لا شك أن الحل المقترح من المجلس العسكري، بإجراء استفتاء علي بقاء أو رحيل المجلس العسكري، هو أسوأ الحلول جميعا لأنه سيشتت الناس ويفرقهم ويشغلهم، وفي حالة أن نتيجة الاستفتاء هي رحيل المجلس سنكون قد أضعنا وقت طويل للوصول لهذا القرار دون أن نكون قد وصلنا للبديل بعد. وإذا قالوا نعم لبقاء المجلس يمكن ان يستمر البعض في الاعتراض علي بقاء المجلس العسكري بسلطاته، بل سيحكم وقتها المجلس بشرعية استفتاء تخوله البقاء فترة أطول أو التشدد أكثر في استعمال سلطاته وفي التدخل في إدارة الفترة الانتقالية بما لم يعد أحد يحتمله. وللخروج من المأزق، يمكن التوصل إلي ثلاثة حلول منطقية، هي كالآتي: 1- تشكيل حكومة إنقاذ وطني بسلطات تنفيذية كاملة لها مطلق الصلاحيات ويتم تشكيلها فورا ويستعاد الأمن وتجري الانتخابات البرلمانية وتنتقل السلطة نهائيا.. مع بقاء المجلس بدون سلطات الا ما يتعلق بالأمن الخارجي والداخلي وإقرار ما قد تحتاجه البلاد وتقترحه الحكومة من أي مرسوم بقانون لحين انتخاب مجلس شعب جديد، ومن ثم ينسحب المجلس نهائيا من أي دور سياسي فور انعقاد البرلمان. ومن ثم إجراء الانتخابات الرئاسية. 2- تخلي المجلس العسكري عن كافة سلطاته لمجلس رئاسي مدني محل توافق وحكومة إنقاذ يحققا اهداف الثورة ويجريا الانتخابات ويسلما السلطة لسلطة منتخبة. 3- تشكيل فوري لحكومة إنقاذ وطني تتولي إجراء انتخابات رئاسية خلال شهر/ شهرين من تشكيلها يتم فيه استعادة الأمن فتح باب الترشح والدعاية الانتخابية، ويمتلك الرئيس خلال فترة واحدة «5 سنوات» صلاحيات الرئيس في النظم الرئاسية. ومن ثم ينسحب المجلس الأعلى للقوات المسلحة من الساحة السياسية ويعود لثكناته فور حلف الرئيس لليمين. وتجري بعد ذلك الانتخابات البرلمانية. ويتم الاتفاق علي طريقة تشكيل لجنة وضع الدستور. ارجح الحل الثالث لأنه خلال شهر أو شهرين علي الأكثر سيكون لدينا رئيس منتخب وحكومة (سلطة تنفيذية) منتخبة يمكنها إجراء انتخابات تشريعية ووضع دستور للبلاد. أما الحل الأول الذي سينتج عنه (برلمان) منتخب، لكن هذا سيستغرق وقت أطول وسينتج عنه برلمان فقط لا يمتلك كأي برلمان في العالم سوي السلطات التشريعية، وليس التنفيذية. أما الحل الثاني الخاص بمجلس رئاسي مدني (والذي يرفع بعض الثوار بالتحرير لافتات المطالبة به) فهو حل سيخلق من المشكلات أكثر مما سيقدم من الحلول حيث لن يكون المجلس منتخب ولا يتصور أن ننتخب مجلس رئاسي؛ فالأسهل والأكثر منطقية هو انتخاب رئيس. كما أن وجود مجلس رئاسي لن يحقق الفعالية المطلوبة نتيجة اختلاف الآراء بين أعضاءه، بل ولا يضمن أحد حدوث توافق شعبي علي المجلس كحل وعلي أعضاءه. وأعتقد أن رحيل المجلس العسكري يعني رحيله عن المناصب السياسية، وليس مناصب أعضاءه العسكرية. وينبغي الاعتذار عن قتل المتظاهرين، ووقف العنف فورا. وتشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة للتحقيق وتحديد المتهمين والمسئولين عن القتل والعنف وإحالتهم لمحاكمات عاجلة. وقيام قوات الجيش والشرطة باستعادة الأمن ومنع هروب أي من رموز النظام السابق من السجون. وتحمل القوات المسلحة بقادتها وضباطها وجنودها المسئولية الوطنية والتاريخية في الحفاظ علي أمن وحياة وحرية المصريين. ختاما، إذا كان في النهاية سيرحل المجلس العسكري عن السلطة عاجلا أو آجلا، فمن المنطقي الا يضيع الوقت في استفتاء يمزقنا لكي يبقي المجلس شهورا معدودة أو يرحل فورا