استضافت لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، أمس الاثنين في محمية المرزوم للصيد في المنطقة الغربية، وفدا من ممثلي وسائل الإعلام المحلية، إضافة لعدد من الإعلاميين الخليجيين والعرب من خارج دولة الإمارات من كبري وسائل الإعلام العربية والدولية، حيث اطلع الوفد الإعلامي من خلالها على مستوى الخدمات الرفيعة التي تقدمها محمية المرزوم لجميع زوارها من عشاق الصيد والتراث والبيئة. واستقبل الوفد كل من السيد عبيد خلفان المزروعي مدير الفعاليات التراثية في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، والسيد أحمد بن هياي المنصوري مدير محمية المرزوم، وعدد من العاملين في المحمية بما يعكس مرآة الضيافة الإماراتيةالأصيلة.. وبدأت الجولة الإعلامية على ظهور الإبل في طبيعة خلابة وحياة ثقافية وتراثية لا مثيل لها، حيث جابت الإبل بالوفد فوق أرض المحمية الساحرة. وهدفت الجولة لتعريف الإعلاميين بنوعية ومستوى الخدمات التي تعدها وتقدمها محمية المرزوم، حيث تعتبر الصقارة إحدى أهم الرموز الحضارية للمنطقة، توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد كتراث عريق غائر في أعماق التاريخ. وتكمن ميزة المحمية التنافسية في تفرّدها واختلافها عن باقي مشاريع محميات الحياة البرية في شتى مناحي العالم، وذلك باعتبارها تركز على الصقارة وفراسة الصحراء ومختلف أوجه التراث الإماراتي الأصيل. وتسعى لتقديم تجربة ثقافية وسياحية لزوارها، تجربة فريدة من نوعها في الصيد التقليدي، مع الحرص على استدامة الطرائد وتعزيز الوعي بالصقارة والصيد المُستدام. كما يأتي تأسيس المحمية مع تزايد الطلب على إقامة مشروع يسمح بالصقارة ضمن إطار قانوني نظراً لمحدودية العرض محلياً ودولياً، حيث يتسم السوق المحلي بالافتقار إلى توفير تجارب مماثلة تسمح بالصيد بالصقور وتعليمها للمهتمين وللسائحين بشكل قانوني ومنظم. وقام ممثلو وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية بجولة استكشافية حول المرافق المختلفة التي تحويها المحمية، والمخيمات التي تتضمنها لاستقبال الزوار وهواة الصيد ومنها عدد من المخيمات العائلية المُجهزة بكل ما يلزم من احتياجات ضرورية خلال فترة الإقامة، والتي تتفرّد بمواكبتها لفخامة الفنادق والمنتجعات الساحرة. وتتيح المحمية لكافة أبناء الإمارات وزوارها وللسياح على مدار موسم الصيد السنوي خلال الفترة من شهر نوفمبر الى شهر فبراير سنوياً، بالاستمتاع بالطبيعة والبيئة الخلابة التي تمتاز بها المحمية، إلى جانب ممارسة هواية الصيد وفق رسوم رمزية في متناول الجميع. واصطحب فريق المحمية الإعلاميين لجولة صيد فريدة من نوعها، بدأت الجولة بركوب الصقارين على ظهور الإبل ومواكبتهم عبر سيارات تراثية تلتزم بخط مسار معين بعيداً عن عناصر البيئة الطبيعية، ولتبدأ رحلة المغامرة والمطاردة الشيقة بين الصقار الذي يحمل طيره، ليتجه نحو الحبارى مُسرعاً بحثاً عنها عبر أثرها في الرمال، من ثمّ يُطلق الصقر في الوقت المناسب ليتمكن بعد دقائق قليلة من المُطاردة الجميلة من الانقضاض على الحبارى واصطيادها وسط إعجاب الجميع. وقد شهدت المحمية في موسمها الحالي قدوم أفواج عديدة من السياح العرب والأجانب، وخاصة عشاق الصقارة والسياحة الصحراوية. وأوضح عبيد المزروعي أنّ القنص عشق يسكن حياة البداوة، ورحلة الصيد بالصقور متعة لا مثيل لها حيث روح التعاون والصُحبة الطيبة والشعور بالمغامرة والتحدي. والصقارة هواية تراثية ورياضة عربية أصيلة تعتبر إحدى ركائز التراث الخليجي، وتمثل نزعة أصيلة في النفس، ومدرسة لتعليم الأبناء الصبر والقوة وروح الجماعة في ظل سحر البيئة الصحراوية الذي لا يُوصف. وقد تميّز أبناء دولة الإمارات، بتدريب واستئناس الصقور، وكانوا دائماً ملتزمين بأخلاقيات التعامل مع هذه الكائنات الجميلة، وبرعوا في معرفة حسن آداب تدريب الصقر ومعاملته، وتوارثوها جيلاً بعد جيل، وأصبحت لهم وسائل خاصة بهم تعتبر من أنجع الطرق بين مثيلاتها عند أصحاب الهواية والممارسين لهذ الرياضة فى العالم.. وهذه الطريقة التي تحتاج إلى صبر وخبرة جيدة ودقة فى المعاملة، تنجح