ستظل عودة الاحتفال بعيد الفن من أهم الأحداث الفنية ومن أجمل مكتسبات ثورة 30 يونية التي أنصفت المبدعين وأكدت على دورهم الثقافى والحضارى فى الوطن العربى على مدى عقود طويلة وكيف أثرت أعمالهم من أدبا ء وفنانين وجدان العرب من المحيط الى الخليج وكيف نجحت السينما فى نشر اللهجة والعادات والتقاليد المصرية بين الشعوب العربية جاءت كلمة الرئيس عدلى منصور لتؤكد لا أنه يتمتع بحاسة فنية كبيرة فلم تكن مجرد كلمة تمر مرور الكرام وانما حملت لنا تقديره واحساسه الشخصى تجاه الابداع من والمبدعين وعبرت عن الدور الكبير والمؤثر الذى لعبه الفن والابداع عموما فى تشكيل وجدان المجتمع وجاءت عباراته دقيقة وواضحة " سيظل الفن مكونا أساسيا فى هوية المصريين ، فى عطاء متوازن يسلمه جيل وراء جيل ومؤكدا أن "انتاج فنانى مصر أسهم فى نشر لهجتها فى ربوع وطننا العربى وان أدبها ارتقى بالعالم وأن مسرحها كان مصدر الهام حقيقى قال الرئيس ان مصر لاتنسى أبدا ابنائها وأن تكريم رعيل ممن أثروا فنها وساهموا فى تشكيل وجدان شعبها وتنوير عقله وقدموا تأريخا صادقا وامينا لمرحلة من تاريخ مصر المعاصروان تكريم هذا الجيل حق واجب وتقدير مستحق ولم يغفل الرئيس دور الفن فى المرحلة المقبلة وكيف يمكن أن تتواصل رسالته فى المجتمع بشكل اكبر قائلا " الفن أحد القطاعات التى يتعين تنميتها والاستفادة بها وتنويع انتاجها ، فالفن يدخل كل بيت مصرى قراءة ومشاهدة ويحفز المصريين على العمل والانتاج ، وفى ختام كلمته توجه الرئيس لفنانى مصر مطالبا اياهم بدور ايجابى فى التصدى للفن الهابط قائلا " لاتتركوا الساحة الفنية فريسة للعابثين بالذوق العام بل تصدوا لذلك بانتاج فن حقيقى يرتقى بالانسان وعلى الفنانين ان ينتجوا أعمالا تعيد للفن رونقه . انها دعوة تؤكد أمرين فى غاية الأهمية الاول اعتداد الدولة بالفن واعترافها بدوره التنويرى فى المجتمع وهو ما يترتب عليه دليل عملى تترجمه الحكومة باصدار قوانين لحماية صناعة السينما وصناعة الكاسيت اللذين ستقضى عليهما أعمال القرصنة والاهتمام بتسهيل اجراءات تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر الذى تخسر مصر بسببه الملايين سنويا والثانى ضرورة أن يتصدى الفنانون لطوفان الأعمال الهابطة التى سيطرت على الساحة الفنية مستغلة حالة الانفلات التى يعيشها المجتمع للتبارى فى المشاهد الفاضحة وألألفاظ البذيئة التى بات يرددها الصبية والأطفال وأدت لتراجع شراء الأفلام المصرية من الفضائيات العربية لتحل محلها الاعمال السورية والتركية . كانت السعادة تملا وجوه الحضور وكان الأمر بمثابة عيد حقيقى تحتفى فيه الدولة بمبدعيها وكان حضورالرئيس و المشير السيسى وكبار رجال الدولة تأكيد على اهتمام الدولة وعلى مرحلة جديدة تعيشها مصر بعد سنوات من التهميش لدور الفنانين والمثقفين ، ورغم انشغال هؤلاء الكبار بأعباء جسيمة فى مواجهة حرب تشنها جماعة ارهابية وأزمات داخلية ومرحلة حرجة على كافة المستويات الا أنهم حرصوا على حضور الاحتفال فى رسالة واضحة تعكس تقدير الدولة للفن وتبعث برسائل أمل وتفاؤل بأن بكرة أحلى وان الاستقرار قادم وأن الاصرار قائم لاعادة وجه مصر الحضارى . لم تتردد فى الحضور ولم تبدى قلقها من مشاهدة الجمهور لها بعد سنوات من الغياب ترك فيها الزمن آثاره وحينما ظهرت بحيائها المعتاد على المسرح وأناقتها المشهود لها بدت مثل "وجه القمر "الذى أضاء الدنيا وزاد من خجلها الاستقبال الحافل والتصفيق المتواصل من الفنانين وكبار المسئولين وامتزجت مشاعر الفرحة لديها بشئ من القلق فرأت أن تدخل من الكواليس لكنها لم تخف ابتسامتها الجميلة طوال لحظات التكريم .. أعتقد ان أجمل ما شهده الاحتفال بعيد الفن هو حضور فاتن حمامة . جاء تكريم الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا بمثابة اعتراف بعطائهم الكبير وبما بذلوه من جهد لاسعاد الجمهور ، أنها لفتة رائعة تؤكد أن الفن الحقيقى باق وله صفة الخلود ، فهناك من يرحلون بأجسادهم وتبقى أعمالهم تكثف حضورهم رغم الغياب .