لاتزال قضية المبيدات المغشوشة تمثل عبئا ثقيلا أمام مسئولي وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، حيث إن الوزارة تؤكد في تقاريرها الرسمية أن أكثر من ربع المبيدات المتداولة في الأسواق مغشوشة وتسبب أضرارا بالغة علي الزراعة والإنسان علي حد سواء، وأعلنت الوزارة في تقرير للجنة المبيدات الزراعية أن نسبة المبيدات المغشوشة والمهربة في الأسواق تتراوح بين 15 إلي 25 %. وكشف تقرير رسمي للإدارة المركزية لمكافحة الآفات التابعة لقطاع الخدمات بوزارة الزراعة، أنه تم خلال سبتمبر الماضي المرور علي 35 محلا لبيع وتداول المبيدات في 7 محافظات هي الشرقية، الغربية، بني سويف، المنوفية، كفر الشيخ، البحيرة، والنوبارية. وأوضح التقرير أن تلك الحملات أسفرت عن ضبط حوالي 11 ألفا و201 عبوة من المبيدات مختلفة السعات والأحجام بتلك المحافظات، غير مسجلة بوزارة الزراعة، وبعضها من الأنواع المحظور تداولها، لافتاً إلي أنه تم ضبط مصنع بمحافظة بني سويف به مواد خام بدون تصريح من الهيئة العامة للتنمية الصناعية، فضلاً عن ضبط سيارة لتوزيع مبيدات بدون ترخيص داخل المحافظة. تغليظ العقوبة ولعل هذا هو ما دفع الوزارة إلي إعداد قانون جديد لغش المبيدات تضمن تغليظ العقوبة بالحبس 5 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه، خاصة أن القانون الحالي لا يواجه هذه المخالفات لأن غرامة بيع مبيدات مغشوشة ومهربة يصل إلي 10 جنيهات فقط، كما قررت الوزارة إغلاق محال الاتجار والمصانع المخالفة، فضلا عن منح 500 مهندس زراعي الضبطية القضائية من أجل تطبيق المواصفات المصرية والدولية للرقابة علي أسواق المبيدات، وتكثيف الرقابة علي الموانئ ومنافذ الاستيراد ومصانع الإنتاج، للحد من عمليات التهريب أو تداول مبيدات غير مطابقة للمواصفات، وتكثيف الحملات علي محال الاتجار للمبيدات بالقري والنجوع. حملات مستمرة في البداية قال د. عصام فايد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن الوزارة مستمرة في حملاتها المشددة للرقابة والتفتيش علي محلات الاتجار في المبيدات والأسمدة وكافة مستلزمات الإنتاج الزراعي، وذلك لرصد أية مخالفات أو حالات غش قد تضر بالإنتاج الزراعي وصحة المواطنين. وأشار إلي أنه تم اتخاذ عدد من الإجراءات من أجل السيطرة علي أزمة تهريب الأسمدة والمبيدات ومن بين هذه الإجراءات إنشاء قاعدة بيانات تتاح لكافة الأطراف المشاركة في أعمال الرقابة للتعرف علي كافة المواد الكيميائية التي تدخل البلاد، كما تم إنشاء مراكز للرقابة وبيع المبيدات في الأسواق تبدأ في 16 محافظة كمرحلة أولية، كما سيتم عمل برامج تدريب متخصصة لموظفي الجمارك والجهات الشرطية والرقابية حول كيفية كشف محاولات تهريب المبيدات واستيفاء قيد ووصف المضبوطات لمنع تهريب المخالفين من العقوبات القانونية، وإنشاء نيابات متخصصة لقضايا الاتجار غير المشروع في مستلزمات الإنتاج الزراعي مع سرعة البت في تلك القضايا ومتابعة التحقيقات من جانب الشئون القانونية بوزارة الزراعة حفاظاً علي الأمن الزراعي والبيئي، تغليظ العقوبات القانونية علي الاتجار غير المشروع في المبيدات باعتبارها جرائم أمن اقتصادي وبيئي