والذكر
صرخ الصوت الوحشي في زنزانتنا ..شد الغماية على عنيك يا ابن كذا انت وهو ... كان السباب يؤلمني اكثر من صراخ المعتقلين المعذبين رددت في نفسي بل"أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ"
فتح باب الزنزانة وصرخ الصوت القاتل مرة اخرى بره يا ابن كذا بره ..بره ..
وضع كل منا يده على كتف اخيه وخرجنا في طابور واحد بمجرد اقترابي من باب الزنزانة هوت على ظهري عصى فشعرت انها شقته نصفيين ..توقف لبرهة مشلولا فدفعني احد الاخوة امامه وقفنا جميعا امام الزنزانة وجهنا للحائط وظهورنا للجنود الذين الهبوها ضربا بالسياط والعصيّ .
كانت السياط تنهال على ظهورنا تزاحمها العصّي والصواعق الكهربائية وإعقاب السجائر المشتعلة ..فقدت الشعور بالزمن والواقع وبكل شيء باستثناء الالم الرهيب
كان هناك شاويش يمسك كلبا ضخما ويمر به علينا فردا فردا يسأل المعتقل :أسمك ايه ..فيجيب المعتقل باسمه ..فيرد الشاويش لأ ... أنت اسمك فيفي عبده ..ها ..اسمك ايه ؟ ثم يغمز الكلب فيقفز على ظهر المعتقل بمخالبه الحادة .
صعقت من الموقف .لم اصدق اذني ان هذا يحدث .. صرخ احد الشباب بجواري مباشرة والكلب ينهش ظهره ..اسمي محمد ... أسمى محمد كان الشاويش يقسو عليه وهو يجيب محمد ان شاء الله ...محمد ان شاء الله .
كان يبكي بحرقة وهو ينطق باسمه ويقدم المشيئة استعانة بالله و رجاءً ان يثبت قلبه
بكيت وأجهشت في البكاء لحال اخي ...كان الشاويش ميت القلب يصرخ فيه كل مرة: أسمك ليلي علوي يا ابن الزانية ..كان العسكر قد تحلقوا علي هذا المعتقل بكل ما يملكون ..وهو يصرخ تحت يديهم وأرجلهم وعصيهم وكلابهم ..محمد ان شاء الله ..محمد ان شاء الله ...
وجدتني تلقائيا اصرخ بأعلى صوتي ...يا رحمن يا رحمن ....يا رحمن .. كنت اصرخ رغما عني ..فزع الجنود واحسست بارتباكهم وسمعت الضابط يزعق هات الحلاق لأولاد الكلب دول ..تقدم الشاويش بكلبه مني وقال: قول يا ابن كذا ان اسمك المومس فلانه - أسم ممثلة مشهورة بالعري والفاحشة-
كان لساني يصرخ رغما عني يا رحمن يا رحمن ..يا رحمن
اقترب مني شخص وصفعني على ظهري بقوة وقال اجلس ..جلست وأنا اشعر بمكينة الحلاقة تأكل شعري من المنتصف وترسم صليبا على راسي فقط
مر الضابط خلف بالصاعق الكهربائي وسألني عندك كام سنة ..قلت 19 سنة ..قال مين الي بيأذن للصلاة في العنبر؟..أجبت معرفش ..صعقني في ظهري بقوة ثم مضي ..
امسك جندي بيدي وقدمي والقاني داخل الزنزانة ثم اغلق الباب
رفعت العصابة عن عيني ونظرت فوجدت جميع اخواني ملقون على الارض الخراسانية ودمائهم تنزف وجروحهم تثعب ..حلقوا لحاهم جميعا ورسموا صلبان على رؤوسهم
كانت الاجساد زرقاء ودامية ..الجميع مطروحون على الارض بلا ادني قدرة على الحراك ..لا يتحرك فيهم سوى السنتهم التي ما تزال تلهث بذكر الله ... قام احد الاخوة إلى دورة المياه وجاء بجردل كبير مملوء بالمياه وألقاه علينا وقال" نعيماً يا رجاله"
انفجر الجميع بالضحك الهستيري ..علق احدهم قائلا ..الا قولي يا اخويا ..هو انا كشفت ولا لسه ؟
نظر اخر أليّ وقال ..عشان تبقه تعمل الواجب بعد كده ..ضحكنا كما لم نضحك من قبل
وحين وضعت يدي على وجهي كنت احاول ان اتغلب على دمعتي الساخنة لكنها أبت على الا ان تزرف رثاء على خيرة شباب مصر وما يحدث لهم في معتقلات مبارك لأنهم فقط قالوا "ربي الله "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.