قالت سيجال جورجي أستاذة بقسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة بن جوريون الإسرائيلية والتي حصلت على شهادة دكتوراه عن أنيس منصور، إن الكاتب المصري الذي رحل مؤخرا الذي وصفته بكاتم أسرار الرئيس الراحل أنور السادات تحول إلى أحد دعاة السلام مع إسرائيل، بعد أن كان من أشد المعادين للدولة العبرية. وأضافت في تقرير نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية الأحد، إن منصور استغل زيارته لإسرائيل للوقف عن قرب من شخصية اليهود، وقام بكتابة انطباعاته في الصحف وفي مقابلات إعلامية ومذكراته. وأوضحت أنه كان مؤسس ورئيس تحرير مجلة "أكتوبر" التي قامت بنقل وإيجاز حالة الرأي العام المصري، وكان يعمل مستشارا للرئيس السادات، وكان من المقربين من خلفه حسني مبارك، وهي الحقيقة التي تشير إلى كونه كان له نصيب لا يستهان به في عملية السلام مع إسرائيل، لهذا فإنه من الشخصيات الهامة للمواطن الإسرائيلي. وقالت جورجي، إن الكاتب المصري الراحل اشتهر في إسرائيل بعد حرب 1967، عندما رفع آنذاك شعار "اعرف عدوك" وشن حملة إعلامية صارخة ضد إسرائيل واليهود، "عبر نشر كتب تعتمد على الأدب غير موضوعي وتعتمد بالأساس على معاداة السامية"، على حد قولها. لكن منصور سخر من إسرائيل وغضبها عليه بسبب حملته آنذاك، بقوله إنه إذا كان الإسرائيليون غاضبين منه عليهم ألا يصوتوا له في انتخاباتهم. غير أنه وبمضي السنوات أصبحت آراء منصور أكثر اعتدالا – كما تقول- وبات أحد رموز السلام بين مصر وإسرائيل، الأمر الذي جعله هدفا لتهديدات العناصر "الأصولية" والتي تجسدت بإطلاق النيران على منزله، لكنه لم يتراجع عن دعمه للسلام وعن رأيه بأن تكون مصر دولة علمانية تفصل بين الدين والسياسة. وذكرت أن منصور المولود عام 1924 بمصر أنهى دراسته للفلسفة بجامعة القاهرة عام 1947 وعمل أستاذا فيها، مضيفة إن الفلسفة الوجودية كانت مصدر إلهام له وجعل لها مريدين بمصر والعالم العربي. وأشارت إلى انه بسبب موهبته الكتابية توجه للصحافة وقام برئاسة تحرير عدد من المجلات المصرية وقام بكتابة أكثر من 200 كتاب وأضاف للثقافة والأدب المصري المعاصر، كما ترجم أعمال أدبية ومسرحيات للعربية، وقام بتأليف العديد من السير الذاتية والمسرحيات والأدب الفلسفي والنقد الأدبي وحصل على عدد من الجوائز القيمة في مجال الأدب، وحققت كتبه أكثر من مرة أكبر نسبة مبيعات في مصر. ووصفت الأكاديمية الإسرائيلي، الكاتب الراحل بأنه كان آخر الكتاب والمثقفين الذي شكلوا وصاغوا الحالة الثقافية في القرن العشرين، وعلى رأسهم نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وعباس محمود العقاد. ورصدت كيف أن منصور الذي كان معروفا بعدائه لليهود تحول إلى أحد رموز السلام مع إسرائيل عندما كان كاتم سر السادات، كما أصبح لديه العديد من الأصدقاء الإسرائيليين، ونقلت عنه القول إنه "من المطلوب والمفضل إقامة علاقات ود بين الدول في الوقت الذي أثبتت فيه تكنولوجيا إسرائيل الغربية المتطورة مساهماتها لمصر"، كما دعا الفلسطينيين إلى استغلال الفرص التي دائما ما أضاعوا والتوجه للمفاوضات مع إسرائيل. وختمت بالقول، إن منصور شكل من خلال مقالاته الرأي العام المصري عبر نشر كتابات تتعلق بالعلاقات مع إسرائيل، مضيفة أنه برغم كتبه الساخرة والمنتقدة لإسرائيل إلا أنه قام بالإشادة بما حققه السلام لمصر وكان يفخر بصداقته لإسرائيليين. وفيما يتعلق بثورة يناير، تقول إن من يتصفح كتاباته الأخيرة سيجد أنه كان يدعم المتظاهرين لكنه عبر عن رغبته في رؤية النظام ينتقل بصورة مسئولة لإدارة جديدة بعد انتخابات منظمة. وخلصت إلى أنه في ضوء الأحداث بمصر إلى اعتبار وفاة داعمي السلام أنيس منصور ومحمد بسيوني السفير المصري الأسبق بإسرائيل خطوة جديدة في الجمود في العلاقات بين القاهرة وتل أبيب.