ينظم عدد من طلاب الجامعات المصرية في الثانية ظهر الثلاثاء المقبل، وقفة رمزية على كوبري عباس في (يوم الطالب المصري) إحياء لذكرى مقتل طلاب الجامعات المصرية على يد قوات الشرطة بعد الحرب العالمية الثانية، بعدما خرجوا في مظاهرات تنديدًا باستمرار الاحتلال الإنجليزي في إدارة البلاد، وقامت الشرطة بمحاصرتهم على الكوبري وبعدها قامت بفتح الكوبري ليسقط العشرات من الطلاب في نهر النيل. ويتجمع الطلاب في الواحدة ظهرًا أمام جامعة القاهرة وبعدها يتوجهون إلى كوبري عباس للبدء في تنظيم الوقفة الاحتجاجية، ومن ثم ينطلقون في مسيرة حاشدة إلى مجلس الشعب المصري، للتعبير عن رفضهم لاستمرار المجلس العسكري في إدارة البلاد-بحسب منظمي الوقفة. الجدير بالذكر، أنه بعد اغتيال أحمد ماهر- رئيس الوزراء آنذاك، كلف الملك محمود النقراشي باشا بتشكيل الوزارة في 24 فبراير 1945م، وبدأت تظهر بوادر تناقص شعبية فاروق، بعدما تسببت الحرب العالمية الثانية في تغييرات اجتماعية واقتصادية في الشعب المصري أخرجته عن وداعته وحلمه وتفاؤله وألقت به في أزمات خانقة جعلته أكثر تشاؤماً وواقعية، لذلك لم تفلح معه حملات الملك الدعائية التقليدية. وحاول النقراشي إعادة فتح باب المفاوضات مرة أخرى مع بريطانيا حول الجلاء، وحاول إحياء اتفاق "صدقي-بيفن" الذي أفشلته المظاهرات الشعبية واستقالة صدقي، فتقدمت حكومته في 20 ديسمبر 1945 م بمذكرة للسفير البريطاني بطلب بدء المفاوضات حول الجلاء، وكان الشعب المصري تحدوه آمال عريضة في قرب الاستقلال بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية وتأسست الأممالمتحدة التي أخذت تلعب دوراً مناصراً للشعوب في تقرير مصيرها. ولكن الرد البريطاني في 26 يناير 1946 عاد وأكد علي الثوابت الرئيسية التي قامت عليها معاهدة 1936م، والتي أعطت مصر استقلالاً منقوصاً يتمثل في بقاء قوات بريطانية في مصر لتأمين قناة السويس، فكان الرد البريطاني بمثابة صفعة لكل آمال الشعب المصري، فاندلعت المظاهرات العارمة للطلبة في كل أنحاء مصر تطالب بالجلاء وقطع المفاوضات. وفي يوم 9 فبراير 1946م خرج الطلبة في مظاهرة من جامعة فؤاد الأول (القاهرة) إلى قصر عابدين وسلكوا طريق كوبري عباس، وتصدى لهم البوليس وحاصرهم فوق الكوبري وتم فتح الكوبري أثناء محاصرة الطلبة، فسقط العديد من الطلبة من فوق الكوبري وقضوا غرقًا في النيل. أطلق البعض على هذا الحدث "مذبحة كوبري عباس"، واختلف المؤرخون حول تحديد المتهم الأول في هذا الحادث الأليم، كما اختلفوا في ضخامة الحدث نفسه، فالكثير ألقى بالتبعة على رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي الذي كان رئيساً للوزراء وكان يتولي وزارة الداخلية أيضاً في تلك الوزارة، فاتخذ إجراءات قمعية ضد مظاهرات الطلبة وأطلق يد البوليس في استخدام العنف ضدهم، وآخرون اتهموا حكمداري القاهرة راسل باشا، والجيزة فيتز باتريك باشا، لأنهما المسؤلان عن قمع مظاهرات الطلبة باستخدام أساليب غاية في القسوة.