لم تكن سارة تتخيل في يوم من الأيام أنه سيأتي من يقوم بالتفريق بينها وبين شقيقها أحمد.. لكن هذا ما حدث بالفعل، فبعد وفاة والدتهما فوجئ الشقيقان واللذين يعيشان مع والدهما بجدتهما ترفع دعوي بمحكمة أسرة شبين تطالب فيها بضمهما إلي حضانتها. وفي محكمة أول درجة جاءت هيئة المحكمة بالشقيقين ولأن الولد يبلغ من العمر ؟؟ عاماً سألته المحكمة: مع من تريد أن تعيش؟! فأجاب أنه يريد أن يقيم مع والده.. لكن سارة اعتبرتها المحكمة صغيرة السن لأنها لم تكمل ال13 عاماً وقضت بنقل حضانتها إلي جدتها من الأم والتي اعتبرت أحفادها ملكاً لها.. تريد الاحتفاظ بهما بأي شكل بعد وفاة الأم. انتهت الدعوي والتي رفعتها الجدة بأن يعيش الابن مع والده وأن تعيش سارة مع جدتها.. خرجت سارة من المحكمة حزينة تلوم جدتها علي أنها فرقت بينها وبين شقيقها وأبيها.. لكن الجدة أخذت تقول لها إنها تحبها وأنها الذكري الوحيدة الباقية لها من والدتها.. صمتت سارة وأبقت حزنها داخلها خاصة أن الجدة قامت بمعاداة والدها بعد أن وصل الطريق بينهما إلي المحاكم. وعلي الجانب الآخر كان أحمد حزيناً علي فراق شقيقته وطالب والده بعودة سارة إلي المنزل مرة أخري.. استأنف الأب حكم أول درجة وطالب بعودة حضانة الابنة له مرة أخري خاصة أنه لم يتزوج بأخري. وأمام محكمة استئناف أسرة شبين الكوم برئاسة المستشار عبدالله الباجا وبعضوية المستشارين حجازي معوض وعمرو البدرماني جاء الأب وابنه وجاءت الجدة ومعها سارة. وأخذت الجدة تحكي عن ذكرياتها مع ابنتها التي توفيت منذ عدة سنوات وأنها تعتبر الحفيدين الذكري الوحيدة والباقية لها من الأم.. أما الأب فأكد أمام المحكمة أنه لاي ستطيع الاستغناء عن ولديه وأن الجدة من الممكن أن تحضر لرؤيتهما في أي وقت تشاء فيه. بعدها سأل المستشار عبدالله الباجا، سارة: مع من تريدين أن تعيشي؟.. لتصمت الصغيرة لحظات ثم تجيب قائلة: أنا بحب جدتي جداً، لكن أنا ما اقدرش أعيش من غير أخويا وبابا.. بعدها انهمرت الصغيرة في البكاء ثم استمرت في حديثها قائلة: بعد وفاة ماما اتفقت أنا واخويا أننا نبقي مع بعض علي طول.. وبابا وعدنا كمان انه مش هيتجوز واحدة تانية يبقي ليه نسيبه يعيش لوحده! بعدها طلبت الطفلة الصغيرة من المحكمة أن تعود للإقامة مع والدها وشقيقها مرة أخري. رفعت هيئة المحكمة الجلسة للمدولة لمدة نصف ساعة لتصدر بعدها حكمها بإلغاء حكم أول درجة وعودة حضانة الابنة للأب مرة أخري.. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن حكم أول درجة لم يراع مشاعر الصغيرة ولا صلة الرحم وقام بحرمانها من أبيها وشقيقها.. وتصبح الفتاة يتيمة الأم والأب بالرغم من وجوده علي قيد الحياة. كما كان يجب علي محكمة أول درجة أن تراعي المصلحة الكبري للصغير عند إصدار الحكم وليس مراعاة مصلحة الحاضنة، وأنه من شروط الحضانة أن يكون بها ما يحقق الأمن والأمان للصغير وأيضاً يجب أن نرأف بحالته النفسية. وأن في هذه القضية نقل الحضانة للجدة يجعل الصغيرة يتيمة الأم والأب الذي مازال موجوداً علي قيد الحياة.. كما أنه لا يجب تفريق الشقيقين عن بعض، وأن من مصلحة الصغيرة بقائها مع والدها.. كما أن المحكمة راعت ظروف الجدة وسنها وقضت باستضافة الجدة للحفيدة لمدة يومين في الأسبوع. خرج الشقيقان والابتسامة تعلو وجهيهما ويمكسان في يد والدهما وكأنهما يقولان إننا لن نفترق أبداً.. لكن في لحظات سعادتهما هذه لم ينس أحد منهم جدتهما المسنة حيث ذهبا إليها عقب خروجهما من المحكمة وأكدا لها أنهما سيزورونها دوماً ولن ينقطعا عن زيارتها مهما حدث.