«أعتقد أنه رحل عن القاهرة بسبب السياسات الخاطئة التى أدت إلى فقدان جزء كبير من مصداقيتهم، ولأنه أصبح مثل المتستر على طوابير ممن يحصلون على معونات منهم»، هذا هو تحليل مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، جمال عيد، للرحيل المفاجئ لمدير هيئة المعونة الأمريكيةبالقاهرة، جيمس بيفرز، الذى فسرته السفارة الأمريكية بحصوله على منصب مهم جديد. وشدد عيد على استمرار انتقاد منظمات المجتمع المدنى المصرى لهيئة المعونة الأمريكية لأنها لم تعلن عن المنظمات أو الأحزاب والقوى السياسية التى حصلت منهم على التمويل الذى أعلنت عنه السفيرة الأمريكيةالجديدة خلال جلسة الاستماع بالكونجرس قبل توليها المنصب الجديد. وقال عيد ل«الشروق» «عالجوا خطأ دعم الديكتاتور مبارك بإغداق الأموال على مؤسسات المجتمع المدنى، المشكلة فى الأساس أنهم لم يعلنوا أسماء من حصل، وما عرفناه أن أغلب الأموال ذهبت لمنظمات أمريكية موجودة فى القاهرة». وأضاف أن المعونة بصمتها هذا أعطت انطباعا بأن أحزابا أو جماعات سياسية حصلت على الأموال، «وهذا يجعلنا نُصر على أن المعونة الأمريكية لم تفد سوى منظمات أمريكية وأضرت بالمنظمات المصرية الجادة التى تعمل منذ سنوات»، على حد قوله. وعن الحملة التى شنتها الحكومة المصرية والمجلس العسكرى على منظمات المجتمع المدنى، اعتبر عيد أنها تستهدف تشويه المنظمات «خاصة الجاد منها وليس المرتبطة بالمعونة والتى لم تسكت على انتهاكات ما بعد الثورة»، مما أغضب المجلس العسكرى والنائب العام، لأن أغلب الانتقادات كانت ضد المحاكمات العسكرية، والتعذيب، والمطالبة بإقالة النائب العام، «تمهيدا لتوجيه ضربة مثل التى كان مبارك يحاول توجيهها للمنظمات التى كانت تتكلم عن ممارساته الديكتاتورية». من جانبه دعا مدير المجموعة المتحدة للمحاماة واستشارات حقوق الإنسان، نجاد البرعى، ممثلى المجتمع المدنى والمسئولين الحكوميين، بمن فيهم رئيس الوزراء ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لتقديم كشف مفصل بذمتهم المالية، تفاديا للاتهامات الجزافية التى يتم إطلاقها بين الحين والآخر بين الجانبين. وكان البرعى أخذ المبادرة منذ عدة أيام من خلال موقع «تويتر»، حيث قام بسرد ممتلكاته بالكامل كنوع من التعليق على اتهامات المجلس العسكرى ومجلس الوزراء لمنظمات المجتمع المدنى بتلقى أموال من دول أجنبية بصورة غير قانونية. «ذمتى المالية معروفة، ومن سنة قمت بهذا على التليفزيون المصرى، فى برنامج مع خيرى رمضان، سُئلت السؤال وجاوبت، لا يوجد ما أخاف عليه من الحسد، والأمر الآخر من يعمل فى العمل العام يجب أن تكون ذمته مكشوفة»، بحسب البرعى. كان رئيس الوزراء، الدكتور عصام شرف، أصدر تكليفات للمستشار محمد عبدالعزيز الجندى، وزير العدل، بسرعة تشكيل لجنة تقصى حقائق للتحقيق فى أموال التمويل الأجنبى المباشر لمنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الأجنبية غير المرخص لها بالعمل فى مصر، على أن تودع تقريرها خلال ثلاثة أسابيع. ويأتى هذا بعد تصريحات عضو المجلس العسكرى اللواء حسن الروينى والتى ادعى فيها تلقى حركة شباب 6 أبريل أموالا من الخارج، وهو ما اعتبرته أوساط سياسية اتهاما للحركة بتلقى أموال من دول أجنبية مما يعرضها للمساءلة القانونية، ودفع عددا من أعضاء الحركة إلى التقدم ببلاغ للنائب العام ضد أنفسهم مطالبين بضرورة الفحص والتأكد من أن الحركة تتلقى أموالا من عدمه. واعتبر البرعى أن ما يحدث لا علاقة له بالأموال لكن المشكلة تكمن فى نشاط منظمات المجتمع الذى وصفه ب«المزعج للحكومة ولا تحبه». وقال «الحكومة لا تريد المجتمع أن يراقبها، والكلام ده مش جديد، وحصل معى أنا شخصيا 4 أو 5 مرات قبل كده وتعرضت لنفس الموقف». وأضاف «هذا أمر عادى جدا، تكرر من قبل فى 1992، ثم فى 2005، وفى 1999/2000»، مشيرا إلى أن هذا يحدث قبل كل انتخابات، أو عندما تنوى الحكومة أن تفعل «مصيبة أو تريد أن تدارى على مصيبة»، على حد قوله، منهيا حديثه «المشكلة أنهم لا يتعلمون، من يخسر مرة أو مرتين يتعلم لكنهم لا يتعلمون». وكان مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهى الدين حسن، شن هجوما حادا على طريقة تعامل حكومة عصام شرف مع منظمات المجتمع المدنى، خلال حوار مع «الشروق»، مشيرا إلى أن السياسات التى تنتهجها هى نفس الإجراءات التى اتخذتها الحكومة الإسرائيلية ضد المنظمات التى تعاملت مع لجنة جولدستون، كنوع من التقييد والعقاب لها. وطالب حسن بسياسات تتعلق بالشفافية تضعها الدولة تكون ملزمة لجميع الأطراف سواء للمجتمع المدنى أو الحكومة، للكشف عن مصادر تمويلهم وكيفية صرفها.