حريق المجمع العلمي يمثل كارثة حقيقية بكل المقاييس على مصر، فهناك من تعامل مع هذه الكارثة على أنها استكمال لأحداث فوضى كثيرة عانت منها مصر طوال الأيام الماضية من حرائق وسرقات وأعمال بلطجة وقتل والبعض لفت الانتباه إلى أن هذا المجمع هو صورة مصر أمام العالم، وكارثة وطنية وحضارية لا يمكن أن تتكرر، والأهم هو حريق لتراث استمر المصريون في جمعه منذ أن كان نابليون بونابرت على رأس الحملة الفرنسية وقيامه بعملية تأريخ لكل ما حدث قبل الحملة الفرنسية، وخلال وجودها ثم استمر المصريون في الجمع حيث كان المرجع الرئيسي لكل مؤرخي مصر لاسترجاع التاريخ المصري، حاولنا معرفة رأي كتاب ومخرجي الدراما الذين كانوا أيضا يستعينون ببعض كتبه في أعمالهم حول هذه الكارثة، فقالوا: المؤلف محمد صفاء عامر، يقول: مشهد الحريق في المجمع العلمي وهو من أهم الأماكن الثقافية في مصر يذكرني بحريق دار الأوبرا المصرية 2 أكتوبر 1971، فأنا أشعر بخيبة أمل واحساس بالحسرة أن النسخة الأصلية من كتاب وصف مصر لم تعد موجودة في مصر، وما قيل إنها موجودة في مكتبة الاسكندرية شىء غير مؤكد، وأنا انتظر المجلس العسكري أن يدلي ببيان ليخبرنا فيه عن «خيبتنا» عن الوثائق التي احترقت، وهذا بداية لسوء سمعتنا أمام العالم كله فسيكون سبة في تاريخ مصر، ولا يوجد أي مبرر لاستخدام العنف المفرط بهذا الشكل في ضرب المتظاهرين وهتك أعراض البنات وهذا الأسلوب سبق التعامل به في ميدان التحرير وموقعة محمد محمود والبالون وماسبيرو ورغم ذلك لم نجد حتي الآن أحد المتورطين في هذه الكوارث تم حسابه أو الاعلان عن معاقبته. ويتحدث الكاتب يسري الجندي: حريق المجمع العلمي لا يمكن التعامل معه على أنه حدث عادي أو كارثة مثل الكوارث التي أصبحت تحدث يومياً في مصر، لأنه ليس مجرد قيمة اقليمية أو قيمة فنية او دينية لكنه صورة مصر امام العالم فهو قيمة دولية بها تاريخ الانسانية والبشرية، كلها فهو حدث مدبر ومخطط له بشكل واضح ويظهر ذلك لعلامات النصر التي يرفعها البلطجية على شاشة التليفزيون بعد سعادتهم بهذا الحريق وهو تنظيم عصابي منظم واستكمال لحريق الكنائس والمساجد واستكمال لسلسلة المآسي التي تعاني منها مصر، وأنا أتساءل منذ بداية الثورة وحتى هذه اللحظة لماذا لم يتم جمع البلطجية من مصر بعد الثورة وهذا امر سهل لأن هؤلاء البلطجية رباهم النظام السابق وزاد عددهم وجعلهم المتحكمين في البلد أكثر من نصف مليون بلطجي في مصر يستطيع المجلس العسكري اذا أراد أن يجمعهم في 24 ساعة لأن اسماءهم موجودة في الوزارة وهم رجال مبارك فليفعلوا مثلما فعل ممدوح سالم مع البلطجية قبل حرب اكتوبر، إذا أخذنا هذه الخطوة لكان الأمر اختلف تماما من فتن ومخططات فأنا لا أفهم تساؤل المجلس عن المسئولين عن ذلك لأنني اعتبر ان المسئول الأول عن هذه الأحداث هو المسئول عن ترك هؤلاء، وفي النهاية لست متشائماً فما زالت هناك فرصة لتدارك الأخطاء لكن في يد الجيش ان يستخدم الآن قانون الطوارئ بشكل محترم مع هؤلاء الذين يدمرون البلد. أما المخرج محمد خان، فيقول: حريق المجمع كارثة بكل المقاييس والمشهد الموجود في وسائل الاعلام بالشخص الذي يوجه «المولوتوف» الى الشباك هو نفسه الذي يضرب الفتاة ويرتدي خوذة الجيش وهذا امر يطرح العديد من التساؤلات المخيفة، وأنا متخوف لهذه المتناقضات، في الحقيقة أنا أبعد الأيادي الخفية عن فكرة أنهم اختاروا المجمع العلمي ببساطة لأن الموجودين في التحرير لم يعلموا ان حريق هذا المجمع سيكون اتلافاً لتراث مصر أم لا لأن المجمع لم يكن بالشهرة التي يعرفها الأطفال ويعرف ان حريقها سيترك مصيبة في جبين مصر». وفي النهاية يتحدث المخرج محمد فاضل، قائلا: هذا الحريق هو استكمال لسلسلة محاولات التخريب المستمرة في مصر منذ بداية الثورة وهي خطة مدبرة منذ سرقة المتحف المصري مروراً باضطرابات وحرائق كثيرة من أجل تشويه صورة الثورة ولا أعتقد أن ثوار 25 يناير لم يحملوا في يديهم قطعة سلاح واحدة ولا يمكن أن يقوموا بحرق المجمع ولا حتى قطعة زجاج في ميدان التحرير لأنهم يوم خروجهم كان بهدف الحفاظ على البلد وليس تخريبها والثوار كان اعتصامهم سلمياً لمدة 11 شهراً رغم الاستفزازات الكثيرة التي يقوم بها رجال الأمن أياً كانوا سلطة مدنية أو عسكرية، ولذلك أنا أؤكد أنه حادث مدبر ومؤامرة يجب أن يكون هناك ضمير وطني لدى المسئولين عن التحقيقات ولو لمرة واحدة ليخرجوا ويصرحوا بأسماء الجناة بدلاً من هذا الصمت غير المبرر والذي نواجهه كل يوم خلال أحداث مؤسفة مثل هذه، فمن حق الجهات الأمنية ان تقبض على أي مشاغب وتعامله كمتهم حتى تثبت ادانته ولكن ليس من حق أي جهة ان تضرب بالحديد على رؤوس المتظاهرين، لن تنعم مصر بسلام الا اذا كان هناك حسن النوايا وتدخل العقلاء مثلما حدث في مجزرة محمد محمود والمطلوب انهاء التوتر لأن التاريخ لن يخفي ولن يتستر على أحد.