240 دقيقة عاشتها »الأخبار» في قلب البحر المتوسط لتشارك الصيادين عمليات البحث عن جثامين ضحايا مركب الهجرة غير الشرعية أمام سواحل مدينة رشيد. بدأت الرحلة في تمام الساعة الثالثة عصرا حيث قمنا باستقلال احد مراكب الصيد من بوغاز مدينة رشيد وعليها 5 أشخاص من الصيادين الذين تطوعوا لخدمة الأهالي الباحثين عن أبنائهم مصطحبين معهم بعض الواح الثلج وعددا من الأكياس التي تحفظ الجثامين لتوصيلها إلي الميناء. وبعد ابحار دام أكثر من 90 دقيقة إذ بأحد الصيادين يخرج جهاز ال GBS ليؤكد لطاقم المركب أنهم وصلوا إلي المكان الذي وقعت فيه الكارثة، وبدأ الصيادون الخمسة باخراج أجهزة المنظار بحثا عن المفقودين بالقرب من المركب الغارقة وقام أحدهم بتحريك المركب في حركة دوران علي مسافة 6 كيلو مترات مربعة من أجل البحث عن الجثامين المفقودة وبعد 30 دقيقة من عمليات البحث صرخ أحد الموجودين »جثة اهي، وقف المركب بسرعة وارجع» وما ان اقتربنا من الجثمان إذ باثنين من الصيادين يقفزان في البحر لانتشال الجثمان وقام الاخران بتجهيز الشباك ليلقوها في الماء حتي يتم رفع الجثمان فوق سطح المركب. بدأ الصيادون برفع الجثمان علي سطح المركب وقاموا بإحضار الكيس لادخال الجثمان بداخله ولكن المفاجأة ان علامات الإصابات والجروح ظهرت واضحة علي الجثمان نتيجة الاشتباكات التي وقعت في المركب المنكوبة قبل الغرق وبعد ادخال الجثمان في كيس الموتي احضر الصيادون الواح الثلج لوضعها علي الجثمان للحفاظ عليه من التحلل. بعدها اعطي قائد المركب أوامره بالتحرك لاستكمال عمليات البحث لانتشال باقي الجثامين وقام أحد الصيادين بإجراء اتصال بالشاطئ لتزويدهم ببعض الواح الثلوج وفي أقل من 20 دقيقة وصل احد المراكب الصغيرة الينا وتزويدنا بكمية من الثلج. رحلة البحث لم تتوقف حتي وجدنا احد الجثامين تخرج من أسفل المركب التي نستقلها وعلي الفور اتخذنا نفس الاجراءات السابقة لانتشال الجثمان الثاني.. فرحة وشعور بالحزن في نفس الوقت.. كانت الفرحة هي العثور علي الجثث وتسليمها إلي الأهالي والحزن علي مصير هؤلاء الشباب والاطفال الذين ماتوا غرقا في عرض البحر المتوسط. وعندما حل المساء وبدأ الظلام يكسو البحر المتوسط أصدر قائد المركب أوامره للصيادين بالعودة إلا أن أحدهم أصر علي الاستمرار نظرا لوجود رياح قوية ستقوم بحمل الجثامين بعيدا عن مكان الحادث واجابه آخر بأن الظلام سيمنعهم من اكتشاف الجثامين.. فاقتربنا من أحدهم وسألناه ماذا تقصدون بالرياح؟ فاجاب قائلا: ان الرياح أحد أهم العوامل التي تصعب عملية البحث عن الجثامين. ويختلف ظهور الجثامين علي سطح البحر، فبعض الجثامين تستغرق وقتا في الطفو نظرا لحجم ووزن الجثمان بالاضافة إلي مقدار عمق البحر الذي يصل إليه الجثمان، وهناك بعض الجثامين يحدث لها انتفاخ بطريقة سريعة فتطفو بشكل أسرع، واخري يسوء حظها فيعوق ظهورها بعض الأشياء الموجودة أسفل مياه البحر المتوسط وأخيرا الرياح التي تقوم بحمل الجثامين إلي مناطق بعيدة عن مكان الحادث ويصعب انتشالها. الثلاجة هي المكان المخصص داخل السفينة أو المركب الذي قمنا باستقلاله حيث يتم وضع الجثامين داخل هذه الثلاجة حتي الوصول إلي الشاطئ وتسليم الجثامين إلي الأهالي ومنها إلي مستشفيات رشيد والمحمودية وادكو ودمنهور من أجل الحصول علي تصريح النيابة للدفن. نهاية الرحلة كانت عند وصول الجثامين إلي شاطئ بوغازي برشيد هنا كانت الدموع والآهات في انتظارنا حيث تتعالي الصرخات بمجرد وصول أي جثمان.