قضت المحكمة الدستورية العليا بجلستها المنعقدة اليوم برئاسة المستشار ماهر البحيري , بعدم دستورية نص الفقرة الأولي من المادة (2) من القانون رقم 120 لسنة 1980 لسنة 2011 , و عدم دستورية ما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة (8) من القانون ذاته ، المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 2011، من إطلاق الحق فى التقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشورى في الدوائر المخصصة للانتخابات بالنظام الفردى للمنتمين للأحزاب السياسية إلى جانب المستقلين غير المنتمين لتلك الأحزاب. كما قضت المحكمة بعدم دستورية المادة (24) من القانون ذاته ، المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 2011، فيما نصت عليه من ان يسري على مجلس الشورى أحكام المادة التاسعة مكرراً (أ) من القانون رقم 308 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب , و تحديد موعد إنعقاد مجلس النواب الجديد لإعمال أثر هذا الحكم وفقاً لنص المادة (230) من الدستور. وكانت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا قد أحالت الدعوى للفصل فى دستورية المادتين (2) فقرة أولى ، (8) فقرة أولى من القانون رقم 120لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى وتعديلاته إلى المحكمة الدستورية العليا , ومهدت المحكمة لأسباب حكمها بأن المادة (2) من القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى بعد استبدالها بالمرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011، نصت في فقرتها الأولى على أن يكون إنتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى المنتخبين بنظام القوائم الحزبية المغلقة، والثلث الآخر بنظام الانتخاب الفردى ، ويجب أن يكون عدد الأعضاء الممثلين لكل محافظة عن طريق القوائم الحزبية المغلقة مساويا لثلثي عدد المقاعد المخصصة للمحافظة ، وأن يكون عدد الأعضاء الممثلين لها عن طريق الانتخاب الفردى مساويا لثلث عدد المقاعد المخصصة لها. ثم مضت المحكمة تستعرض حكم المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب ، والقانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى التى كانت تنص على أن يشترط فيمن يتقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلسي الشعب أو الشورى بنظام الانتخاب الفردي ، ألا يكون منتميا لأى حزب سياسي ، ويشترط لاستمرار عضويته أن يظل غير منتم لأى حزب سياسى ، فإذا فقد هذه الصفة ، أسقطت عنه العضوية بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس , وقد تم إلغاء هذا النص بموجب قانون رقم 123 لسنة 2011 ، على أن ينشر هذا المرسوم بقانون في الجريدة الرسمية وتكون له قوة القانون ، ويعمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره. وأوضحت المحكمة فى حكمها أنه من المقرر أن حمايتها للدستور ، إنما ينصرف إلى الدستور القائم، وإذ لم يكن هذا الدستور له أثر رجعى فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر النص المطعون عليه فى ظل العمل بأحكامه طالما أن هذا النص قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدل به نص آخر خلال مدة سريان ذلك الدستور. ولما كان الدستور الجديد قد تبنى فى المادة (231) منه لنظام انتخابي يتعارض مع ما انتهجه المشرع في القانون رقم 120 لسنة 1980 وتعديلاته في شأن مجلس الشورى ، إذ نص على أن تكون الانتخابات التشريعية التالية لتاريخ العمل بالدستور بواقع ثلثي المقاعد لنظام القائمة والثلث للنظام الفردى ، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشيح فى كل منهما بما مؤداه إلغاء القانون المذكور اعتبارا من تاريخ العمل بالدستور الجديد في 25/12/2012 ، ومن ثم تكون الوثيقة الدستورية الحاكمة لهذا القانون هي