وصحي، وتفعيل دور الإنتربول المصري في التواصل مع الدول الخارجية لكشف محاولات تهريب المبيدات إلي مصر. كما أقرت لجنة مبيدات الآفات الزراعية، التنسيق مع إدارة التهرب الضريبي لتحصيل الضرائب المستحقة علي ما يتم ضبطه داخل الأسواق المحلية، وإخطار الجهات الإدارية التي يقع في نطاقها مقر الشركات أو المصانع التي يتم ضبط قيامها بتهريب أو غش المبيدات لتقوم تلك الجهات بتنفيذ الإغلاق الإداري. برامج تدريبية فيما قال د. محمد عبد المجيد، رئيس لجنة المبيدات بوزارة الزراعة، إنه لا يمكن إنكار أن هناك نسبة كبيرة من المبيدات الموجودة بالأسواق مغشوشة ولذلك تقوم الوزارة بعمل حملات مستمرة من أجل ضبط هذه الكميات قبل بيعها للفلاحين، مشيرا إلي أنه تم بشكل كبير مواجهة المشكلة والتعامل معها وهو ما جعلها تنحصر بشدة عن السنوات الماضية. وأضاف أنه يتم الآن عمل برامج تدريبية مكثفة لكافة العاملين بهذا القطاع من أجل رفع الوعي العام لديهم حول خطورة التعامل في المبيدات المغشوشة نظرا لما تحتويه من مواد سامة تضر بالإنسان والحيوان والنظام البيئي بشكل عام. وأكد أن مواجهة هذه الظاهرة تحتاج إلي إصدار تشريعات صارمة تجرم تداول المبيدات المغشوشة، حيث إن الغرامة الموجودة في قانون الزراعة والذي صدر في ستينيات القرن الماضي ومازال معمولا بها حتي الآن هي 10 جنيهات فقط، وهو ما لا يمثل أي ردع للمخالفين، ولذلك قامت الوزارة بإعداد قانون لتجريم بيع المبيدات المغشوشة تصل فيه العقوبة إلي السجن 5 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه حتي يتم ردع المخالفين بشكل كبير. كما أن هناك تعاونا كبيرا مع الجمارك وشرطة المسطحات حيث تم ضم ممثلين عنهما بلجنة المبيدات ويحضران اجتماعات اللجنة بشكل مستمر من أجل الوصول إلي التنسيق الكامل بين مختلف الجهات التي من شأنها منع انتشار هذه الظاهرة. وأوضح أن وزارة الزراعة تقوم الآن بإعطاء »شهادات تميز» لأصحاب المحال التجارية التي تبيع المبيدات السليمة والآمنة علي الصحة العامة وبالتالي يجب علي الفلاحين التوجه إلي هذه المحال وعدم الشراء من أصحاب المحال التي تبيع المبيدات بسعر أرخص من سعرها الحقيقي لأن أول من يتضرر من ذلك هو الفلاح نفسه والأرض قبل أن يمتد الضرر للحيوان والبيئة المحيطة. وأوضح أن احتياجات مصر الاستهلاكية من المبيدات لمكافحة الآفات التي تهدد الإنتاج الزراعي في مصر تصل إلي 8 آلاف و600 طن مبيدات سنويا، مشيرا إلي أن وزارة الزراعة تقوم حاليا بالإعداد لإطلاق أول هيئة للرقابة علي تداول المبيدات في مصر، تكون بديلا للجنة مبيدات الآفات الزراعية حاليا والتي تستهدف تفعيل الدور الرقابي للدولة وضمان تطبيق الممارسات الجيدة في مراحل الزراعة، وحتي الجني والحصاد لمختلف المنتجات الزراعية قبل طرحها في الأسواق لضمان جودتها وسلامتها وصلاحيتها للتداول. وأضاف أن الهيئة في حالة إقرارها تستهدف زيادة معدلات نفاذ الصادرات المصرية للأسواق الدولية والحد من وجود متبقيات للمبيدات في المنتجات الزراعية سواء المخصصة للتصدير أو التداول في الأسواق المحلية، موضحا أن الهيئة تهدف إلي تفعيل الدور الرقابي للدولة في منظومة سلامة الغذاء.