ماذا لو عكسنا الآية ولم نجعل الفأر هو الذي سقط فوق قدم الأسد وهو نائم، فأيقظه غاضبًا، فحاق به العذاب العظيم وأصبح مصيره الموت لأنه تجرأ أولاً وتجاسر ودخل عرين الأسد دون استئذان، وثانيًا لأنه أخذ يلعب ويلهو بالقرب من ملك الوحوش دون أن يقدر حجم المخاطر ويفكر للحظة واحدة في مصيره المحتوم حين يتمكن منه ملك الغابة، وإنما سنجعل السيناريو دون أن نطيل فيه يسير بشكل عكسي! قصتنا البسيطة تبدأ حين يستيقظ الفأر من نومه عكر المزاج منفعل هائج، فزأر زائيرًا قويًا معه هربت من أمامه كل الأسود وباقي وحوش الغابة وجلة، فوقف الفأر علي ذيله في مكانه شامخًالا يتحرك كالطود صاعدًا في الجو، يصرخ قائلاً في وجه ملك الغابة: "سأقتلكم جميعًا وأجعل منكم وليمة سائغة لأقراني من الفئران إن لم تأتوني صاغرين"!، فتقدم أسد بضع خطوات محسوبة، منكس الرأس، من عرين الفأر وقد اصطفت من حوله القطط تحرسه في صحوه ونومه، يقول له في خضوع تام: "أنت ملك غابتنا وسيدنا ومرشدنا وإمامنا تحكم بيننا وتتحكم، كلنا عبيدك، لا ترهبك قوة، كما أنك لست مطالبًا بأن تُيرهن علي قوتك وجبروتك، فماذا تطلب منا ونحن شعبك المطيع الهادئ دون أن ترتفع لديك أنزيمات العصبية فتطيح بنا"!، فهتفت القطط في هذه اللحظة وهي ترفع رايات سوداء مرسوم عليها جمجمة وعظمتين متقاطعتينومكتوب أسفلها: "المجد للفئران أسياد الغابة، نحن نعمل لصالح حيوانات الغابة"!، فأطرق الفأر ملك الغابة برأسه حتي لمس صدره، وأرخي عينينه الي الأرض غرورًا واستعلاءً لا تواضعًا وتأدبًا، وأمسك بطرف الكلام وقال مخاطبًا ومعنفًا في حيوانات الغابة: "أنتم أيها الأغبياء، لقد عشتم أكثر من ألفي عام تحت حكم الغزاة من الحيوانات التي أتت طاغية تحكمكم بالحديد والنار، ولم يتجرأ حيوان منكم مستأنس أو وحشي، بري أو مائي أن يرفع سيفه أو حتي صوته في مواجهة هذا الظلم، فأي مذلة وشقاء وبؤس واستعباد عشتم تتجرعون عذابه قرونًا بعد قرون، فاستسلموا واستعدوا من الأن وصاعدًا لطول جلوسي علي كرسي العرش ربما لمائة عام قادمة، وتأكدوا أن معارك التحرير التي تحلمون بها لن تتحقق، فكل الحيوانات تصدق أن هدفنا الأساسي هو الدعوة وإرساء مبدأ الشوري علي طريقتنا نحن لا الديمقراطية التي تتشدقون بها، فاعلموا أن الإرهاب هو وسيلتنا للسيطرة علي كل غابات المنطقة"! واسترد الفأر وعيه وهو غير مصدق أنه داخل المصيدة ينتظر الموت غرقًا، وأخذ يردد في هذيان: "أنا أقوي حيوان في الغابة، أنا داهية سودا، ستأتي كل حيوانات الغابة وتخلصني من هذا السجن"! ... عندما نذكر الإخوان المسلمين، فإننا نذكر تاريخًا طويلاً من العنف وأعمال التخريب والاغتيال والدم منذ نشأتها علي يد مؤسسها حسن البنا، وواضع اللبنات الأولي للتنظيم الخاص الذي قاد أعمال الاغتيال بكل خسة ونذالة، فنقرأ في رسائل التعليم التي كتبها الأب الروحي