تظاهر آلاف التونسيين العلمانيين، اليوم الثلاثاء، في ذكرى الاستقلال بالشارع الرئيسي بالعاصمة تونس، لإظهار رفضهم للدعوات المتزايدة من قبل المحافظين الإسلاميين، لتحويل تونس ما بعد الثورة إلى دولة إسلامية. رافعين أعلام تونس بلونيها الأحمر والأبيض، تظاهر آلاف التونسيين بشارع الحبيب بورقيبة وهي النقطة الرمزية في الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 يناير العام الماضي، وأثارت انتفاضات الربيع العربي وقال متظاهر، اسمه جابر بن حسن لرويترز: "خرجنا بالآلاف لنقول لمن يريدون أن يحولوا مسار الثورة، إن تونس ستبقى دولة مدنية.. خرجنا لنقول لهم لن تمروا"، وأضاف: "نحن هنا لننتصر لدول مدنية ديمقراطية حرة". وسيبدأ المجلس التأسيسي الذي تهيمن عليه حركة النهضة الإسلامية صياغة دستور جديد خلال الأسابيع المقبلة وسط تجاذبات كبيرة بين الإسلاميين المطالبين بدستور يستند للشريعة والعلمانيين المنادين بدستور مدني حداثي. ومنذ الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي العام الماضي، زاد نفوذ الإسلاميين وتجسد ذلك في وصول حركة إسلامية للحكم. كما تزايد حضور جماعات سلفية وهو ما أثار قلق العلمانيين في البلاد الذين يقولون إن قيم الحداثة ونمط الحياة المتحرر أصبحت مهددة، وفي السابق كان ينظر إلى تونس على أنها من أبرز قلاع العلمانية في العالم العربي. وجاءت هذه المظاهرة على ما يبدو ردا على مسيرة ضخمة نظمتها جماعات إسلامية الأسبوع الماضي، ورفعت فيها شعارات تطالب بدولة إسلامية. ورفع اليوم الثلاثاء المتظاهرون الذين بدؤوا مسيرتهم من أمام المسرح البلدي باتجاه مقر وزارة الداخلية إعلام تونس فقط، في إشارة إلى أن الولاء للوطن فقط رافضين إقحام الدين في السياسة. وردد المتظاهرون شعارات "تونس تونس حرة والرجعية على بره" و"الشعب يريد دولة مدنية" و"التشغيل استحقاق لا خلافة ولا نفاق" وغنوا النشيد الوطني عدة مرات، قبل أن تتحول بعد ذلك الشعارات إلى عبارات مناهضة لحركة النهضة التي تقود الحكومة الحالية، ومن الشعارات التي رفعت ضد النهضة "خبز وماء والنهضة لا". وقالت متظاهرة اسمها هالى الرفرافي، بينما كانت متلحفة بعلم تونس "لن نقبل أن تفرض أقلية لم تكن موجودة قبل 14 جان في يناير خياراتها علينا". وأضافت: "من العار أن نضطر بعد 56 سنة من الاستقلال إلى الخروج للمطالبة بدولة مدنية التي أصبحت محل تجاذب.. تونس لها عديد من الأولويات الأخرى التي يتعين أن ننظر إليها مثل الاقتصاد والبطالة والفقر". وفي خطاب ألقاه بقصر قرطاج في عيد الاستقلال، دعا رئيس الجمهورية منصف المرزوقي التونسيين بمختلف توجهاتهم الفكرية والدينية إلى التوحد ونبذ الخلافات من أجل مصلحة الوطن العليا، وقال: "الوطن لا يبنى بلون واحد وتونس ستدفع الثمن باهظًا بالدم والدموع، إذا اضطرت للتصدي بقوة للمتطرفين القادمين من كل حدب وصوب".