صحيح ان الجيش ليس هو الحل، وأن صناديق الانتخاب هي الوسيلة التي يفرض المواطنون إرادتهم من خلالها، وليس المفروض ان يلعب الجيش بالنيابة عن الشعب الدور الذي تلعبه اصوات الناخبين، خاصة في زمن لا يسمح بخلط الأوراق والأدوار ومن هنا، فإن ما قاله الفريق أول عبدالفتاح السيسي، القائد العام ووزير الدفاع والانتاج الحربي في موضعه تماما. وقد جاءت علي لسانه كلمتان.. اتوقف عندهما، وهما «تأمين الانتخابات» واتصور ان هذا التأمين بالغ الأهمية اذا لم يقتصر علي بعض الإجراءات المحدودة، مثل مرابطة عدد من الجنود خارج مراكز الاقتراع. لماذا لا يشمل «التأمين».. توفير الضمانات لنزاهة الانتخابات؟ لقد عانت مصر طويلا في العهود الملكية والجمهورية من تزييف إرادة الناخبين ومن ابتداع الحيل والوسائل التي تكفل تحقيق نتائج الانتخابات علي النحو الذي يريده الحكام لضمان استمرارهم في مقاعد السلطة إلي ما لا نهاية، وتم تسخير كل مؤسسات الدولة لخدمة الحزب الحاكم الذي تم إدماجه في اجهزة تلك الدولة إلي جانب زواج المال بالسلطة لخنق كل محاولات التعبير عن الارادة الشعبية وقطع الطريق علي أي تداول سلمي للسلطة. والانتخابات البرلمانية الأربعة النزيهة التي أجريت قبل 23 يوليو 1952 كانت في أعوام 1923 و1929 و1936 و1950 وكانت كلها تحت إشراف حكومات محايدة. إننا في حاجة الي حوار مجتمعي تساهم فيه كل الاحزاب والقوي السياسية حول الكيفية التي تحقق الشفافية الكاملة والنزاهة المطلقة في اي انتخابات في مصر وان نتعلم من تجارب كل الانتخابات والاستفتاءات السابقة قبل وبعد 25 يناير 2011 ونستوعب الدروس المستفادة منها والتوصل الي قانون انتخابات بالتوافق بين جميع القوي السياسية. ولا يصح اتهام من يطالب بضمانات لنزاهة الانتخابات بأنه يخشي الصناديق وعاجز عن دخول المعترك الانتخابي.. بينما مشكلة مصر منذ قديم الأزل هي هيمنة السلطة التنفيذية واستخدام المال للتأثير علي الناخبين، حتي أصبح العرف السائد هو تجاوز سقف الانفاق المالي للانتخابات، والرشاوي الانتخابية، والطرق غير المشروعة في تمويل الحملات الانتخابية وتقسيم الدوائر الانتخابية علي نحو يؤثر مسبقا في نتائج الانتخابات، واستغلال مؤسسات الدولة والمصالح الحكومية لخدمة اغراض انتخابية، وغياب أو ضعف دور منظمات المجتمع المدني في الرقابة علي العملية الانتخابية. والنزاهة تتطلب الإشراف القضائي الكامل بدءا من إعداد جداول الناخبين الي الرقابة علي سلامة عملية التصويت وفرز الأصوات وإعلان النتائج وفقا لضوابط قانونية سليمة، إلي جانب حق كل القوي والاحزاب في شرح برامجها في وسائل الاعلام. أما الكارثة التي يمكن ان تحول الانتخابات البرلمانية الي صراع ديني وفتنة طائفية وتمزيق للنسيج الوطني، فهي السماح بالشعارات الدينية واستغلال دور العبادة في الدعاية الانتخابية. تأمين صناديق الانتخاب يضمن التعبير عن الإرادة الشعبية وتداول السلطة بين القوي السياسية. كلمة السر.. النزاهة هي الحل