هناك مثل شعبي شائع يقول.. ان التاجر عندما يفلس يعود إلى دفاتره القديمة. وهذا ما حاولت هوليوود تطبيقه أحيانا.. عندما تخبو المواهب الابداعية لديها.. فتعود إلى نجاحاتها السابقة تستلهمها.. وتضفى عليها ألوان جديدة براقة أكثر زهوا. وتأثيرا. وهذا ما حدث مثلا عندما اعادت الشركة انتاج كارثة السفينة تيتانيك التى سبق أن قدمتها قبل ذلك بسنوات عدة.. فى فيلم متوسط القيمة. ولكنها فى الاعادة استعملت كل وسائل الابهار التى وصل اليها الفن السينمائي.. بالاضافة الى عنصر رومانسى جندت له ممثل شاب حقق خطوة كبيرة لدى المشاهدين هو ليوناردو دى كابريو الذى تحول بعد هذه الاعادة السينمائية الى واحد من أكثر نحوم هوليوود شعبية وألفا. وهناك أيضا الاعداد النفسى الناضج الذى اعده بول شرايدر كاتب السيناريو الشهير والذى سبق له ان قدم لنا فليما لاينسى هو (سائق التاكسي) والذى اعاد النظر إلى فيلم من أفلام الرعب العادية التى انتجتها هوليوود فى الاربعينيات باسم. (الناس القطط) ويروى بشكل خيالى تحول البشر إلى قطط متوحشة.. يملأها الشيق الجنسى والعنف والرغبة باسالة الدماء. هذا الفيلم الذى أخرجه آنذاك رودلن ماتيه ولعبت بطولته الفرنسية سيمون سيمون.. تحول لدى شرايدر الى فيلم شديد الجرأة.. يعتمد على التحليل النفسى للرغبات الجنسية المكبوتة ويصور علاقة آثمة متربطا به شقيق وشقيقة.. تنتج عنها تبعات اجتماعية ونفسية غاية فى الخطورة الفيلم رغم قسوته غير العادية.. استطاع ان يجتذب القلوب ويحظى باعجاب النقاد.. ويمنح باسناسيا كنسيكى واحدا من أجمل وأعمق أدوارها ولكن يبدو ان هذه الأفلام كانت مجرد استثناءات نادرة فى نجاحها المبهر.. واستطاعت ان تنسبنا الى حين النسخ الأولى التى عالجتها. ولكن رغم هذه النجاحات القليلة.. ورغم الأزمات التى مرت بها هوليوود فانها لم تفكر مطلقا فى اعادة أفلمة افلام كثيرة استقرت فى ضمير المتفرج وأصبحت جزء لايتجزأ من ذاكراته السينمائية. هل فكرت هوليوود.. مثلا رغم امكانياتها الحديثة المبهرة.. ان تعيد تقديم فيلم (ذهب مع الريح) بروح جديدة.. وان تستبدل منقيان لى ولكلارل جيبل بنجوم جدد فتحرق بذلك أجمل ذكرياتنا السينمائية روعة وابهارا..؟ هل فكرت فى اعادة تصوير (مرتفعات وذرنج) وان تنسينا أداء لدرفسى اوليفيه فى هذا الفيلم الرومانسى الشهير؟ لقد حافظت هوليوود.. رغم جنوحها نحو المكاسب التجارية المضمونة الى تقديس الذكرى السينمائية التى احاطت ببعض الأفلام واصرت على حفظ قدسيتها وكتابتها. وهذا الدرس الذى لم تتعلمه السينما المصرية والدراما المصرية على وجه الخصوص عندما ارادت ان تنقذ نفسها من الافلاس فراحت تعبث بذاكرتنا السينمائية وذكرياتنا لتقدم لنا شيء مشوهه عن أفلام احبناها ورفعناها الى مستوى الايقونات التى لاتنسي.. ورغم الفشل الذريع الذى أصاب اعادة فيلم (رد قلبي) أو (نحن لا نزرع الشوك) أو (العار) أو (الثلاثية) ورغم الأسماء اللامعة التى جسدتها فى اطارها الجديد.. لم تنجح هذه الأعمال الدرامية فى محو السطور الذهبية التى سجلتها ذاكرتنا عنها. أقول هذا بعد ان بدأ تصوير دراما جديدة تحمل اسم الزوجة الثانية تحفة صلاح أبوسيف والتى يحاول أصحابها ان يمحو من ذاكرتنا أداء سناء جميل المعجز وسيطرت صلاح منصور التى لاتجارى ورقة ودفء سعاد حسنى التى لايشبهها احدا. رحمة بنا وبذاكرتنا وذكرياتنا واحفظوا لنا على الأقل هذا الصندوق الذهبى المرصع بالجواهر والذى نخفيه فى أعماق أنفوسنا بالله عليكوا رحمة بنا.