الإعلان الدستوري الصادر فى 30 مارس سنة 2011، المعدل بالإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 25/9/2011 . وأسست المحكمة قضاءها على أن المادة (38) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 المعدل بالإعلان الدستورى الصادر في 25 سبتمبر 2011 , والتى أجريت الانتخابات في ظل العمل بأحكامه تنص على أن ينظم القانون حق الترشيح لمجلس الشعب والشورى وفقا لنظام انتخابي يجمع بين القوائم الحزبية المغلقة والفردى بنسبة الثلثين للأولى والثلث للثاني. والنصوص المطعون عليها قد سلك فيها المشرع نهجا مصادما لما قصدت إليه المادة (37) من الإعلان بالنسبة لاضطلاع مجلس الشورى بدوره الفاعل فى أدائه لوظيفته الدستورية المقررة ، إذ قصر المشرع التقدم للترشيح لنسبة الثلثين المخصصة للانتخاب بنظام القوائم الحزبية المغلقة على المنتمين للأحزاب السياسية. و يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة (8) من القانون رقم 120 لسنة 1980 المشار إليه المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 2011 ، من أن تتولى الهيئة المختصة في الحزب أو الأحزاب ذات الصلة اجراءات ترشيحهم بطلب يقدم على النموذج الذى تعده اللجنة العليا للانتخابات ، على حين لم يجعل التقدم لنسبة الثلث الآخر المخصص للانتخاب بالنظام الفردى مقصورا على المرشحين المستقلين غير المنتمين للأحزاب السياسية، بل تركه مجالا مباحا للمنافسة بينهم وبين غيرهم من أعضاء هذه الأحزاب على غير ما قصده المشرع الدستورى وبذلك يكون قد أتاح لكل من مرشحي الأحزاب السياسية إحدى فرصتين للفوز بعضوية مجلس الشورى ، إحداهما بوسيلة الترشيح بالقوائم الحزبية المغلقة ، والثانية عن طريق الترشيح بالنظام الفردى ، بينما جاءت الفرصة الوحيدة المتاحة أمام المرشحين المستقلين غير المنتمين لتلك الأحزاب مقصورة على نسبة الثلث المخصصة للانتخاب الفردي. و يتنافس معهم ويزاحمهم فيها المرشحون من أعضاء الأحزاب التى ينتمون إليها ، من خلال تسخير كافة الإمكانيات المتاحة لديهم ، لدعمهم، وهو ما لا يتوافر للمرشح المستقل غير المنتمي لأي حزب الأمر الذى يقع بالمخالفة لنص المادة (38) من الإعلان الدستوري ، ويتضمن مساسا بالحق في الترشيح في محتواه وعناصره ومضمونه، وتمييزا بين فئتين من المواطنين يخالف مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص. وانتهى الحكم فى أسبابه إلى أن نصوص الفقرة الأولى من المادة (2) بكاملها ، والفقرة الأولى من المادة (8) ، والمادة (24) من القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى معدلاً بالمرسومين بقانونين رقمى 109، 120 لسنة 2011 ، محدداً نطاقها على النحو المتقدم ذكره تخالف أحكام الدستور والإعلان الدستورى المارّ ذكره ، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريتها . وأكدت المحكمة الدستورية فى حكمها بأن القضاء بعدم دستورية النصوص المطعون فيها يستتبع بطلان المجلس الذى انتخب على أساسها منذ تكوينه ، إلا أنه يوقف أثر هذا البطلان صدور الدستور الجديد فى ديسمبر سنة 2012 ، والذى نص في المادة (230) من على أن يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالي سلطة التشريع كاملة من تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد , وتنتقل إلى مجلس النواب ، فور انتخابه ، السلطة التشريعية كاملة لحين انتخاب مجلس الشورى الجديد ، على أن يتم ذلك خلال سنة من تاريخ انعقاد مجلس النواب , بما مفاده أن مجلس الشورى الحالى مستمر فى ممارسته لسلطة التشريع على النحو المنصوص عليه فى المادة (230) سالفة الذكر حتى انعقاد مجلس النواب الجديد ، واعتباراً من تاريخ تحقق هذا الأمر انعقاد مجلس النواب الجديد يتعين ترتيب الأثر المترتب على القضاء بعدم دستورية النصوص القانونية المطعون فيها.