في النهاية في تحويل هذا الطير الجارح إلى طير مستأنس مُطيع لأوامر مالكه، لتنشأن بينهما ألفة وصداقة عميقة. وأكد المزروعي أنّ من عرف الصقارة لن يتخلى عنها أبداً، ومع المقناص (رحلة الصيد)، تبقى متعة الذكريات حاضرة في الأذهان لحين طلوع نجم سهيل مرة أخرى وابتداء موسم صيد جديد. وقد أثبتت السجلات والحفريات حول رياضة الصيد بالصقور التي ابتدأت مع ظهور الحضارة وعُرفت في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط منذ آلاف السنين، ومن ثم انتشرت لمعظم الشعوب والأمم آنذاك وبعدها دخلت إلى أوروبا قادمة من الشرق العربي. وأوضح المزروعي أن "محمية المرزوم" تُعد من أهم ما يميز التراث الإماراتي الذي يحرص أهل الإمارات على الحفاظ عليه وتطويره ليواكب معايير الاستدامة الحديثة، وتماشياً مع سعي إمارة أبوظبي إلى تعزيز هذا الموروث التاريخي الهام عبر تنفيذ العديد من المبادرات التي يأتي في مقدمتها إطلاق مدرسة محمد بن زايد للصقارة وفراسة الصحراء وفعاليات مهرجان الصداقة الدولي للبيزرة، إضافةً إلى نجاح جهود تسجيل الصقارة في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في منظمة اليونسكو. ونوه المزروعي إلى أهمية تقديم تجربة ثقافية وسياحية فريدة للصيد التقليدي في دولة الإمارات عبر موقع مميز وباستخدام وسائل تنقل بدائية، مع الحرص على استدامة الأنواع وتعزيز الوعي بالصقارة وصون البيئة والتراث، وأن تصبح أبوظبي وجهة أساسية لعشاق الصيد بالصقور، والتأكيد في ذات الوقت على الدور الهام الذي تقوم به إمارة أبوظبي لترسيخ مبادئ الصيد المُستدام، وتطوير مشاريع إكثار الصقور والحبارى في الأسر، إضافة لتعزيز الاعتراف الدولي بالصقارة كتراث ثقافي إنساني. من جهته أكد أحمد بن هياي أن محمية المرزوم تركيز على الصيد بالصقور في المقام الأول مع عدم تقديم أية أشكال أخرى من سياحة الحياة البرية في الوقت الحالي، كما أنّ الإقامة تقتصر على الخيم التقليدية للحفاظ على الهدف الرئيسي من المشروع وهو الرجوع إلى الطبيعة والحفاظ عليها، وبالطبع يقتصر المشروع على تقديم أطر الصيد التقليدي دون الاستعانة بأية أسلحة مهما كانت. كما يتم توفير طائر الحبارى (من مراكز الإكثار المعروفة - وليس من البرية) وفرص الصيد بالصقور ضمن إطار قانوني ومراقب، وتجدر الإشارة إلى أنّ إمارة أبوظبي قد تبنّت في أوائل السبعينيات من القرن الماضي مشروع لإعادة توطين طائر الحبارى بمبادرة من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وذلك بهدف الحفاظ على الأنواع وحمايتها من الانقراض. وتطرق إلى الأبعاد التي يعكسها المشروع على أبوظبي بشكل خاص والإمارات بشكل عام، فضلاً عن كونه محورًا لجذب الوفود السياحية التي ستتمتع بالرفاهية بأسلوب عصري ممزوج بفنون التراث القديم.ويبعد مشروع محمية المرزوم (مرزوم- المنطقة الغربية) عن مدينة أبوظبي حوالي ساعة بالسيارة (100-120 كيلومتراً)، وتبلغ المساحة الإجمالية لمنطقة الصيد 923 كيلومترا مربعاً، وقد تم تسييجها بالكامل.وتُحيط بمنطقة الصيد محمية طبيعية شاسعة، حيث تتوفر عدّة نقاط مرتفعة يمكن استغلالها لمشاهدة الطبيعة والحيوانات في الموقع، وتحتوي المحمية على نمط نبات الغضا الطبيعي الذي تتفرّد به إمارة أبوظبي.وتقتصر الإقامة في محمية المرزوم للصيد على الخيم التقليدية انطلاقاً من أنّ الهدف الرئيسي هو الرجوع إلى الطبيعة والتراث والحفاظ عليهما. كما يقتصر المشروع على تقديم أطر الصيد التقليدي دون الاستعانة بأية أسلحة حديثة، ولكن تتم الاستعانة بالسيارات التراثية للتنقل داخل الموقع نظراً لمساحته الكبيرة نسبياً مع الحرص على الابتعاد عن العناصر الطبيعية للموقع، فيما تتم متابعة رحلة القنص داخل المحمية عبر استخدام الهجن. وللسيارات القديمة المُستخدمة في التنقل طابع خاص كونها من أولى المركبات التي استخدمت في رحلات الصيد، وقد تمكن الآباء والأجداد بفضل خبرتهم الواسعة من استخدامها في صحاري الإمارات. وتوفر المحمية الفرصة لصيد الأرنب، وطائر الحبارى الذي يتم توفيره من مراكز الإكثار المعروفة وليس من البرية، وفرص الصيد بالصقور مُراقبة ضمن إطار قانوني.