أرقام مفزعة ومخيفة تصيب بالدهشة حول استهلاك المصريين للسلع الغذائية في عدة مواسم طوال العام، تشير إلي كم من الإسراف غير عادي تهدر من خلاله مليارات الجنيهات، سواء سلعا رئيسية علي المائدة المصرية أو كمالية وترفيهية في المناسبات وغيرها.. ما يؤكد حاجتنا خلال الفترة الراهنة وفي ظل الظروف التي يمر بها الاقتصاد إلي اتباع سياسة أكثر ترشيدا تخفيفا للنفقات ودعما للاقتصاد وتوفير العملة الصعبة وعدم الضغط علي الاسواق حتي لا تظهر السوق السوداء بعد قلة العرض وزيادة الطلب علي سلع بعينها ما يفتح الباب علي مصراعية ليمارس الجشعين نشاطهم واستغلال الأوضاع القائمة ورفع أسعار المنتجات. أكد تقرير صادر عن مركز المعلومات بمجلس الوزراء، أن الأسر المصرية تنفق نحو 44.9% من إجمالي ميزانيتها علي الطعام سنويًا بمقدار 200 مليار جنيه. كما أشار التقرير إلي أن الإقبال علي الوجبات العائلية تزايد علي نحو 13% في الوقت الحالي، بينما 57% يفضلون طلب السلطات والأطعمة الجاهزة، وأن 43% يفضلون الوجبات التي تحتوي علي البروتين. فيما يستحوذ شهر رمضان علي 15% من حجم الإنفاق بمقدار 30 مليار جنيه، وقدر الخبراء حجم إنفاق المصريين خلال الأسبوع الأول من رمضان بنحو 8 مليارات جنيه، وأكد صناع وتجار المواد الغذائية علي ارتفاع معدلات استهلاك المصريين خلال الشهر الكريم بنسب تتراوح ما بين 30- 40% من الطعام. وفي عيد الفطر قدرت شعبة الحلويات في اتحاد الغرف التجارية، حجم استهلاك المصريين من »كعك العيد» لهذا العام بأكثر من 70 ألف طن، في زيادة عن العام الماضي بحوالي 20 ألف طن، وذلك بقيمة مالية تجاوزت ال 800 مليون جنيه. كما كشفت دراسة لمركز المصريين للدراسات الاقتصادية والسياسة عن حجم إنفاق المصريين لاحتفالات رأس السنة، والتي قدرتها الدراسة بنحو 4 مليارات جنيه. واعتبرت الدراسة أن المبلغ منخفض عن السنوات الماضية قبل ثورة 25 يناير و30 يونيو، لأن الإنفاق السنوي لهذا الاحتفال يصل إلي 5 مليارات جنيه، مؤكدة أن المبلغ يضخ في أشكال مختلفة ومتنوعة، للإنفاق علي رأسها شراء الهدايا والسهرات في المطاعم والفنادق كذلك الرحلات الداخلية والخارجية ورسائل التهاني عبر هواتف المحمول والمطبوعات من كروت المعايدة وهدايا رأس السنة وأشجار الكريسماس والهدايا الذهبية وغيرها. حلوي المولد للفرجة بالرغم من الأزمات الاقتصادية والظروف المعيشية التي يمر بها الشعب المصري إلا أنه لم يتخل عن عادته الفريدة والخاصة في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فلا زالت الحلوي الخاصة بهذه المناسبة أحد أهم مظاهر الاحتفال، حيث يقدر إجمالي ما ينفقه المصريون علي شراء هذه الحلوي بحوالي 5 مليارات جنيه وهذه الرقم بالرغم من ضخامته إلا أنه في منحدر تنازلي عن الأعوام السابقة. حالة من الركود الشديد تشهدها معظم محال بيع حلوي المولد مع اقتراب موسم مولد النبي. ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وعدم وجود آليات واضحة من جانب الدولة لإحكام الرقابة علي الأسواق تسبب في حالة من الإحباط لدي الكثير من المواطنين خاصة من الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل. وبالرغم من أن مولد النبي يمثل أحد أهم المواسم الدينية الهامة والراسخة في أذهان جميع المصريين، والذي عادة ما يصحبه رواج كبير علي »علب الحلوي» إلا أن هذا العام يختلف كثيرا عن الأعوام السابقة، خاصة مع مناداة كثير من المواطنين وبعض الجمعيات إلي مقاطعة كافة السلع غير الضرورية والتي ارتفعت أسعارها خلال الفترة الماضية لأسباب تتعلق بإجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تبنتها الدولة أو بسبب جشع التجار. وفي جولة ل »الأخبار» علي سوق حلوي المولد، تحدث المواطنون بمرارة شديدة عن عدم قدرتهم علي الاحتفال بمولد النبي بسبب ارتفاع الأسعار، فيما أرجع التجار أسباب الزيادة في الأسعار إلي نقص السكر وارتفاع تكلفة الانتاج. في البداية، يقول الحاج جمال محمد، صاحب معاش، لإنه يشعر بالحزن لعدم قدرته علي شراء حلوي المولد لأولاده كما اعتاد أن يفعل كل عام وذلك بسب ارتفاع الأسعار. وأضاف » اعتدنا علي الاحتفال بمولد النبي بالذهاب إلي الأهل والأقارب وتوزيع الحلوي علي الأطفال الصغار، إلا أن هذا العام وبسبب غلاء المعيشة، مشهاقدر اشتري حاجة، وكفاية اننا عارفين نكفي احتياجاتنا من الأكل». وأشار إلي أنه قد يضطر إلي شراء بعض العينات تحت ضغط أفراد أسرته. محمد متولي، موظف حكومي، قال إن أسعار الحلوي ارتفعت بشكل جنوني ووصل سعر العلبة إلي حولي 700 جنيه في المحال التي تستهدف الطبقات الفقيرة والمتوسطة، مشيرا إلي هذا السعر يرتفع في بعض الأماكن إلي ما يزيد عن 1000 جنيه للعلبة. وأضاف » هنجيب منين، الدنيا غليت والمرتبات لم ترتفع، احنا بنكفي احتياجاتنا الاساسية بالعافية». وأشار إلي أنه سوف يقاطع شراء الحلوي هذا العام طالما ظلت الأسعار مرتفعة بهذا الشكل، مضيفا أن المشكلة الحقيقية هي عدم وجود آليات رقابية فعالة من قبل الدولة حتي تتمكن من ضبط الأسعار وردع التجار المخالفين والمستغلين للظروف التي تمر بها مصر. وأكد أشرف أنور، فني كهربائي، أنه لن يشتري حلوي هذا العام وناشد المواطنين من الطبقات الفقيرة أن يحذو حذوه حتي يرجع التجار عن هذا الارتفاع غير المبرر في الأسعار. وأضاف » لو أن هناك جهاز قوي لحماية المستهلك كان هيحمينا من جشع البائعين، وحتي دعوات المقاطعة ما بنعرفش ننجح فيها» وأشار أنور إلي أن الحل في تدخل الدولة لحماية الفقراء من خلال وضع أسعار استرشادية تحدد نسب الزيادة والانخفاض في سعر السلع والمنتجات، حتي لا نترك المستهلكين فريسة لأهواء الباعة لتحقيق أرباح مرتفعة.