فى مصر الآن وزيران، أحدهما مقال، ولكنه يسيّر الأعمال.. والآخر جديد، يضع خطة العمل فى المرحلة المقبلة، ويدلى بتصريحات صحفية.. عن آماله وأحلامه فى الوزارة.. ومنهم الدكتور صلاح يوسف، المكلف ب«الزراعة»، وعمرو حلمى، المكلف ب«الصحة»، والدكتور حازم عبدالعظيم المكلف ب«الاتصالات».. وهو ما اعتبره البعض مخالفة دستورية.. فتحت الباب للكلام عن إقالة «شرف» نفسه! فمن الذى أصدر القرار بأن يبقى وزير أقيل، أو مستقيل، فى الوزارة؟.. كيف نتعامل مع قرارات الوزير المستقيل؟.. كيف نعتمدها؟.. لماذا أقيل أصلاً؟.. ولماذا قبلنا استقالته قبل أن يكون هناك بديل؟.. هل يمكن أن يتخذ الوزير المستقيل قرارات انتقامية مثلاً؟.. هل يمكن أن يصدر تأشيرات مريبة فى فترة الريبة؟.. هل كان هناك تسرع فى اتخاذ القرار؟.. هل هناك عشوائية؟! فهل شطبت الثورة تاريخ الدولة المصرية فى تشكيل الوزارات؟.. أم أن «اللبخة» أصلاً من رئيس الوزراء المكلف، الدكتور عصام شرف؟.. أم أن اعتراضات المجلس العسكرى، وميدان التحرير، هى التى ضربت كرسى فى الكلوب؟.. هل المسألة تتعلق بقدرات ومهارات رئيس الوزراء؟.. أم تتعلق بالضغوط الشعبية، ومحاولة تشكيل حكومة لكل مواطن.. هل هى انتكاسة أم حالة استثنائية؟! استغربت جداً مما يجرى.. فقد أصبح عندنا انفلات سياسى أيضاً.. وزراء يذهبون ويعودون.. وزير يحزم حقائبه ثم يعود فى اليوم التالى.. ووزير لم يحلف اليمين لكنه يلتقى موظفى وزارته ويخطط للمستقبل.. عمرو عزت سلامة يخرج من التشكيل ثم يلتقى المجلس الأعلى للجامعات، ومكتب التنسيق.. «العرابى» يخرج ثم يعود، ويلتقى بأهالى المحتجزين فى ليبيا، ويصدر تعليمات للقنصل! ومن المؤكد أن التكليف صدر من الدكتور شرف.. عندما كان «شرف» يدير الأمور من منازلهم.. بناء على تصريحات المتحدث الرسمى.. خلال يوم الراحة، الموصى به من الطبيب.. لكن لم يسأل أحد نفسه: كيف يصدر الوزير المستقيل قرارات وتعليمات؟.. ولا كيف يستقبل المرشح للوزارة موظفى وزارته قبل أن يحلف اليمين الدستورية؟.. قطعاً حالة عك لا مثيل لها! لا حدث هذا العك، ولا أظنه سوف يحدث مرة أخرى.. فما يجرى الآن فى مصر من تغيير وزارى يجعلنا نتصور أننا عدنا إلى عصر ما قبل الدولة.. فالارتباك الحكومى والغموض سيد الموقف.. كأننا فى سنة أولى وزارة.. وربما «كى. جى. وان».. يذكرنى ذلك بأغنية محمد فوزى الشهيرة «تاتا خطى العتبة.. تاتا حبة حبة».. مع أننا دولة تصنع الحكومات، منذ آلاف السنين! أعرف أن أول حكومة فى التاريخ مصرية.. ولكن آخر حكومة الآن لا علاقة لها بمصر، ولا بتاريخ مصر، ولا بحضارة مصر.. لأنها كانت مثالاً للتخبط، والتهتهة والعشوائية.. جايز بقى لأن الضغوط الثورية عند الحافة.. وجايز لأن التحرير مشتعل.. وجايز لأن الدكتور شرف لم يستعن بصديق.. وجايز لأن المجلس العسكرى تركه يغرق، وراح يتفرج عليه.. كل شىء جائز! يبقى السؤال: إلى متى تستمر حالة الارتباك؟.. هل تؤدى الوزارة اليمين الدستورية اليوم؟.. أم مع أوائل الأسبوع المقبل؟.. هل كان حضور الدكتور شرف حفل تخريج دفعة من الكلية الحربية رداً على شائعة الاستقالة؟.. وهل كان يحل أزمة الفراغ الوزارى وكيل الوزارة الدائم.. أم أننا نعيش حالة سيولة لم تحدث من قبل، ربما يكون أقلها عودة الوزير المستقيل، لتوقيع القرارات الوزارية؟!