قضت محكمة النقض بقبول الطعن المقدم من الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وآخرين في الحكم الصادر بحبسهم في قضية قتل المتظاهرين. وجاء في منطوق الحكم قبول الطعن المقدم من النيابة العامة ضد حبيب العادلي ومساعديه الستة ومبارك ونجليه وحسين سالم شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة. كما جاء في ذات الحكم قبول الطعن المقدم من مبارك والعادلي شكلا وفي الموضوع لنقض الحكم المطعون فيه والإعادة. ويقول المستشار الدكتور/ عبد الفتاح مراد رئيس محكمة الاستئناف العالي بالإسكندرية، أستاذ القانون الإداري والدستوري ورئيس محكمة الجنايات أنه ينظم آثار الطعن بالنقض القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانونين رقمي 74 لسنة 2007 و 153 لسنة 2007 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ويضيف سيادته أنه سوف يترتب علي صدور هذا الحكم الآثار القانونية والجنائية الآتية : أولا : إحالة الدعوي الجنائية إلي دائرة جنائية أخري في ذات محكمة استئناف القاهرة وتعود الدعوي الجنائية في هذه الحالة بنفس الوضع الذي كانت عليه وقت اتصال محكمة الجنايات بها لأول مرة، وعلي محكمة الجنايات أن تنظر نفس الدعوي بمقتضي أمر الإحالة الذي رُفعت به الجناية قبل صدور الحكم المطعون فيه. ثانيا : يترتب علي نقض الحكم إلغائه ويُعتبر الحكم السابق صدوره من محكمة الجنايات معدوم الأثر فيما نُقض منه، وتأسيسا علي ذلك فإن المحكمة الجديدة المحال إليها لا تتقيّد بما ورد به في شأن وقائع الدعوي، فلها مطلق الحريّة في تقدير الوقائع وتكييفها وإعطائها الوصف القانوني الصحيح، ولا تتقيّد في ذلك بالحكم الصادر من محكمة النقض في هذا الشأن. ثالثا : أن لهيئة المحكمة الجديدة مطلق الحريّة في تقدير أو إعادة تقدير الوقائع وتكييفها وإعطائها الوصف القانوني الصحيح وهي لا تتقيد في ذلك كله حتي بحكم النقض. رابعا : ومع ذلك فإن نقض هذا الحكم لا يعني إهدار جميع ما أبدي من أقوال أو شهادات أو ما قد تم مباشرته من إجراءات صحيحة أثناء إجراءات المحاكمة الأولي. خامسا : لما كان نقض الحكم يترتب عليه سقوطه وإلغاء الآثار المترتبة عليه فإن الدعوي تُحال إلي المحكمة المختصة لتفصل فيها في حدود ما تم نقضه من الحكم، فإذا كان الجزء المنقوض هو الخاص بالدعوي الجنائية فإن المحكمة المحال إليها تتقيّد بذلك فقط دون غيره ولا يجوز لها التعرّض للدعوي المدنية. سادسا : أما إذا كانت الدعوي الجنائية قد رفعت بعدة تُهم وتم نقض الحكم بالنسبة لبعضها فلا يجوز لها التعرض للتهم الأخري التي لم يتم نقضها من محكمة النقض. سابعا : أما إذا كان نقض الحكم قد تم بالنسبة لبعض المتهمين دون البعض الآخر، فإن النقض يقتصر فقط علي من تم النقض بالنسبة له دون البعض الآخر الذي لم يُنقض حكمه وذلك كله مع مراعاة الاستثناءات المعروفة الخاصة بحالات الارتباط. ثامنا : يجوز للمتهمين إبداء أوجه دفاع جديدة حتي لو كان الطعن الذي نُقض الحكم علي أساسه قد رُفع من النيابة العامة كما يجوز أيضا للنيابة العامة أن تقدم أدلة جديدة. تاسعا : تتقيّد المحكمة الجديدة التي تنظر الدعوي بأمر الإحالة أو التكليف بالحضور الذي رُفعت الدعوي علي أساسه حتي ولو كان الحكم المنقوض قد قضي بتعديل التهمة أو الوصف. عاشرا : تملك المحكمة الجديدة المحال إليها أن تعدل التهمة بإضافة الظروف المشدِدة أو تغيير الوصف القانوني للتهمة طالما أن الحكم قد تم نقضه بناءً علي طلب النيابة العامة. حادي عشر : لا تتقيّد المحكمة الجديدة كقاعدة عامة بوجهة نظر محكمة النقض حينما نقضت الحكم، وعلي ذلك فإن لها أن تقضي بعكسه دون أن يكون ذلك مبررا للنقض إلا إذا كان الحكم مشوبا بعيب من العيوب التي تشكل وجها من وجوه الطعن بالنقض طبقا للقانون رقم 57 لسنة 1959 سالف الذكر، وقد أوضحنا ذلك تفصيلا في كتابنا «التعليق علي قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 71 لسنة 2009». ثاني عشر : ومع ذلك فهناك من القيود التي تلتزم بها المحكمة الجديدة المُحال إليها الدعوي دون أي استثناء علي القاعدة السابقة كما يلي : القيد الأول : هو أن المحكمة الجديدة تلتزم في حكمها بقاعدة ألا يُضار الطاعن بطعنه، فإذا كان الحكم قد تم نقضه بناءً علي طعن المتهم وحده فلا يجوز للمحكمة أن تقضي عليه بعقوبة أشد من المقضي بها، لأن ذلك هو الذي كانت تملكه محكمة النقض ذاتها فيما لو تصدت للحكم بمقتضي القانون، وقد أوضحنا ذلك تفصيلا في كتابنا «الأحكام الكبري الجنائية والمدنية لمحكمة النقض المصرية». القيد الثاني : هو عدم جواز التعرّض لما فصلت فيه المحكمة استقلالا بحكم نهائي لم يُطعن فيه فلا يجوز التعرّض مثلا للدفوع الفرعية التي تمسّك بها الخصوم وقُضي برفضها بحكم نهائي لم يُطعن فيه. ثالث عشر : يترتب علي نقض الحكم انتهاء آثاره الجنائية في التنفيذ وإخلاء سبيل المتهم المحبوس إلا إذا كان محبوسا لسبب آخر مثل الحبس الاحتياطي في قضية كسب غير مشروع أو قيامه بتنفيذ عقوبة في جناية أو جنحة أخري محبوس علي ذمتها. رابع عشر : أورد المشرّع استثنائين علي القاعدة العامة السابق بيانها والتي من مفادها عدم التزام محكمة الموضوع برأي محكمة النقض وذلك في المادة 44 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ويمكن تلخيص هذين الاستثنائين فيما يلي: الاستثناء الأول : إذا كان الحكم المطعون فيه صادر بقبول دفع قانوني مانع من السير في الدعوي ونقضته محكمة النقض وأعادت القضية إلي المحكمة التي أصدرته لنظر الموضوع فلا يجوز لهذه المحكمة أن تحكم بعكس ما قضت به محكمة النقض، وقد أوضحنا ذلك تفصيلا في كتابنا «شرح أحكام محكمة النقض كمحكمة موضوع جنائيا ومدنيا». الاستثناء الثاني : أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع في جميع الأحوال، أن تحكم بعكس ما قررته الهيئة العامة للمواد الجزائية بمحكمة النقض.