مامن مصرى عاشق لتراب مصر إلا وتجده حزيناً مهموماً على ما آلت إليه حالة الوطن منذ خلع مبارك. مصر التى ظل التاريخ يضاء بنور اسمها .. مصر الأم الحنون دائماً والتى كنا ننعم بدفء الأمن والآمان على أرضها أين هى الآن ؟ .. تئن ونئن معها من آلامها التى فاقت الوصف. ودعونا نعود للوراء وللتاريخ ونستعرض كم من المحن مرت على هذه المحروسة منذ القدم ولكن كانت فى كل محنة تتباهى بتضافر وتوحد وتكتل أبنائها للخروج من هذه المحنة بكل شموخ. كم من الثورات والمعارك قامت على أرضها منذ عصور المماليك والعثمانيين ومروراً بثورة 19 و52 ثم حروب كثيرة آخرها الثلاث حروب الأخيرة 56و67و73. قرأنا وعايشنا كيف ضرب المصريون أروع صور البطولة والصمود والتحدى ومعه توحيد الصفوف والخروج منتصرين ضاربين أروع المثل لأخلاقيات وفداء وتضحية المواطن المصرى. هذه مصر كانت عبر التاريخ .. أما وبعد 11فبراير عام2011 ماذا حدث للأم العظيمة وماذا حدث لأبنائها ? .. وماذا حدث فى كل أرجائها ؟. كان الأمل يداعب أبناءها فى غدٍ مشرق نعوض به العقود التى مرت علينا .. عهود الفقر والمرض وإهدار الكرامة .. عقود الفساد التى عشناها نرزح تحت حكم مبارك وحاشيته. ولكن صدمة هذا الشعب كانت قوية فلقد تحطمت وضاعت كل أحلامه الوردية .. وخيمت على مصرنا كل سحب الحزن والهم والغم .. وتقطعت أواصر هذا الشعب الذى أصبح يعيش الآن فوق صفيح ساخن. ولقد أصبحت مصرنا الجميلة العظيمة بلا طعم وبلا لون ،لا نشعر فيها بالأمن والآمان ولا نعرف ماذا يحدث فيها بين لحظة وأخرى ؟. أحداث متلاحقة مؤسفة ومدمرة من حرائق وقتل وخطف وخراب .. تستيقظ صباحاً على أخبار تبث اليأس والإحباط فى نفسك. مصر بلا لون بعد أن كانت هى محراب وقبلة الإستقرار والملاذ الآمن للجميع. تصفية حسابات بين الفصائل بعضها البعض على إختلاف أيديولوجياتها .. الكل يكره الكل .. الكل يخون الكل وأصبح الكلام والشو الإعلامى هو مبتغى النخبة التى كل همها الآن هى الفوز بالتورتة التى يتنازعون عليها. صراعات وصراعات من أجل الكراسى .. هكذا يومياً وكأنك مثل الذى يسافر على ظهر سفينة ضلت الطريق فى المحيط تتخبطها الأمواج العاتية وليس هناك من يغيثها. هذه هى مصر الآن .. مليونيات تحت مسميات كثيرة وكلها من أجل مصالح شخصية .. مليونيات تتوزع فيها الزعامة طبقاً للمطالب التى تخص منظميها سواء كانت هذه الزعامة سلفية أو إخوانية أو ليبرالية. أصبح الشعب المصرى لايعرف هويته لأن مصر فقدت طعمها وفقدت لونها وأصبحت فى مهب الريح.