لعلك تتفق معي عزيزي القاريء أن "القفا" هو نجم هذه الأيام بلا منازع، لا أقصد قفايا أنا وحدي بل وقفاك أنت عزيزي القاريء وقفا كل مصري علي وجه الأرض، فنحن نعيش في لحظات تاريخية نادرة بطلها هو هذا القفا ، فإذا كان معروفاً عن المصريين دائما أن هناك قائمة من القضايا التي توحدهم مثل أوقات الشدائد والأزمات ومباريات الكرة، فإن هذه القائمة التي توحد المصريين قد ضمت مؤخراً عنصراً هاماً ألا وهو القفا( !!). هل ينكر أحد منا وهو يقرأ عن كم الفساد الذي يتكشف يوما بعد يوم أنه شعر وكأنه كان طوال السنوات الماضية مضروباً علي قفاه ؟!، ألم يتعجب كل منا وهو يتصفح عناوين جريدة أو يشاهد برنامجا تليفزيونياً ليطوي الصحيفة أو يغلق التليفزيون وهو يطلق تنهيدة حارة قائلاً لنفسه :" يااااااه .. ده علي كده الواحد كان مضروب علي قفاه "، أنا شخصيا ضربني هؤلاء الكبار علي قفايا مليون مرة عندما نشرت أخبارهم وصورهم وهم يزفون بشري الرخاء والتنمية التي تنتظر الشعب المصري ،والشقق التي بلا حصر والوظائف المتوافرة في كل مكان ،وكله كوم وشعارات العفة والطهارة التي كان كل هؤلاء يتشدقون بها كوم آخر ،تسمع الواحد منهم فتعتقد أنه من أولياء الله الصالحين ،تقوي وورع إلي أبعد الحدود، لدرجة أن أحدهم قال ذات مرة أن الوزير من هؤلاء يعتبر من محدودي الدخل الذين ربما يستحقون أموال الزكاة ،وأن الصدقة تجوز علي الفقير وعلي الوزير، وأن حسنة قليلة للوزير تمنع بلاوي كتيرة عن الفقير !!!. لقد تعرض قفايا المسكين إلي حملات منظمة من هؤلاء الذين استباحوا لأنفسهم فلوسي وفلوس الشعب الغلبان تحت الراية المكسورة ،تحول قفايا إلي سبيل يمر عليه كل عابر سبيل وقاطع طريق ليلسعني عليه لسعة قبل أن يتجه إلي حال سبيله، وكان قفايا وقفا كل مصري من السذاجة التي تجعله يستحق ما تعرض له طوال السنوات الماضية، فلم أشك مرة في صدق هؤلاء وحسن نواياهم، فإذا بهم يأكلون مال النبي بل وكل الأنبياء والمرسلين لينفقوها علي ملذاتهم وشهواتهم فإذا مرضوا من التخمة سارعوا بعلاج أنفسهم واسرهم الكريمة علي حسابي وحسابك دون استئذان، تخيلوا وزير صحة يعالج زوجته علي نفقة الدولة في أمريكا، ووزير مالية يعالج عينيه " إللي تندب فيهم رصاصة " بملايين الدولارات من لحم الحي ئم لا يستحي أن يمد يده في جيبي وجيبك ليكنسها عن آخرها، وعندما أدرك أنها قد أصبحت أنظف من الصيني بعد غسيله فكر في الشقة التي تؤوي الإنسان ليحصل علي ضريبة منها لدبير نفقات استكمال علاج عينيه . القاريء العزيز، هل تتفق معي بعد ذلك أن قفايا وقفاك قد تحملا الكثير والكثير ؟؟ عموما عندي فكرة عبقرية - أو هكذا هي من وجهة نظري - لكي نسترد لأقفيتنا كرامتها المسلوبة وننتقم ممن طالما "لسوعونا" عليها شر إنتقام ، وبصراحة لقد تفتق ذهني عن هذه الفكرة وأنا أري مقار مباني أمن الدولة في القاهرة والمحافظات وقد تحولت إلي خرابات بسبب اقتحام المصريين لها انتقاما من هذا الجهاز الذي طالما ظلم وعاث في الأرض فسادا، وأنا لا أعتقد أن هناك مصريا - إلا قليل - لم يتلسع مرة من ضابط أو عسكري أو حتي مخبر في أمن الدولة، لذا أقترح أن نقوم بتحويل هذه المقار إلي متاحف مفتوحة وحتي لو جعلنا تذكرة الدخول لهذه المتاحف رمزية فإنني أؤكد أن هذه المتاحف سوف تكون مصدراً مهماً من مصادر الدخل القومي نظراً للإقبال الكبير ومنقطع النظيرالذي سوف تلاقيه خاصة لو وضعنا أمام كل مقر أو متحف من هذه المتاحف تمثالا عبارة عن شخصية طويلة وعريضة وترتدي نظارة سوداء، وأهم شيء أن يكون قفا هذا التمثال عريض جدا جدا جدا، ونعلن أن التمثال قابل للضرب بمعني أن يقوم كل زائر بضرب هذا القفا علي قفاه ،ولو كان هناك أي مشكلة في الاسم فيمكن أن نطلق علي هذا التمثال (النصب التذكاري للقفا المجهول ) !!