ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" صدق الله العظيم تمر مصر بمرحلة فاصلة فى تاريخها بدا فيها الصراع محتدماً بين شباب الثورة وقواها وبين القوى المضادة لها .. وهذا أفرز حالة لم يعد فيها السكوت ممكناً .. وكنت أربأ بنفسى عن الدخول فى متاهات الإستنزاف النفسى والشخصى حين كان الأمر فى حدوده المقبولة والعادية، وفى ظروف كنت وما زلت أعتز بكل الآراء وأساند كل المواقف مهما كانت مخالفة لرأيى وموافقى .. إرساءًا لقواعد الحوار الصحى .. وعملاً على نشر قيم الديمقراطية دون إقصاء أو تخوين. ما حدث فى الفترة الأخيرة بالتركيز على شخصى بشكل غير مسبوق أخرج الأمور عن سياقها المألوف .. وابتعد عن الأعراف والتقاليد التى استقرت بين الجماعة الوطنية المصرية ولعبت دورها فى إنجاح ثورة 25 يناير المجيدة .. وعليه أوجه هذا البيان إلى من يهمه أمر هذا الوطن ومستقبله .. وإلى من يعمل على استكمال أهداف الثورة واستمرارها وألخصه فى التالى: أولاًَ: إن مستوى التطاول الذى وصل إلى حد الطعن الدينى والاتهام بالعمالة والحصول على تمويل خارجى .. وصل إلى مستوى متدنٍ للغاية عن طريق النشر المكتوب والمسموع والمرئى .. وجاء هذا التطاول وبه إشارات إلى "قبول" المجلس الأعلى للقوات المسلحة وكأن من تطاولوا علىّ يودون أن يبعثوا برسالة إلى الرأى العام توحى بأنهم يحملون تصريحاً يعطيهم هذا الحق.. وإن كنت أشك فى ذلك تماماً. ثانياًَ: إننى أؤكد على ما هو مؤكد بين الجماعة الوطنية المصرية وموقفها من القوات المسلحة.. بما لها من مكانة خاصة فى قلوب ووجدان الشعب تفرض الحفاظ عليها؛ بإبعادها عن الصراعات السياسية.. ولا تخلط بين هذا الموقف وإمكانية الإختلاف مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة والموقف منه يختلف منذ أن تولى أمر إدارة البلاد وصارت له السلطة السياسية والتشريعية والتنفيذية.. وهذا يعطى المواطن حق تقييم القرارات والمراسيم التى تصدر عنه.. فإذا أحسن يقول له أحسنت وإذا أخطأ يقول له أخطأت، ومن الممكن أن ينصحه بالتصحيح والعدول عن الخطأ.. لكن أجد من يتطاولون علىّ يتمسحون به ويتخذوا من ذلك طريقة لتحريض الآخرين ضدى وتأليبهم علىّ وعلى غيرى وهو أمر مرفوض. وهذا يترك أثراً سلبياً على المجلس الذى يجب أن يتعامل مع كل القوى والأطراف على قدم المساواة. ثالثاً: وفى مثل هذه الظروف وهذا التطاول وجدت من الأهمية بمكان أن أبدأ فى إتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد عمليات السب والقذف والاتهامات الزور الموجهة إلى شخصى من أطراف وقوى محسوبة على الإسلام السياسى.. وقد وكلت فريق قانونى كامل فى اتخاذ الإجراءات الضرورية فى مواجهة هذه الحملة المغرضة. رابعاً: إن الأمر يلزمنى العودة إلى التاريخ القريب لعناصر وتنظيمات تقود الحملة المغرضة.. والتذكير أن من بينها من ينطلق من موقف إيديولوجى يرتكز على محورين: الأول تكفيرى يتهم الشعب بالكفر ومخالفيهم بالخروج عن