كان اليوم يوما تاريخيا في عمر الدول العربية والإفريقية وليس السودان وحدها وذلك من خلال احتفال دولة جنوب السودان بإعلان الدولة الجديدة بحضور دولي كثيف يشهده ممثلون عن عدد كبير من الدول العربية والإفريقية والأوروبية المهتمة بالشأن السوداني أو التي تحاول خلق حالة من التقارب مع دولة جنوب السودان الوليدة ، ويأتي في مقدمتهم الرئيس السوداني عمر البشير وفي الساعات الأولى من صباح رقص الآلاف في شوارع جنوب السودان احتفالا باستقلال عن الشمال طال انتظاره لكنه يدخل المنطقة في فترة جديدة من انعدام اليقين. وأصبحت جمهورية جنوب السودان المنتجة للنفط أحدث بلد في العالم. وفي جوبا عاصمة الجنوب لوح الناس في زوايا الشوارع الترابية بالإعلام ورقصوا على أضواء السيارات وهم يتغنون بالحركة الشعبية لتحرير السودان وجنوب السودان والحرية. واحتشد الآلاف في شوارع جوبا وتكدسوا في شاحنات وهو يشعلون الألعاب النارية ويفرقعون العلب البلاستيكية ويرقصون , كما يشمل برنامج الاحتفالات عروضا عسكرية ومراسم رسمية تم خلالها رفع علم جمهورية جنوب السودان كما وقع أول رئيس للبلاد سالفا كير على الدستور الموقت . ووفقا للبرنامج الرسمي قام جيمس واني ايجا رئيس برلمان الجنوب بإلقاء الإعلان الرسمي للاستقلال وأعقبه إنزال العلم السوداني ورفع العلم الجديد للجنوب. وقد اعترفت الرئاسة السودانية في الخرطوم رسمياً بقيام "جمهورية جنوب السودان" المستقل ذات السيادة. ويأتي إعلان جنوب السودان دولة مستقلة بعدما صوت 98 % من أهالي الجنوب لصالح الانفصال وذلك في استفتاء جرى في كانون الثاني/يناير الماضي، وفقا لاتفاق السلام الشامل الذي أبرم عام 2005 ليضع حدا لسنوات طويلة من الحرب بين الشمال والجنوب. وقد شهد مطار جوبا وصول الوفود العربية والأفريقية والدولية للمشاركة في هذا اليوم التاريخي ، وإعلان اعترافهم وتضامنهم بالدولة الوليدة. و بينما تستعد جوبا عاصمة الجنوب للاحتفال بالانفصال، ذكرت مصادر بالخارجية الإسرائيلية أنه من المتوقع أن تعترف تل أبيب بجنوب السودان دولة مستقلة في الأسابيع المقبلة. ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن المصادر قولها إن وزارة الخارجية تولي أهمية كبيرة لجنوب السودان، وإنها "عينت منسقا خاصا لها في هذا الشأن منذ فترة طويلة، كما كانت تتبادل الرسائل السرية مع حكومة جنوب السودان , كما أكدت ألمانيا عزمها الاعتراف بجمهورية جنوب السودان فور الإعلان الرسمي. وأكد الرئيس الألماني كريستيان فولف لرئيس "الجمهورية الوليدة" سلفاكير ميارديت أمس الجمعة في خطاب رسمي أن برلين ستعترف بالدولة الأفريقية رقم 54, وأعلن وزير الخارجية المصري محمد العرابي اعتراف مصر الرسمي بجمهورية جنوب السودان وفور وصوله إلى مطار جوبا مع الوفد المصري رفيع ا لمستوى الذي يرأسه الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء أكد أن جنوب السودان عمق إستراتيجي لمصر لا يمكن أن نتخلى عنه، مؤكدًا أن مصر سيكون لها إسهام كبير في دعم استقرار دولة جنوب السودان، وهذا لا يعني أننا مع طرف ضد طرف آخر، بل يعني أن تكون علاقتنا متوازنة بين الشمال والجنوب، وقالت مصادر رسمية جنوبية إن برنامج الاحتفال بهذا الحدث التاريخي تتضمن عددًا من الفقرات الموسيقية والفعاليات الرياضية والمراسم الدينية، التي تجرى في جوبا عاصمة الجنوب وفى بقية المدن بولايات الجنوب العشرة. وتوجه جميع المواطنين الجنوبيين إلى الكنائس وتجمعوا في الساحات العامة ليضيئوا الشموع ويتلوا الصلوات من أجل ميلاد الدولة الجديدة، كما أقيم احتفالات راقصة في مختلف أنحاء الجنوب، واحتفالات مشتركة تناول فيها أتباع الأديان المختلفة في الجنوب طعامهم معا بمن فيهم المسلمون . وكانت تسود مخاوف في أوساط الشارع السوداني في الشمال من وقوع أعمال شغب يحملون الحكومة السودانية المسؤولية التاريخية لتقسيم بلدهم الموحد منذ قرنين من الزمان أو حدوث احتكاكات بين الشماليين والجنوبيين الذين لا يزالون مقيمين في الشمال, وأكدت وزارة الداخلية وضع كل الترتيبات اللازمة لتأمين الخرطوم والممتلكات والمقدرات خلال احتفالات الانفصال. من ناحية أخرى قام الرئيس السوداني عمر البشير بالمشاركة في احتفال إعلان دولة الجنوب ، وجدد استعداد حكومته لدعم دولة الجنوبالجديدة حتى تكون آمنة ومستقرة، وأنهم لن يتدخلوا في شؤون الدولة الجديدة ولن يسمحوا لأحد بالتدخل في شؤونهم , وإنهم يريدون علاقة أخوية اقتصادية وصداقة جوار قوية تتبادل فيها المنافع والمصالح بين الشمال والجنوب. وشارك أيضا في الاحتفال وزير الخارجية الفرنسي مضيفا أن مشاركته في الاحتفال تأتي "لإظهار دعم فرنسا لقيام دول جديدة رغم وجود الرئيس البشير" مؤكدا أن السياسة الخارجية لبلاده تدعم الديمقراطيات في إفريقيا والشرق الأوسط . وقال : سأحاول البقاء مع الشخصيات التي ستشارك في الاحتفال" ومنهم السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون وغيرهم. ومن ناحية أخرى غادر نائب الرئيس الهندي حامد أنصاري نيودلهي اليوم متوجها الى مدينة (جوبا) عاصمة جنوب السودان لحضور هذا الاحتفال مؤكدا سيعقد أيضا خلال الزيارة اجتماعا ثنائيا مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني في مدينة (كمبالا) . جدير بالذكر أنه قد ذكرت مصادر بوزارة الخارجية الإسرائيلية أنه من المتوقع أن تعترف إسرائيل بجنوب السودان كدولة مستقلة خلال الأسابيع المقبلة ولكنها تعتزم الاعتراف بالدولة الجديدة فور إعلان الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي الاعتراف بها.