اكد رئيس الحكومة التونسيةالجديدة حمادي الجبالي هنا اليوم ان ملف استرداد الحقوق المسلوبة واصلاح الاضرار واعادة الاعتبار للشهداء والجرحى سيكون الى جانب مكافحة البطالة من اهم اولويات برنامج العمل المستقبلي للحكومة. وقال الجبالي في كلمة القاها امام المجلس التاسيسي اثر تقديم قائمة باسماء اعضاء حكومته المقترحة الى المجلس ان تحقيق العدالة الانتقالية سيتم على اساس المحاسبة والمصالحة والابتعاد عن كل اشكال الانتقام "لاننا لا نريد ان نقاوم الظلم بظلم جديد". واكد ضرورة التفعيل الالي لتشريع العفو العام مشددا في المقابل على "عزم الحكومة الجديدة على بذل كل جهدها لاسترجاع الاموال التي نهبها الرئيس المخلوع واعوانه السابقين". كما اكد الجبالي التزام الحكومة الجدية بتجسيد اهداف الثورة لبناء تونس"العزيزة الحرة والديمقراطية" وبالتاسيس لمنظومة اخلاقية جديدة للقطع مع الفساد وتدهور الاخلاق مبرزا ضرورة تعزيز المنظومة الثقافية والاعلام الحر دون قيود "خدمة لاهداف الثورة". وشدد الجبالي في برنامج العمل المقترح لحكومته على محاربة كل اشكال الرشوة والفساد واهدار المال العام وضمان اليات الرقابة باشكالها المختلفة والحرص على الشفافية والتقشف ودعوة كل اعضاء الحكومة الى التصريح بممتلكاتهم قبل استلام مهامهم وبعدها. واكد العمل على ضمان حقوق الانسان وتجريم كل اشكال التعذيب والاعتداء على الحرمة الجسدية للمواطنين والحريات العامة والفردية وتطوير التشريعات المطلوبة لذلك داعيا الى العمل على" تحييد المساجد عن كل دعاية حزبية". وشدد الجبالي على ان من اولويات عمل الحكومة القصوى ايضا مكافحة البطالة لاسيما بين الشباب من خلال التشجيع على الاستثمار الداخلي والخارجي وتحقيق هدف"الدخل لكل عائلة". واعلن ان الحكومة تهدف الى توفير ما بين 20 الف و 25 الف فرصة عمل جديدة في الادارة العمومية فضلا عن استثمار فرص العمل في الدول المجاورة والصديقة لاسيما ليبيا ودول الخليج واوروبا. كما اكد عزم الحكومة تعزيز القدرة الشرائية للمواطن والنهوض بالفئات المتدنية الدخل برفع المنح الشهرية المخصصة لها وزيادة عدد المنتفعين منها الى 50 الف اسرة وذلك من خلال تشجيع العمل الخيري وصناديق الزكاة لتمويل هذا البرنامج الاجتماعي. وابرز الجبالي عزم الحكومة على مواجهة هشاشة الاقتصاد وتراجع قدرته التنافسية في الاشهر الاخيرة بسبب التوترات الاجتماعية والسياسية وتراجع الاستثمار الداخلي والخارجي داعيا الى بناء سلم اجتماعي متين ودائم بانشاء "مجلس مستقل للعقد الاجتماعي" لادارة الحوار والتواصل بين مختلف الاطراف الاجتماعية والتوصل الى وفاق وطني. وشدد على ان الحكومة الجديدة ستضمن الحق في الاحتجاج السلمي "لكننا نرفض المس بالممتلكات العامة والخاصة وتعطيل حياة الناس والمرافق العمومية واحراق المصالح والمؤسسات" موضحا ان "الحكومة عازمة على توفير الامن مع ضمان حقوق الانسان". كما اعلن عن نية الحكومة الجديدة التركيز في برنامجها التنموي على المناطق الاقل نموا من خلال دعم الاستثمارات وتحسين الخدمات العامة لاسيما القطاع الصحي وتطوير البنية الاساسية والعناية بقطاعات الزراعة والاسكان والسياحة. واعلن الجبالي ايضا ان الحكومة الجديدة ستقوم باصلاح القطاع المصرفي والضريبي وتنشيط السوق المالي لمواجهة العجز في الصناديق الاجتماعية وصناديق التامين الذي يقدر هذا العام بنحو 120 مليون دينار تونسي. كما شدد على ان الحكومة ستعمل على اعادة الثقة المفقودة بين الحكومة والشعب في "العهد البائد" وترسيخ الحريات الفردية والعامة في الدستور الجديد لضمان الحرية والكرامة والمؤسسات الرقابية المستقلة وبناء نظام جمهوري ديمقراطي تتاصل فيه "الهوية العربية الاسلامية المنفتحة على العالم". واشار الى ان المسؤولية تحتم على الحكومة الجديدة "توخي الصراحة والشفافية والوضوح والتعامل مع المعارضة ومكونات المجتمع المدني لجمع كلمة التونسيين والقطع النهائي مع حقبة الاستبداد". على الصعيد الخارجي اكد الجبالي مواصلة دعم تونس للقضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في استعادة ارضهم وبناء دولتهم وعاصمتها القدس الشريف. وقال ان "من اوكد الاولويات للسياسة الخارجية للحكومة المقبلة تطوير التعاون مع المحيط المغاربي لاسيما مع الجاريتن ليبيا والجزائر وتمتين الصلات مع اشقائنا العرب الى جانب تعزيز العلاقات مع الاتحاد الاوروبي ورفعها الى مستويات اعلى". كما اكد الجبالي عزم حكومته على "تعزيز علاقاتنا بالولايات المتحدةالامريكية وتنشيط علاقاتنا بالعمق الافريقي والاسلامي والدول الصاعدة مثل تركيا والصين والهند والبرازيل على اساس الاحترام المتبادل وخدمة للمصالح المشتركة". واعرب رئيس الحكومة التونسيةالجديدة عن "الشكر والتقدير والاعتراف" لكل انصار الحرية في العالم الذين وقفوا مع تونس في محنتها. واشاد بالخصوص في هذا السياق بدور الجيش الوطني التونسي في حماية الثورة والمؤسسة الامنية وبجميع الذين قادوا البلاد في المرحلة الانتقالية في ظروف صعبة وفي مقدمتهم الرئيس المؤقت السابق فؤاد المبزع ورئيس الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي. وكان الجبالي قد تولى اليوم تقديم قائمة باسماء اعضاء حكومته الى المجلس التاسيسي الذي سيستانف جلساته صباح غد الجمعة لمناقشة برنامج العمل الحكومي الذي عرضه الجبالي اليوم قبل التصويت على منح الثقة لهذه الحكومة الانتقالية الجديدة في تونس وقت لاحق اليوم.