قصة تتويج ليستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي لأول مرة في تاريخه لا تقتصر علي نقاط وأهداف وانتصارات، هناك جانب إنساني خارج الملعب، يكشف كيف كان اللاعبون وحتي مدربهم العجوز كلاوديو رانييري يحملون بداخلهم الكثير من الألم والذكريات الصعبة بسب مشاكل وأزمات في حياتهم الخاصة.لا ينجح الجميع في تحويل الظروف الصعبة التي يعيشوا فيها إلي دافع قوي لتحقيق الانتصارات، هذا يتطلب كفاحا وصبرا والثقة في تحقيق المستحيل، وهذا ما نفذه لاعبو ليستر سيتي في الموسم »الذهبي الذي قد لا يتكرر أبدا في تاريخ النادي»، ليحولوا طموح الفريق والجماهير من مجرد البقاء في الدوري الممتاز »البريميرليج» إلي المنافسة علي البطولة ومصارعة الكبار في عقر دارهم، والآن انتهي المشوار بالخاتمة السعيدة بعدما تحقق حلم الإمساك بكأس الدوري الأعرق في العالم. أيضا تتويج ليستر سيتي وانتصاراته هذا الموسم، لم يؤثر فقط علي حياة اللاعبين فقط، بل امتد أثره إلي الجماهير التي عاشت الحلم الجميل حتي نهايته السعيدة، فهناك من ودع الفقر ليصبح ثريا، وأخر كافح المرض وشاهد فرحة ليستر سيتي، وهناك مواليد جدد صارت تحمل اسماء نجوم الفريق كلاوديو.. المدرب الملك إحدي القصص الإنسانية التي تم تسليط الضوء عليها بعد فوز ليستر سيتي بالدوري الإنجليزي هذا الموسم، خاصة بالمدرب رانييري. يبلغ رانييري من العمر 64 عاما، وعلي مدار مسيرته التدريبية قام بتولي مسئولية 15 فريقا قبل قيادة ليستر سيتي، أندية كبيرة مثل أتلتيكو مدريد وفالنسيا في إسبانيا، ويوفنتوس وبارما وإنترميلان ونابولي وروما في إيطاليا، وتشيلسي في إنجلترا، ومنتخب اليونان، والمآساة بالنسبة له عدم نجاحه في تلك المحطات السابقة في تحقيق أي بطولة دوري، وقبل أن يأتي إلي ليستر سيتي تم طرده وإقالته من تدريب منتخب اليونان لسوء النتائج. عندما وقف رانييري أمام وسائل الإعلام التي صارت تصفه بال»ملك» بعدما حسم رسميا مع ليستر سيتي لقب الدوري الإنجليزي، قال كلاما من القلب تهتز له القلوب، يمكن نحته علي الجدران لتكون عبارات محفزة دائما لأي إنسان يظن نفسه فاشلا بسبب تأخر النجاح:» كنت واثقا أنني سأفوز بلقب الدوري في مكان ما قبل أن أعتزل ، أنا نفس الشخص الذي تم طرده من تدريب اليونان، عندما انتهي الشوط الأول بين تشيلسي وتوتنهام بتقدم توتنهام كنت مكتئبا، عندما سجل كاهيل اعتقدت أن شيئا ما سيحدث، ومع هدف التعادل لهازارد احتفلت». وأضاف:» نصيحتي لأي إنسان ، حاول دائمًا، حاول بكل الطرق ولا تيأس، وصدق دائمًا أنك قادر علي فعل ما تريده» محرز.. الوصول للعالمية هناك قصة طويلة عن الجزائري رياض محرز، الذي فاز بجائزة أفضل لاعب هذا الموسم بالدوري الإنجليزي، بدايتها من الحي الذي تربي فيه داخل فرنسا »سارسيل» الذي يعتبر من أخطر الأحياء في باريس بسبب الاضطرابات والجرائم العرقية والدينية بسبب المهاجرين المستقرين في هذا الحي من أكثر من فئة سواء يهود أو مسلمين. تعرض محرز لصدمة قوية عندما توفي والده بسبب مضاعفات صحية بعد عملية جراحية في القلب، وقتها كان النجم الجزائري في ال15 من عمره وقال عن تلك الفترة:» لا أعلم ماذا حدث لي فعلاً بعد وفاة والدي ولكن شعُرت بأن الأمور أصبحت جدية وبأن الحياة قصيرة ويجب أن أتقدم وأعمل بجهد حتي أصل لحلمي». حصل محرز علي أول عقد احتراف حصل عليه محرز جاء من فريق كيمبير عام 2009، وكان النادي يبعد عن مسقط رأسه بحوالي 500 كيلومترا، وبعد توقيعه علي العقد اتصل بوالدته يبكي لابتعاده عنها. وصل محرز إلي فريقه الجديد بشنطة تحتوي علي