ألم تدلك ألوانك بعد على لوحاتي؟ ويرشدك قلمك إلى واحات كتاباتي؟ حيث تنبت زهور الكلمات شذاك.. وتموج بحيرات الجمُل بنور عينيك؟ ألم يلهمك الوحي في صلاتك بدعوات هذه الصغيرة الخاشعة من أجلك.. بعيداً عنك.. ألم تحمل إليك قطرات الشتاء رسائلي؟ وتخبرك عما فاض به خاطري؟ ألم يفهموك بعد أني من شدة حبي لك، من شدة حنيني إليك، من شدة إيماني بك.. أهرب منك؟!.. ألم يخبروك أني حين أتخلف عن رؤياك أعود لزيارة كل مكان علمت أنك خطوت فيه.. علّ عيوني تتعلق بنظرة ألقيتها هنا أو هناك.. علّ كفي يلامس دفء يديك.. علّي أتمشى على خطاك وأتنفس عطرك العالق في أرجاء المكان؟!.. ألم تعي أنني أشعر بالقوة كلما كنت بجانبي.. أن اهتزازي كله يغيب عني.. أني حين أراك، رغم دقات القلب، رغم رفرفة الروح، أشعر بشيء.. من التوحد.. من الاكتمال.. ومن الأمان؟!.. ألم تعي أنه بالداخل خلف الثبات والقوة التي يراها الآخرون.. وخلف الضعف والطفولة الذين تراهما أنت.. هناك امرأة أخرى غير هذه و تلك.. هي التي تحركني، وهي التي تحييني.. وهي التي تسكنني.. حين يذوب الكون كله.. إلا منك..؟! ألم تعرف لمن كانت الزهرة الثانية يوم غنت أم كلثوم في حفل.. حضرته وحدي؟!.. ألم يصلك بَعد أن كل ابتسامة تفتر عنها شفتاي لك نصيب فيها؟ أن كل كلمة تُكتب، كل نغمة تُعزف، كل دمعة تُسكب.. لك يا حبيبي ذكرى فيها؟ ألم تدرك أن تفاصيل الكون كله كامنة في يديك.. وأن سطور يديك جميعًا محفوظة خلف جدار القلب؟ يا من بيده مفاتيح الكون كله.. يا رجلا كالطفل الذي تتوق لاحتضانه.. والأب الذي لا ترجو سوى الارتماء بين ذراعيه.. صاحب هذه الضحكة العذبة، هذه النظرة اللانهائية.. السُمرة الدافئة، الحلم الطاغي.. البساطة المستحيلة.. واللغز الدائم.. أدركني.. أدركني.. ولا تمر عليّ مروراً ساكناً خافتاً كأني طيف يرش بعضا من النور فتبصر وتنساه.. لا تذهب ظاناً أني أحمل قلباً طفولياً فاتراً.. أنا أذوب هنا من أجلك يا سيدي.. فبحياتك أنجدني.. منذ اللقاء الأول.. علمت أن ما من رجل سواك سيدخل قلبي.. ودخلته يا سيدي.. دخلته وأتلفت ما أتلفت.. وأحييت ما أحييت.. و طائر أنت في الأرجاء.. و ثابتة أنا على الأرض.. أتنفسك.. عبر النسيم.. عبر رذاذ المطر و نور الشمس.. إن كنت تريد العودة.. فعد.. عد وخذني إلى سماواتك، أطير إليك.. وإن كنت تريد المضي.. فامضِ.. امضِ.. لكن اترك لي بعضا من روحك.. اترك لي وردة بيضاء.. أغنية فيروزية.. وقصيدة بحرية.. علّك تعود يوماً إليّ و تأخذهم.. فأنهل من دفء عينيك مجدداً و تنفخُ في أيامي المزيد من العمر والرمق.. فأنا أحبك.. أنا امرأةٌ علقت في عشقك إلى الأبد.. نشرت بمجلة كلمتنا شهر 5 / 2010