الملة.. والثانى إرهابى يشرع للعنف فى مواجهة الخصوم، ومنهم من حمل السلاح ضد الدولة المصرية والشعب المصرى واغتال بعضاً من مفكريه ورموزه. وهذا التاريخ ما زال شاهداً على ما جره هذا التيار على البلاد من ويلات.. وهذا نقيض الخط السلمى الذى إلتزم به ثوار 25 يناير المجيدة. خامساً: إن النهج الجديد للعناصر والتنظيمات التى تقود الحملة هو تكفير الأفكار والمعتقدات المخالفة كأسلوب غير مباشر لتكفير معتنقيها.. ونجد أن أى فكرة أو معتقد مخالف لهم يتم إخضاعه لهذا النهج وعن طريقه يتم الربط بين العلمانية والكفر وبين الديمقراطية والخروج عن الدين.. ونفس الشئ يتم بالنسبة للدولة المدنية التى يهاجمونها دون هوادة.. وهم يتخذون من نهج التكفير مدخلاً لإهدار دم المخالفين وإعلان الحرب ضدهم.. وهذا ينذر بالخطر ويهدد مستقبل البلاد والعباد. سادساً: أنتهز الفرصة لوقفة صادقة ومخلصة مع المجلس العسكرى.. وأقول له إن المطالب المرفوعة من قوى وإئتلافات الثورة مشروعة.. سواء فيما يخص محاكمة الرئيس المخلوع أو يخص قتلة الشهداء أو من أفسدوا الحياة السياسية.. ومهما كانت الاجتهادات والاختلافات فإنها ليست مبرراًَ للانحياز لهذا الطرف أو ذاك.. ولا يجب أن تحيطها شبهة تحريض أو تأليب ضد أحد.. وفى حالة وجود وقائع وأدلة تدين عنصراً أو جماعة فالواجب هو تحويلها إلى جهات التحقيق لاتخاذ الإجراءات القانونية.. وما كان لاتهام حركة 6 أبريل بأنها تمول من الخارج أن يأتى على لسان عضو فى المجلس العسكرى مباشرة إلى الرأى العام دون التقدم إلى الجهات المعنية للتحقيق، وهو اتهام ينال من تيار شبابى واسع له تأثيره ولعب دوراً كبيراً فى تفجير الثورة. ويمكن أن يكون بداية لإدانته وإدانة الثورة نفسها وباقى قواها السياسية؛ الوطنية والديمقراطية.. وهو شئ كنا نربأ بالمجلس العسكرى من أن يقع فيه. وأخيراً أسمح لنفسى بتصحيح ما ورد على لسان اللواء حسن الروينى عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة بخصوص المطالب السبعة التى تقدمت بها.. وهى فى حقيقتها كانت مطالب قدمت من المجلس الوطنى المصرى بناءاً على إستقراء مطالب الشعب المصرى.. وبعدها قال زادت إلى 31 مطلباً.. والحقيقة أن تلك ال 31 مطلباً كانت بتكليف لشخصى من جهة أخرى تقدمت بها.. وهى فى الحقيقة تفاصيل وحقائق لنفس المطالب السبعة التى تقدم بها المجلس الوطنى وليس بها أى مطلب هام جديد.. لذا لزم التنويه والتصحيح. وأختم هذا البيان وأكرر أنه مقدم للرأى العام وإلى من يهمه الأمر لإيضاح نقاط وجب إجلاء الموقف حولها لعلها تحد من الشطط وتجاوزات البعض.. فما زلت أنادى مع الثوار بالعودة إلى كلمة سواء.. ورفض إقصاء أى طرف يقف فى معسكر الثورة ولا يهددها بالإنقسام أو التحريض أو التكفير والتلويح بإستخدام العنف. عاشت ثورة 25 يناير المجيدة ورحم الله شهداءها الأبرار وشفى مصابيها الأبطال أ. د. ممدوح حمزة إستشارى هندسى وأستاذ الهندسة المدنية بجامعة قناة السويس