فرشاة أسنان ومعجون وأحذية كرة قدم فقط، وفقًا لما أكده مدرب كيمبير في ذلك التوقيت. يحكي محرز عن موقف مع والدته حدث قبل أن يصبح لاعبا مشهورا حول العالم، قائلا:» لم أكن أملك المال الكافي لركوب القطار، وكنت أحصل علي المال من أمي التي تولت الإنفاق علينا بعد وفاة والدي، أردت دائما أن أساعدها وأطمئنها بأن الأوضاع سوف تتحسن، قلت لها سوف أعيد لك المال عندما أصبح لاعبا عالميا، وهي تضحك لي وتقول إن شاء الله». انتقل محرز إلي فريق لو هافر عام 2010 حتي عام 2014، لينتقل إلي ليستر سيتي بالدوري الإنجليزي الممتاز ووقتها كان الفريق صاعدا حديثا لتلك الدرجة، وحقق في موسمه الأول المرتبة ال14 بجدول الدوري، والآن صار بطلا للبطولة. أيضا محرز حقق الكرة الذهبية كأفضل لاعب جزائري لعام 2015، وهو تسلم الجائزة من النجم المصري محمد أبوتريكة، ووقتها قال:» أنا مازلت في بداية الطريق وهناك الكثير الذي أريد أنه أحققه في كرة القدم». فاردي.. المخمور الهداف! تحول جيمي فاردي إلي هداف ليستر سيتي هذا الموسم، وينافس علي لقب الهداف بين نجوم الدوري الإنجليزي، حتي أنه دخل ضمن قائمة منتخب إنجلترا المشاركة في بطولة الأمم الأوروبية »فرنسا 2016». النجاح الذي حققه فاردي هذا الموسم، جاء بعد أيام عصيبة عاشها النجم الإنجليزي صاحب ال29 عاما، ومن ضمن الأزمات التي كانت من الممكن أن تقضي علي مسيرته الكروية، هي إدمانه لشرب الخمور بمجرد انضمامه لفريق ليستر سيتي عام 2012. حكي ابن مالك نادي ليستر سيتي أن فاردي عندما انضم للفريق عاني من صعوبة في التأقلم وعدم القدرة علي معايشة طابع الحياة الأكثر ثراءا، لأنه كان قادما من نادي درجة خامسة وانتقل مع ليستر سيتي إلي الدرجة الثانية، وها شكل ضغطا كبيرا عليه، ولم يجد أي وسيلة للتعامل مع الأمر إلي بشرب الكثير من الخمور. وأضاف:» كان فاردي يأتي إلي التدريب في حالة عدم اتزان بسبب تأثره بشرب الخمر وعدم النوم لساعات طويلة، ولهذا تدخلنا معه في الوقت المناسب، وذكرناه بمدي أهمية الالتزام بالنواحي الاحترافية، وحذرناه بأن مسيرته سوف تتدمر سريعا إذا استمر علي هذا النمط». وبعدها بدأ فاردي يعيد حساباته من جديد، وتحسن مستواه واجتهد في التدريب، في البداية لم يكن بنفس الأداء البدني والفني، لكنه هذا الموسم تطور في سرعته وفي دقته أمام المرمي، لكن يكن أحد يتخيل أنه سوف يتحول إلي هداف قوي بهذا الشكل. فاردي سجل هذا الموسم قبل نهاية البطولة بجولتين 22 هدفا، وهو لم يشارك في مباراتي سوانزي سيتي ومانشستر يونايتد بسبب الإيقاف. سعيدي .. المليونير المشرد بفضل فوز ليستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي، تحول أحد المشردين في بريطانيا إلي رجل مليونير، وهو رون سعيدي الذي تقابل مع الجزائري رياض محرز بالصدفة في أحد الشوارع يوم 9 أغسطس عام 2015، فأراد الحصول علي أموال مساعدة من نجم ليستر سيتي. قرر رون سعيدي أن يردد الهتاف الجزائري الشهير الخاص بالمنتخب » وان تو ثري فيفيا لالجيري»، وهذا جذب سمع محرز، الذي تعرف علي رون واستمع لقصته وظروفه الصعبة، فأعطاه محرز مبلغ 200 جنيه استرليني. الغريب أن سعيدي استغل تلك الأموال في الرهان علي فوز ليستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي، رغم أن تلك الفكرة كانت مستحيلة لأن الفريق لم يفز من قبل بهذه البطولة، وشاء الحظ والنصيب أن يفوز ليستر سيتي لأول مرة في تاريخه بالبطولة، ليحصل رون سعيدي علي مبلغ مليون جنيه استرليني، ليتحول من مجرد مشرد في الشارع بلا مأوي إلي رجل ثري يملك مبلغ ضخم . حصل