عقدت ساقية الصاوي أمس بقاعة النهر في الساعة السادسة والنصف مساء ندوة بعنوان "إنما الأمم"، مع عدد من نجوم المجتمع في مجالات مختلفة، متناولين مفهوم الأخلاق من منظور ديني، وسياسي، وإجتماعي، وثقافي، حيث كان ضيوف الندوة هم الدكتور عمرو خالد، والدكتور معتز بالله عبدالفتاح، والفنان محمد صبحي، والمهندس محمد الصاوي بحضور ما يزيد عن 3000 شخص. بدأت الندوة بإفتتاحية قال فيها د. معتز "أن هناك بعض المكونات التي إذا التزمنا بها بها تساعد على تعديل الثقافة العامة للشعب وأهم مكون هو الأخلاقيات، فهذه الندوة هي محاولة لتذكير أنفسنا بأهمية الأخلاقيات حتى لا يتفكك المجتمع". ثم قام أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهره بتقديم الضيوف الثلاثة. قال الدكتور عمرو خالد في بداية كلمته " أن معالم ومعاني الشريعة الإسلامية والقرآن عبارة عن قواعد كلّية ثم تفسير هذه القواعد بشكل تفصيلي وهذا من نص القرآن الكريم "الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ" ومثال على هذا عندما قال الله عز وجل في كتابه الكريم " وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ" ثم باقي الآيه حيث تقول " وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" وأنا أقول ذلك كي أسال هل الأخلاقيات قواعد كلّية أم جزئيات؟ الأخلاقيات قواعد كلية بعد توحيد الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما بُعثت لاُتمم مكارم الأخلاق" فالدين والأخلاقيات لا يتجزأن". وأضاف الداعية "أن الأخلاق هى البنية الأساسية لأى مشروع خاصة إذا كان مشروع نهضة ولا شك أن الإقتصاد هو أساس بناء أى نهضة ولكن نرى أمثله عديدة لإنهيار إقتصادي سببه أخلاقي". واستطرد "اختر الأخلاق لأنها لغة الحياة وبها تفوز في الدنيا والآخرة. وأضاف أخيراً في كلمته "التقوى.. التقوى هو حق إجتماعي.. فلماذا لا تحسن التعامل مع الناس مع أن الله لا يغفر فيما ما بينك وبين الناس ولكن يغفر ما بينك وبينه هو عز وجل"؟ ثم انتقل الحديث إلى المهندس محمد الصاوي حيث قال "مفهوم الأخلاق يجب أن يكون غاية، لأن الاخلاق وحدها قادرة على إسعاد الجميع، حيث نرى أفراد يسعدون على حساب الآخرين ولكن الأخلاق تمنع ذلك، فالأخلاق يجب أن تكون هى اللغة السائدة بين الناس". واختتم حديثه قائلاً "نحن في ساقية الصواي نعقد الآن مسرحية تحت عنوان "متأسف.. متشكر" نريد من خلالها أن نقول أن تلك الكلمتين يمكن أن يكون لها تأثير قوي على الآخرين". وبعد ذلك انتقل الحديث إلى الفنان محمد صبحي الذي افتتح حديثه مازحاً "أبنائي أعزائي فلزات أكبادي، ولا تقلقوا فلن أبدا كلامي معكم بحديث الصباح أو الثلاثاء"، فما كان من الجمهور إلا أن شاركه الضحكات. بدأ عميد المسرح العربي حديثه قائلاً "لا يوجد دين يحرض على عدم الإلتزام بالاخلاقيات، وكان القدماء المصريين هم أول من عرفوا ذلك حيث أطلقوا على الأخلاق "فجر الضمير" وبدا ذلك واضحاً عليهم من خلال عدم تلويثهم لمياه النيل، فكيف نخرج أفراد تؤمن بأن الأخلاق هى وقود الصناعة التى بها نخرج رغيف خبز آدمي؟ واعلموا جيداً أن التعليم لا يمكن أن يتطور دون ربطه بالأخلاق". وأضاف قائلاً "أنا كتبتُ لنفسي دستور أخلاقي عندما كنت في الصف الثاني الثانوي، "انطلق في طريق الشوك شامخ الرأس عالي الجبهة، مضموم القبضة.. ولا تتقهقر.. احترق أملا ورغبة وتعذب، احترق طموحا وكبرياء وتغلب، احترق كفاحا ونضالا وعش هذه هي الحياة ..لن تمتهن إلا إذا توسلت، ولن تحتقر إلا إذا تلهفت، ولن تموت إلا إذا انبطحت على الأرض وزحفت ..فكن جريئا ولكن لا تتهور، كن شجاعا ولكن لا تتجبر، كن صبورا ولكن لا تتململ، كن كل شيء ولكن تذكر دائما أنك إنسان ..احترق قوة وضعفا وتعذب، احترق مرضا وصحة وتغلب، احترق ألما ولذة وعش هذه هي الحياة.. قد تجد الدودة في كسرة الخبز فلا تحفل، وقد تجد السم في شربة الماء فلا تغفل، وقد تجد الخائن في صديق فلا تحزن.. انبذ الخبز، واسكب الماء، وارفض الصديق ...... واحترق" وانتقل الحديث أخراً إلى دكتور معتز عبدالفتاح "ما الذي يمكن أن نخرج به من هذه الندوة؟ عامل الناس كما يحب أن يعاملونك ولا تتوقع أن يكون للأخلاق عائداً عليك، فأنت تقوم بها لله، ولكي تكون إنسان أخلاقي يجب أن تكون إنسان رسالي، أى صاحب رسالة ولكن كيف؟ من خلال ثلاثة أشياء: أولاً الإمتناع عن إيذاء الآخرين وكف الشر عنهم، ثانياً المبادرة بالخير تحت شعار ابدأ بنفسك، واعلموا أن إنتقال فساد الحاكم للمحكوم سهل؛ وبذلك مؤساسات الدولة وقيادتها ترسم طرق شعوبها، وحتى لا يكون الفساد هو الاختيار العقلاني، افعل الصح ولا تتأخر، ثالثاً مبادلة الإساءة بالعفو على قدر ما تستطيع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن من أكبر الذنب أن يسب الرجل والديه قالوا : وكيف يسب الرجل والديه ؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه". وبعد أن أدار المهندس محمد الصاوي الحديث، قام بتوجيه سؤال للدكتور عمرو خالد عن كيفية تطبيق الأخلاقيات بشكل عملي فقال الدكتور خالد "غير صحيح أن الأخلاقيات غير قابلة للتغير، فيمكن للشخص الغضوب أن يصبح حليم، فهى ليست مسالة جينات، حيث يوجد بعقلك وصلات عديدة، وهذا كلام علمي صحيح، يمكنك أن تزيد ثمك هذه الوصلات، ولنقُل وصلات الاخلاقيات، كالأمانة مثلاً عن طريق الدين وقراءة القرآن، وهنا يجب أن تتغير علاقتنا بالقرآن أنه ليس فقط من أجل الحصول على الحسنات". ثم تحدث الأستاذ صبحي قائلاً "كنت أدعو الشباب لمقاطعة البضائع الصهيونية، ولكن ما الفائدة ونحن نقدم لهم على طبق من ذهب فساد أخلاقي، والكارثة هى أن تحب الفن الذي يهدم عقلك، والجمهور مذنب لأنه يُدير له مكسب، ولكن الأخطر من هذا كله أننى أخشى من إسفاف الفكرة أكثر من إسفاف اللفظ، وأهداف الثورة لن تتحقق من يوم واحد بل في أعوام، لأن الثورة تعني التغيير والتغيير يبدأ بتغيير النفس". وأنهى دكتور معتز الحديث قائلاً "مقولة "السياسة لا تعرف الأخلاق" مقولة خطأ، وهو يراد منه إبعاد الأخلاق عن السياسة ويجب على كل سياسي أن يعلم ثلاثة أشياء وهى أن وظيفته أولاً مؤقتة وثانياً خدمة عامة وثالثاً أن السياسى يُسأل عن كل ما فعله وكل ما لم يفعله". وبعد ذلك فتحت الندوة باب الأسئلة للحضور لما يزيد عن ساعة من خلال إرسال الأسئلة في ورقة وأيضاً من خلال طرحها إلى الضيوف مباشرة.