المشهد الأول محطة البنزين الساعة الحادية عشر مساءا حيث السكون يسود منطقة العاشر من رمضان , اتوبيس تابع لاحدي شركات السيراميك الشهيرة يملأه عامل المحطة بالبنزين ويراقبه بعض راكبي الاتوبيس من العاملين بنفس الشركة متوجهين لمقر عملهم في الوردية الليلية. تدخل سيارة من نوع الجيب القوية وبها اشخاص ملثمين فجأة المكان ويحتمي ركابها في الموجودين من عمال المحطة , و تطاردهم سيارة دورية للشرطة بها امين شرطة و3 عساكر , يبدأون باطلاق النار الحي نحو الملثمين الذين يهددون باطلاق نار ايضا للرد عليهم , ولا يستمع لهم افراد الدورية , وتتسبب مبادرتهم باطلاق النار في الرد من طرف الملثمين. يحتمي احد افراد الشرطة في اتوبيس المدنيين من العاملين بشركة السيراميك , ولم ينتبه إلى صراخ الموجودين داخل الاتوبيس من المدنيين الابرياء , ويتطاير الرصاص ليستقر في اكثر من شخص , ويردي تامر قتيلا بالاضافة لقتيل اخر , واصابة 10 من داخل نفس الاتوبيس. المشهد الثاني ايمان زوجة شابة تستعد للعودة من الصعيد للاحتفال بعيد زواجها , بعد اسبوع قضته هناك مع زوجها وسط الاهل لزيارتهم , وقررت وزوجها تامر العودة للاحتفال بشكل خاص في القاهرة حيث منزلهم , ولكن ظروف عمله تضطره للعودة قبلها بيوم , ويتركها مع اولادهما عمر عام ونصف واحمد 3 سنوات ونصف , ويحجز لهما للعودة في اليوم التالي. تبيت أيمان الليلة في حلم العودة لمنزلها سريعا , وتقرر ما ستطهو احتفالا بعيد زواجها بتامر , وتخطط بينها وبين نفسها كيف ستكون ليلة عودتها للقاهرة إعادة اجمل لاجمل ليالي عمرها حين اصبحت زوجة لتامر زميل دراستها , جيث تخرجا من نفس الكلية وحصلا على بكالوريوس العلوم , ولكن زواجهما السريع جعلها لا تعمل لتهتم بزوجها وبيتها. ويمر شريط الذكريات امام اعين ايمان ايام الكلية والتخرج ثم الزواج ثم الاولاد , وانشغال تامر عنها لانه مضطر للعمل ورديتين متتاليتين نظرا لظروف الحياة ومستلزمات المنزل , وهي تدعو له في كل مرة يخرج فيها من المنزل ليعود سالما. المشهد الثالث ايمان تتصل هاتفيا بتامر العاشرة مساءا ويخبرها أنه في الطريق لورديته الليلية , ويضحكان معا وهما يخططان للاحتفال بعيد زواجهما , وهي تخبره بأنها ستعد طعاما يحبه , وهو يعدها بعدم التأخير على أن يأتي لمحطة القطار في الصباح في نهاية ورديته ليصطحبها واولادهما للمنزل. وفي الصباح الباكر حيث لم تنم ايمان لأنها تشعر بقلق دفين منعها النوم , وحاولت مرارا الاتصال بتامر اثناء ورديته الليلية ولكنه لم يجب هاتفه , وتضع ايمان الاعذار , فربما يكون مشغولا او لم يسمع الهاتف , وكأنها تطمئن نفسها. و تستعد ايمان للخروج من بيت العائلة لتستقل القطار العائد للقاهرة بصحبة الاولاد وهي تداوم على الاتصال بتامر بلا مجيب ايضا , فيتملك منها القلق وتتصل بشقيقه وتخبره برغبتها في الاطمئنان على زوجها , وياتيها خبر لم يخطر ببالها ليتحول عيد الزواج لموعد وداع بين ايمان وتامر. المشهد الرابع المنزل يمتلئ بالاشخاص يرتدون الاسود سيدات تصرخ وتبكي و رجال يملأون المكان , وكفن يستعد لاستقبال جثمان تامر , إيمان لا تصدق أن هذا الكفن من اجل زوجها , و هي هنا لتراه لاخر مرة وتودعه وداعا اخيرا ليس للعمل وليس للخروج لشراء اغراض المنزل , وليس ليعود للقاهرة دونها على أمل لقاء , بل تودعه بلا عودة ليواريه تراب قبره ويداريه عن عيونها كفنه. تنظر ايمان في وجه تامر للمرة الأخيرة تجده مبتسما هادئا كعهدها به , وكأنه يخبرها بأنه بخير كما اعتاد أن يقول لها في اكثر اوقات اجهاده وتعبه , فهو لم يشك يوما من سعيه الدائم للايفاء بمتطلبات الحياة لها وللاولاد , ولم يخبرها يوما أنه يعاني ضائقة مالية او يمر بأزمة في العمل , كان طيبا حنونا حتى وهو مسجى على منضدة طويلة يودعها لاخر مرة ما زال مبتسما لا يشكو. المشهد الخامس لم تكن تبكي ولم تكن تشكو فراق حتى حانت