جلس طالب الهندسة إلي جوار جثة والده وهو يصرخ قائلا:" قتلته لأنه الشيطان وكان يجب أن اتخلص منه حتى يظهر لى سيدنا جبريل وتبدأ النبوة ".. ظل يحدثه ويتمتم بكلمات ليست مفهومة .. ثم نظر إلى السماء حتى ينزل الوحى لكن لا شىء يحدث فعلم أنه باع الوهم لنفسه وأنه ليس بالمهدى المنتظر .. وفر هاربا لكن كمين المباحث كان السبب فى القبض عليه وتقديمه للعدالة .. فما قصة هذا الشاب المتفوق طالب الهندسة وما الذى جعل حاله ينقلب إلى الأسوأ بعد أن كان سببا فى حج والده بيت الله بتفوقه هذا ما سنعرفه على لسان محمد او كما اطلق على نفسه المهدى المنتظر فى الحوار التالى ! جريمة قتل مثيرة .. ابن يقتل والده لأنه يعتقد أنه المهدى المنتظر ويرى والده فى صورة الشيطان .. الأكثر اثارة أن هذا الشاب طالب فى كلية الهندسة بل ومن المتفوقين .. سمعته طيبة فى المنطقة التى يقيم بها بمدينة الشروق .. هادئ الطباع دائما هكذا عرفه اصدقاؤه وجيرانه . فجأة استيقظ اهالى مدينة الشروق على جريمة بشعة .. طالب الهندسة قتل والده بالشاكوش على رأسه وهشمها قطعا .. ثم ترك رسالة يوضح فيها سبب قتله قال فى الرسالة " آسف ياوالدى .. قتلتك دون إرادتى .. كنت ارى فى وجهك الشيطان .. اعتقدت اننى المهدى المنتظر لكن اكتشفت الحقيقة المره بعد قتلك وانك لست الشيطان !" .. انتهى نص الرسالة وجلس الابن إلى جوار والده يتأمل فيه .. يتحدث إلى جثته فى محادثة غريبة بين ابن حى واب فارق الحياة . التقينا بالابن قاتل والده امام سرايا النيابة .. تحدث معنا بصوت خفيض .. كانت نظراته زائغة تحوم فى ارجاء المكان .. يجلس على الارض تارة ثم يقف تارة اخرى قائلا : قتلت والدى بالشاكوش .. ضربت الشيطان الضربة القاضية .. منذ صغرى وانا اعلم أنه الشيطان وأنه ليس والدى كما اننى اعلم انى المهدى المنتظر وكنت اتصرف مع الآخرين على هذا الاساس وكان الآخرون يتعاملون معى ايضا على انى المهدى المنتظر. يتوقف فجأة محمد احمد الغريب عن الكلام ثم يجلس على الارض وكأنه يصلى وينظر إلى الارض قائلا : يا استاذ انا المهدى المنتظر وقتلت والدى الذى كنت أراه شيطانا منذ صغرى .. ولم اقم بذلك يقينا أن هناك رسالة ستنزل من السماء فى زمان معين ومكان محدد حتى اتخلص من الشيطان .. وظللت استعد لذلك اليوم .. وبمرور الوقت كانت قواى تشتد يوما بعد يوم .. وكنت استعد خلالها لقتل الشيطان ودائما كنت أراه فى صورة ابى لا اعرف لماذا ؟.. حاولت مرارا أن انكر هذا الاحساس لكنه كان دائما يراودنى كما أنه بعد ذلك تحول إلى حقيقة، كنت اشاهده امام عينى شيطان .. شبح واقف امامى وجهه مخيف ومن هذا الوقت وانا استعد لقتله . اضاف محمد قائلا : فى يوم من الايام وبعد أن انقطعت عن الذهاب إلى الكلية بجامعة عين شمس وانا اخطط لقتله لكن لم تأت الفرصة بعد .. وفى يوم الحادث دلف والدى إلى حجرته لينام .. وقال لى عايز حاجة يامحمد قبل ما انام هنا راودنى احساسا غريبا و لحظة انتهت بجريمة وبالفعل جلست على سريرى بحجرتى اخطط واعصابى متوترة .. اتحين الفرصة المناسبة إلى ان هدأ الجو تماما وتأكدت أن والدى غارق فى النوم .. بحثت عن أداة لقتله فلم اجد سوى الشاكوش امام عينى فى درج مكتبى .. امسكت به واسرعت إلى غرفة نومه وضربته على رأسه ضربة قوية توجع منها بصوت عال ثم فقد وعيه لكن كانت الروح لاتزال فيه فضربته عدة ضربات اخرى مات بعدها وخرجت روحه من جسده إلى الابد لكن رغم ذلك لا زلت اضربه عدة ضربات لأنى كنت ارى الشيطان داخله يقاوم ويحاول العودة مرة اخرى . استطرد محمد قائلا : جلست بعدها إلى جوار جثة والدى بعد ان مات وشعرت أن المهدى المنتظر انتصر على الشيطان وهنا بدأت اشعر بحجم الجريمة التى اقترفتها فى حق نفسى وحق والدى الذى قتلته .. تحدثت اليه بصوت هامس انت السبب !.. جعلتنى اقتلك .. كنت عندما اقول لك انك الشيطان لاترد على ولم تضربنى أو تنهرنى حتى اتراجع، الامر الذى جعلنى اقتلك .. ثم امسك بقلم وورقة وكتب عليها رسالة " " آسف ياوالدى .. قتلتك دون إرادتى .. كنت ارى فى وجهك الشيطان .. اعتقدت اننى المهدى المنتظر لكن اكتشفت الحقيقة المره بعد قتلك وانك لست الشيطان !" ثم خرجت بعدها اسير فى الشوارع اتكلم مع نفسى وعندما يرانى احد يقتنع انى مريض نفسيا.. حتى ألقى القبض على وتم إحالتى إلى النيابة بعد ذلك وامر وكيل النيابة بعرضى على طبيب نفسى كما امر بحبسى اربعة ايام على ذمة التحقيق . ولايزال محمد يحكى قصته مع المهدى المنتظر قائلا : السبب فى اعتقادى اننى المهدى المنتظر هى المدرسة وزملائى فى الفصل عندما كنت فى المرحلة الاعدادية عندما اخبرونى ان حال الدنيا لن ينصلح الا على يدى وانا كنت لا اصدقهم حتى كبرت وبدأت الفكرة تكبر فى عقلى واقنعت نفسى انى المهدى المنتظر اعرف انى كنت متفوقا وكنت سببا أن يعتمر والدى لبيت الله عندما كنت الاول على المدرسة !صدقت نفسى انى سألتقى بسيدنا جبريل لكن لم يظهر لى ولم اره ومن هنا عرفت اننى مريض نفسيا لكن بماذا يفيد الآن ! صمت فترة من الوقت وقال : انا هادخل مستشفى المجانين يابيه ولا لأ ؟!.. ياريت ادخل لأن السجن قاسى جدا .. ولا انا ممكن اخذ براءة .. لكن حتى لو اخدت براءة سوف اعيش فى السجن الاكبر .. نعم سأكون حرا وطليقا لكن سأعيش حبيسا بين تعذيب الضمير والآلام والحزن على قتلى لوالدى .. وايضا لو دخلت المستشفى سأكون حبيسا بين اربعة جدران لأن المستشفى ليست حرية اتمنى ان يكون حكم الاعدام مصيرى حتى استريح من هذه الدنيا التى لايوجد فيها راحة ابدا.