حين قامت ثورة الشباب المجيدة في 52 يناير 1102م استبشرنا خيرا.. وغمرت السعادة قلوب شعب مصر.. فأخيرا وأخيرا جدا انفتحت منافذ الأمل والرجاء في قلوبنا.. بعد ان أغلقت طويلا وطويلا جدا في العهد السابق.. الذي سادت فيه ظلمات الفساد والظلم.. وبلغت الروح التراقي.. أقول استبشرنا خيرا في عهد جديد وشمس جديدة تشرق بأشعة حقيقية علي ربوع مصر الحبيبة.. لتنشر في جنباتها الواسعة دفء الحياة ورجاء الأمل.. فالفساد قد وصل إلي الحلقوم وانتشر كالسرطان في جسد المجتمع.. فلم نعد نري سوي وجوه فجة قبيحة.. ونفوس مشبوهه قمينة ونفوذ وسلطان وصولجان وعلو شاسع في البنيان.. ولم يكن لدي الجميع سوي الإذعان والاستسلام ورفع رايات الطاعة والرضوخ.. حتي من كان يجرؤ علي التصدي والتحدي ورفع الصوت طلبا للعدالة الغائبة والفضيلة المستحيلة كان مصيره العقاب والحرمان.. الحرمان من جنة ابالسة الوجود القابضين علي السلطة والقوة والنفوذ كما فعلوا معي.. نعم معي أنا الشاعر ابراهيم رضوان.. لم تشفع لي أعمالي الوطنية التي نزفتها من قلبي الجريح المثقل بآلام المهمومين وأنات الموجوعين فكانت أشعاري وأغنياتي: (شدي حيلك يابلد) وكل أغنيات نوح و(وحياة رب المداين) لشادية و(ياجريد النخل العالي) للحلو ومني ونادية ومدحت هي الملجأ والبلسم والملاذ لأبناء الشعب الرازحين تحت القبضة الغاشمة العاتبة لأباطرة الظلم والفساد.. بل أنني لأفخر أن أغنيتي (مدد مدد شدي حيلك يابلد) كانت السلاح الأقوي والأمضي والاعتي الذي تشبث به المقاتلون الأبطال في حرب أكتوبر المجيدة عام 3791 ليدكوا به حصون الأعداء ويقوضوا دعائم اسطورتهم المزيفة بأنهم قوم لايهزمون.. أقول لم تشفع لي أعمالي الوطنية وأشعاري التي رددها الشعب المصري والعربي واحتضنها بكل الحب والإعزاز وضمها إلي قلبه المكلوم.. لم يشفع لي حصولي علي جائزة أفضل شاعر وطني في العالم الثالث التي قدمتها لي منظمة اليونسكو.. فكان نصيبي التعتيم المخزي والتجاهل المزري.. فكيف أجرؤ وانتقد الأوضاع الخاطئة؟.. وكيف أتجاسر ويعلو صوتي بكلمة الحق؟.. وكيف أتطاول علي الأسياد وأقذف في وجوههم بقصائد الثورة والغضب؟.. لذلك كله استبشرت خيرا بثورة الشباب الأبي.. وشاركتهم غضبتهم العارمة في ميدان التحرير رغم ظروفي الصحية الحرجة.. فكم كانت سعادتي حين أبلغني شباب الثورة بأن أغنيتي (مدد مدد شدي حيلك يا بلد) هي انشودتهم المقدسة وأغنيتهم المباركة التي يرددونها أناء الليل وأطراف النهار لتكون لهم المدد والسند والونس والدفء والأمل. الشاعر: ابراهيم رضوان المؤلف بالإذاعة والتليفزيون 7165594210