لسنا بازاء مشكلة سد النهضة الاثيوبي وحده، وإنما أربعة سدود كبري علي النيل الأزرق ومجموعة أخري من السدود والمشروعات الصغيرة والمتوسطة علي روافد النهر الأخري.. وكلها أعدتها مكاتب استصلاح الأراضي الامريكية.. لاثيوبيا. وكما قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة بجامعة القاهرة، فإن أثيوبيا تهدف من وراء بناء هذه السلسلة من السدود علي النيل الأزرق وعطبرة واومو، وغيرها من الأنهار الثمانية في أراضيها.. إلي أن تصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة النظيفة في أفريقيا. وربما يكون هذا هو السبب في ان أثيوبيا ضاعفت من حجم سد النهضة خمس مرات مؤخراً. وهذا يفسر لنا ان الطموح الاثيوبي كان يقف عن حد توليد 0002 »ألفي» ميجاوات من الكهرباء قبل ان نسمع أن قدرة السد عند استكمال بنائه ستصل إلي توليد ستة آلاف ميجاوات، لكي يصرح بعدها رئيس شركة الكهرباء الاثيوبية «مهريت دبيبي» بان اديس ابابا تسعي إلي توليد ثمانية آلاف ميجاوات من الطاقة مع نهاية خطة التنمية والتحول الخمسية «تنتهي في عام 5102 واخيرا.. أعلن وزير الطاقة الاثيوبي «المايو تيجينو» في نوفمبر الماضي »2102» ان بلاده وضعت خططاً لاستثمار أكثر من 21 مليار دولار في اقامة سدود علي الانهار التي تمر عبر اراضيها المرتفعة لتوليد أكثر من أربعين ألف ميجاوات من الكهرباء بطاقة المياه بحلول عام 5302. والغريب اننا في مصر نتصرف كما لو كنا قد فوجئنا بالامر، مع ان خطوة تحويل مجري النيل الأزرق كان من المقرر ان تتم في العام الماضي.. إلا أنها تأجلت لأسباب فنية. ورغم ان شكاوي المزارعين في مصر تزايدت في الآونة الأخيرة من نقص مياه الري ورغم ظهور بوادر جفاف في الأراضي الزراعية، بل وانخفاض حصة المياه بوجه عام، لأن الموارد الحالية لا تكفي أصلاً.. ورغم الانخفاض في الكهرباء من محطة السد العالي.. فإن القيادات المسئولة لم تتحرك، ولم يكن هناك مبرر لانتظار تقرير اللجنة الثلاثية الدولية المكلفة بدراسة وتقييم سد النهضة، لسبب بسيط هو أن أثيوبيا نفسها لم تنتظر تقرير اللجنة.. رغم انها تعتمد علي نهر النيل كمورد مائي بنسبة عشرة في المائة فقط، بينما مصر تعتمد علي النهر بنسبة 5.89٪ كان ينبغي ان نشن حملة ضغوط سياسية ودبلوماسية قوية علي نطاق العالم، وخاصة مع الدول التي تساعد اثيوبيا في مشروعها. المشكلة اننا هنا في مصر مستغرقين في معارك مع السلطة القضائية حيناً، ومع الكتاب والصحفيين والإعلاميين والمثقفين في حين آخر، ومع الأزهر في حين ثالث.. ومستغرقين في اعداد العدة للتأثير علي نتائج اية انتخابات قادمة، ومستغرقين في اصدار أغرب أنواع الفتاوي وفي متابعة تنبؤات العرافين اليهود، والبحث عن أوجه الشبه بين أعضاء حزب من الأحزاب.. وسيدنا الخضر! اننا بازاء عقليات مازالت تؤمن بالرقية والحجاب وفي نفس الوقت.. فان لدينا نظاما سياسيا مازال يعتمد في آلياته علي انتظار تعليمات وتوجيهات الرئاسة. والخطير في الأمر هذه المرة ان مشكلتنا هي.. شريان حياتنا. ولا توجد مؤشرات، حتي الآن، تدل علي ان أسلوب حياتنا وتفكيرنا سوف يتغير رغم صدمة » سد النهضة». كلمة السر: الأولوية للمصالح الوطنية العليا