منذ البدايات الأولى لانطلاق الإعلام الفضائي المصري بما يشمله من جرعات رياضية كبيرة تحولت بعد ذلك إلى برامج جماهيرية لها وزنها، لم يكن هناك سوى أحمد شوبير نجم واحد يتلألأ في سماء الإعلام الرياضي، ينتظره الجميع بشغف وتجلس أمام برنامجه الجماهير في مصر والعالم العربي .. يملك كل الجديد ويأتي بما يريده الأخرون ويعرض القضايا بالطريقة التي ترضي شغفهم، فكان له أن يحصل على لقب الأفضل وحق له التمتع بتلك الشعبية الجارفة، لكن وعلى الرغم من ذلك أعلنت الفترة الأخيرة عن تراجع كبير في نجوميته وبدت الأمور وكأنها لن تسير في صالحه إلى مالا نهاية، فالنجاح قد يتبعه خفوت، والوصول للقمة قد يخلفه التراجع. فعلى مدار ما يقرب من ثماني سنوات كتب فيها شوبير قصة نجاحه الجماهيري بحروف من ذهب وصعد إلى القمة بعد كفاح كبير، من برنامج مغمور في القناة السادسة إلى آخر يمتد لما يقرب من ثلاث ساعات في قناة دريم الفضائية يتناول أحدث الأخبار والقضايا الساخنة ويأتي بكل جديد لدى الرياضيين في الملاعب وخارجها ويحصل على السبق من صاحب الأزمة وينفرد بالصفقات الساخنة والتصريحات المثيرة للجدل، مع أداءعبقري وتقاسيم وجه متلونة بين الحزن تارة والفرح تارة أخرى وبين العتاب والغضب أو المدح والإشادة، كلها أمور حولته من برنامج رياضي عادي إلى فقرة رياضية مطولة وممتدة حتى الصباح ينتظرها في يوم العطلة كل بيت مصري، واختذلت في نظر الجماهير اسمه الحقيقي "الكرة مع دريم" في كلمة واحدة هي "شوبير". وفي الوقت الذي امتلك فيها حارس الأهلي السابق زمام الأمور وصال وجال في ساحة خالية من المنافسين طيلة السنوات الماضية، سواء في التليفزيون المصري بعد أن خلع عباءة "دريم" أو في تليفزيون "الحياة" الذي حصل فيه على حقه من الظهور وعلى عدد مفتوح من الساعات يناقش قضاياه بكل حرية على طريقته الخاصة، اطلعت نهاية عامنا الحالي على أول تراجع إعلامي للنجم الكبير ظهرت بهذا الوضوح أمام المنافسين .. فللمرة الأولى تهتز القمة تحت أقدامه وللمرة الأولى يصفق الجمهور لآخرين فبعد سنوات طور خلالها شوبير الإعلام الرياضي المصري وأثرى هذا المجال، بل إننا لا نبالغ إذا قلنا إنه وضع النموذج الأول وحجر الأساس للإعلام الرياضي الفضائي، بدى وكأنه قرر التخلي طوعاً عن قمته، فها هو خالد الغندور رغم "كلامه الكتير" ووجهة نظره الحاضرة دائماً في معالجته للقصايا الرياضية على الساحة، وقد بدأ يسرق الأضواء، خاصة في الفترة الأخيرة وكان له السبق في أكثر من مناسبة بحلقات ساخنة، ففي الوقت الذي اختار فيه شوبير أن يحاور ضيوفه بهدوء شديد لا يتناسب مع حجم القضايا المشتعلة في الوسط الرياضي مؤخراً، كانت الجماهير على موعد مع مكالمة أثلجت الصدور مع السيد علاء مبارك، وفي انتظار حلقة ساخنة أبطالها "ميدو" وحازم إمام وإبراهيم حسن عن الجزائر في دريم، فسرق الغندور بمساندة فعالة من رئيس تحرير برنامجه أسامة خليل الأضواء، وانتصر للمرة الأولى بعدما توارى في أغلب الأحيان. ولم تكن البرامج الجديدة بعيدة عن الأحداث، خاصة بعدما استطاع إبراهيم حجازي أن يخرج سريعاً من عباءة "مودرن سبورت" ففرض نفسه على التليفزيون المصري عبر قناة النيل للرياضة، وفي الوقت الذي كان يتابع فيه أحداث السودان عن كسب وبات هاتف برنامجه في حلقاته الأولى ملجأ المصريين في الخرطوم، كان شوبير مهموماً باصلاح صورته بعد تكريم جريدة الشروق، ومشغولاً بتبرير موقفه أمام الرأي العام بعد زيارته للجزائر. أما محمد شبانة في "كورة أون لاين" فقد أعلن المصداقية شعاراً له، وعلى الرغم من أن طبيعة برنامجه معتمدة في الأساس على الأخبار التي تنشرها مواقع الإنترنت إلا أنه استطاع أن يتعامل مع الخبر الموجود بالفعل بشكل جيد وأن يحقق الإنفرادات من ورائه، وهي مهمة صعبة للغاية، وكان في قلب الحدث خلال الأزمة الأخيرة عندما قدم حلقة مشتعلة مع النائب رجب حميدة تحدث خلالها بالأوراق والمستندات عن سقطات اتحاد الكرة، في الوقت الذي كان فيه شوبير يهاجم الاتحاد بضراوة أيضاً، لكن بطريقة بدت وكأن ورائها هدف شخصي أو مآرب بعيدة ليس لها علاقة بالأزمة. هذه البرامج ما هي إلا نماذج لعدد كبير استطاع أن يثبت نفسه على الساحة في الفترة الأخيرة ويحقق للمرة الأولى الإنتصار على الإعلامي الكبير الذي بدأ يخفت ويتوارى لأسباب بعضها يعود إليه والبعض الأخر يشير بأصابع الإتهام إلى من حوله ..فالجانب الذي يخصه يتعلق بالعداوات الكثيرة التي صنعها لنفسه واستفاد منها الأخرون فحققوا السبق، فها هو الغندور يستضيف سمير زاهر بعد تعرضه لوصلات التقطيع "الشوبرية"، وها هم أعضاء روابط الألتراس وقد باتوا نجوماً وضيوفاً تتهافت عليهم القنوات المنافسة، وها هو الكابتن حسن شحاتة وقد رفض ان ينسى إساءات الماضي وبات يتذكره بتلميحات اللوم والعتاب كلما سنحت له الفرصة. أما الجزء الثاني من الخطأ فتقع مسئوليته على الطاقم المساعد له، فمجموعة الإعداد أصابها حالة فجائية من الكسل، وبدأت تعتمد على الأخبار التي تنشرها مواقع الإنترنت بعدما كان لها السبق في أغلب الأحيان،. اخترت مجدداً أن أكتب عن شوبير رغم ما أجده من هجوم على شخصي وإتهامات ليس لها أساس من الصحة كلما فعلت ذلك، غير أنني أثق في أنه سيأتي اليوم الذي يتفهم فيه الجميع إنبهاري بهذا الكادر الإعلامي العبقري بعيداً عن مواقفه الشخصية، وكلامي عليه مجدداً ما هو إلا رسالة مفادها أن الأفضل لا يجب أن يتوارى، وسؤال يبحث عن إجابة هل هي إستراحة محارب أم إنها رحلة إلى القاع بلا عودة؟