للإرهاب في العالم وبلغ عددها "38 " واجبًا نجده يحدد واجبات "الأخ المجاهد" فيأمره قائلاً: "أيها العضو عليك أن تقاطع المحاكم والمدارس والهيئات التي تناهض فكرتك الإسلامية مقاطعة تامة"، وفي الواجب رقم "37" يأمره قائلاً: "أن تتخلي عن صلتك بأي هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة فكرتك"، وعلي نهجه سار سيد قطب إمام التكفيريين صاحب مصطلح "العزلة الشعورية" في المجتمع الجاهلي؛ ومن هنا تكوّن الجهاز السري أو كما يطلقوا هم عليه التنظيم الخاص لجماعة الإرهاب الذي يختار أفراده بتحريات دقيقة، بعدها يبدأ الاختبار العملي ومن خلاله يتعلم الجندي كيف ينفذ المهمة التي يُعهد بها إليه بثبات وهدوء ويقظة تامة للمفاجآت غير المنتظرة، ثم يُكلف بكتابة وصيته ويؤمر بتنفيذ مهمة دقيقة علي جانب من الخطورة للوقوف علي مدي استجابته للنظام، حتي إذا قام بها عاد يشرح "لأميره" ما شعر به من احساسات أثناء التنفيذ، وعلي ضوء النتائج التي يصل إليها "الجندي" يسلمه رئيس الخلية سلاحًا في اليوم التالي ويكلفه باستعماله في مهمة خطرة، ويذهب "الجندي" للتنفيذ تحت رقابة دقيقة من المختصين في الجهاز وفي اللحظة الأخيرة يبلغه أحد زملائه بالعدول عن الخطة، وعندئذ فقط يفهم عضو التنظيم الخاص أنه كان موضع اختبار فإذا نجح فيه يُقدم للبيعة وإلا فإنه لا يصلح للجندية، وتتم البيعة علي يد المرشد العام أو من ينيبه عنه، فيقسم عضو التنظيم الخاص علي : "تقوي الله في السر والعلن والصلاة والخشوع والتلاوات والتهجد والطاعة والخضوع التام للقيادة"!، أما الطلبة فكان لهم طريقة أخري في التعامل معهم والتدريب، فهم يتعلمون في أربعة شهور دروسًا في الإسعاف والفقه والجغرافيا والتجديف وقيادة السيارات والموتوسيكلات ويستغرق كل هذا "17" حصة كما كانوا يتعلمون السباحة والإقامة في المعسكرات أثناء العطلة الصيفية، وأول درس يتلقاه الجندي بعد قبوله هو ما الذي يفعله إذا وقع يومًا في قبضة البوليس؟!، فتقضي التعليمات أنه عندما يُعتقل أحدهم، فيجب عليه أن يبادر بالتخلص من الأوراق التي يحملها، ولا يذكر للمحققين غير اسمه وعمله الرسمي، ثم يتظاهر بالهدوء والسكينة ولا يعترف بشيء مطلقًا حتي ولو قيل له أن أحد الأعضاء من زملائه قد اعترف عليه، ومن الوثائق العجيبة التي وجدت عند الإخوان وثيقة تتضمن تقريرًا عن أحد المصارف المعروفة ويحتوي علي كيفية مهاجمته بالأسلحة والقنابل اليدوية، وخطة الهجوم عليه بالمسدسات والخناجر بعد قطع التيار الكهربائي عنه لوقف اجراس الإنذار. ومثلما كان هناك نظام خاص لهذه الجماعة، أيضًا أنشأوا جهاز مخابرات خاص بهم، وهذا ما سوف نكشف عنه في الأعداد القادمة. ... الي معلومة العنوان: في خزانتي أوراق وكتب وبضع مقالات كتبتها فهل سيأتي اليوم الذي سأقف فيه علي ناصية الشارع وأبيع أشيائي [email protected]