لحظة خروج جثمان تامر من المنزل لمثواه الاخير , هنا فقط انتفضت ايمان بصوت عال تتوسل له ألا يفارقها أن يبقى معها ومع الاولاد , وهي تهذي بالكلمات بصوت عال والناس يمنعونها يقفون بينها وبينه , وهي لا تدري إلى أين ياخذون حبها الاول والاخير , وكيف تعيش واولادها بدونه. أفاقت إيمان على صدمة جديدة أنها بلا زوج بلا أخ بلا حبيب , راح من كان لها كل شئ , فارقها دون موعد وبلا سبب , واصبحت مسئولة عن طفلين وهي بلا مورد ولا عمل , وليس هناك من يعينها إلا المولى عز وجل. المشهد السادس محضر الشرطة قال أن الملثمين بدأوا باطلاق النار نحو دورية الشرطة وهم السبب في إصابة المدنيين , فقتلوا اثنين بينهم تامر عبد التواب سعدة , واصابوا 8 في حالة خطرة , وأكد نفس المحضر أن افراد الدورية لم يتسببوا بمقتل أي منهم , ومع ذلك لم يصب منهم اي فرد إلا بخدوش بسيطة , كما لم يستطيعوا اصابة اي من الملثمين الذين فروا هاربين ولم يعترضهم اي شخص. اصاب المحضر عائلات المجني عليهم بالذهول حيث اكد كل شهود العيان ان دورية الشرطة كانت تطارد سيارة الملثمين من البداية , وانهم من الاشقياء المعروفين في المنطقة , ولم يتم الاشتباه بهم كما قال المحضر. ويقول هيثم شقيق الشهيد تامر أن الشرطة بدأت في اطلاق النيران نحو الملثمين الذين اختبأوا داخل محطة البنزين في حين احتمى فرد من الدورية باتوبيس العمل الخاص بالشركة الذي كان شقيقه يستقله في طريقه للعمل المسائي , برغم أنه يعلم أن المكان به مواطنين ابرياء , وليس مفروضا الاشتباك مع اشقياء لدرجة اطلاق النار لأن هذا الامر يعرض حياة الكثيرين للخطر. ويؤكد هيثم أنه يشعر بغضب شديد من جهاز الشرطة ووزارة الداخلية الذين استباحوا فبركة المحضر حتى يبرأوا ذمة افراد منهم من دم أخي ومن راحوا ضحية الحادث. المشهد السابع اخبار الحوادث في منزل تامر تحاور والدته المكلومة التي كانت تبكي طوال الوقت وتنادي ولدها الاكبر تامر , وتقول أن الصحافة لم تنصر إبنها حتى في نقل الخبر , فقالت عنه جرائد كبيرة أنه مجرد عامل وكأنه لا ثمن له في هذا الزمن. وقالت الأم أنها تعبت وسهرت الليالي لتربي وتعلم إبنها الذي تخرج في كلية العلوم وااصبح مهندس لخط إنتاج فكيف يبخسون قدره حتى في المسمى الوظيفي , و أن هذا الظلم يتعرضون له في عهد الرئيس المصري محمد مرسي الذي انتخبوه ظنا منهم برفعه للظلم عن الشعب , ولم يخطر ببالها أن يقتل ابنها عائلها بعد وفاة الاب ولا يلتفت له أي مسئول ولا يعاقب الجاني. وهي بهذا الشعور القاتل بالظلم تتمنى لو تحترق قلوب من تسببوا في فقدانها لابنها وعائلها وعائل اسرته كما احترقت قلوبهم على فراقه واعينهم من البكاء عليه , فهو شاب لم يكمل عامه الثاني والثلاثين بعد. المشهد الثامن أكد والد إيمان زوجة الشهيد تامر أن الداخلية لم تساعدهم في سرعة استخراج شهادة وفاة للابن , بل حيرتهم اياما ليحصلوا على شهادة الوفاة , ولم يكن هناك ضابط واحد متعاونا داخل قسم العاشر من رمضان حيث جرت التحقيقات بعد الحادث. واضاف أن الداخلية هذا الجهاز العظيم الذي اقسم على رعاية الوطن وافراده , لم يحضر منهم اي جواب عزاء لن يكلفهم الا جنيه او اثنين لمواساة اسرة في رحيل اعز ابنائها , ولم ترسل من يسهل اجراءات الدفن او استخراج شهادات الوفاة او حتى من يحضر الجنازة , هل من ماتوا ليسوا مصريين , ولا يجري بعروقهم دم مصري , هل كانوا في هذا المكان سعيا لرزقهم ورزق اولادهم كمن يجاهد في سبيل الوطن والشرف ام انهم كانوا يتسكعون لاغراض اخرى , فكيف يتجاهلهم جهاز كبير مثل الداخلية. المشهد الأخير فارقنا منزل تامر على خلفية سؤال يتردد من ابنه الصغير الذي لم يكمل عامه الثاني , قائلا: فين بابا انا عايز بابا , و دموع زوجة لا تجف , وصرخات أم راح صوتها تنتظر ان يجيبها ابنها الذي لم يرد لها يوما طلب , ومسئولية كبيرة لا تجد من يحملها بعد رحيل تامر..