المشرد رون سعيدي علي مبلغ 5 آلاف جنيه مقابل كل جنيه بعد فوز ليستر سيتي بلقب الدوري في أكبر مفاجأة في البريمرليج مما يعني حصوله علي مليون جنيه إسترليني. توني.. معركة السرطان توني سكيفنجتون، هو ليس من لاعبي ليستر سيتي لكنه ضمن ملايين المشجعين للنادي الذي أذهل العالم بتحقيقه بطولة الدوري الإنجليزي، هذا المشجع أيضا خطف احترام العالم بعدما تحدي السرطان وخاض معركة عنيفة ضده أملا في البقاء علي قيد الحياة. قال توني في تصريحات إعلامية:» الأطباء في شهر مارس 2015، شخص الأطباء في بريطانيا حالتي بأنها حالة متأخرة للغاية، وقد أفارق الحياة في غضون أربعة أسابيع، لكن شيئاً ما حدث جعل قلبي يتمتع بنبض الحياة حتي الآن، الفضل يعود إلي ليستر سيتي». وأضاف:» قتال ليستر من أجل البقاء في الموسم الماضي، ورؤية ما يفعلونه هذا الموسم هو ما ساعدني علي الحياة، نصيحة الأطباء لي بالتركيز مع شيء أحبه من أجل العيش، بعدما كانوا قد أخبروني أنني سأفارق الحياة في غضون أربعة أسابيع، هو ما جعلني أهتم بليستر كثيرًا». وقالت الزوجة:» ليستر هو من أبقاه علي قيد الحياة، وقد تفاعلت إدارة النادي مع حالة توني وأرسلت له هدية تذكارية عبارة عن صورة لاعبه المفضل أندي كينج». لكن قصة معركة توني انتهت بفصل حزين بعدما فارق الحياة قبل أيام أثناء مشاهدة تعادل ليستر سيتي أمام وست هام يونايتد قبل حسم اللقب رسميا، وأثناء المباراة كان غاضبا بشدة من قرارات الحكم العكسية خاصة بعدما طرد جيمي فاردي، حتي أنه قفز من سريره غضبا رغم أنه كان عاجزا عن الحركة، كان يتنفس حبا لفريق ليستر سيتي حتي الثانية الأخيرة من حياته. هربرت.. الرهان الغبي سلطت صحيفة »ديلي ميل» البريطانية الضوء علي أغبي رهان في تاريخ كرة القدم لكن نهايته كانت سعيدة جدا للمشجع لي هربرت، الذي خاطر بأمواله عندما راهن بفوز ليستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي مع انطلاق الموسم. قال هربرت:» هيئة المراهنات عندما لاحظت هذا الرهان و أرفقته بهذه الجملة: سوف يكون هذا القرار بمثابة أسوأ مراهنة في التاريخ. ففرصة فوزه لا تتعدي 1/5000 هذا الموسم عندما يكون في حالة توازنه. نحن نتساءل ما الذي لم يعجب هذا المشجع بشأن الفوز 4-2 في مباراة افتتاح الموسم. نحن نعرض علي عميلنا تحمل كل مصاريف المراهنة في مباراة بالموسم المقبل، بالإضافة إلي رهان آخر علي اللقب لكي نخفف من الضربة التي سوف يتعرض لها». ومع ذلك تمسك هربرت برهانه، وهو الآن علي موعد للفوز بمبلغ كبير جدا بعدما توج ليستر سيتي بلقب الدوري لأول مرة في التاريخ. الجماهير.. احتفالات مجنونة عبر الكثير من مشجعي ليستر سيتي عن فرحتهم بلقب الدوري الإنجليزي باكثر من طريقة مجنونة، فالإنجاز تاريخي ولا يحدث إلا مرة واحدة في العمر. قرر أحد المشجعين أن يطلق علي رضيعته اسم »كلاوديو رانييري» تخليدا لذكري المدرب الإيطالي الذي قاد ليستر سيتي للقب الدوري، مؤكدا أنه لم يفوت أي مبارة للفريق منذ بداية الموسم خاصة أن البداية كانت قوية وتوحي بنهاية لم تحدث من قبل. وهناك مشجع آخر، قرر أن يطلق اسم »فاردي» علي طفلته الصغيرة التي ولدت بعد تتويج ليستر سيتي بالبطولة، مؤكدا أنه نال موافقة زوجته علي هذا القرار. وفي مدينة ليستر، قام أحد ملاك صالونات الحلاقة بتغيير اسم المحل الخاص به ليتحول إلي »محرز وفاردي» احتفالا بالنجمين صاحبي الدور الأكبر في الفوز التاريخي. وداخل أحد مطاعم الأكل الهندي، تعهد صاحب المطعم بتقديم 1000 وجبة مجانية لحاملي البطاقات الموسمية لفريق ليستر سيتي، احتفالا بالبطولة.