الاحتلال يقتحم المنطقة الشرقية من مدينة نابلس (فيديو)    الانتخابات الفرنسية.. رئيس الوزراء يتقدم باستقالته للرئيس ايمانويل ماكرون    «هنا جلست أخت العروسة وأخو العريس».. الصور الأولى لسيارة زفاف العروسين بعد انتشالها من نهر النيل (خاص)    جامعة بني سويف تحقق المركز10 محليا و1109 عالميا بالتصنيف الهولندي ليدن    تراجع سعر الفراخ البلدى واستقرار البيض بالأسواق اليوم الإثنين 8 يوليو 2024    حزب الله: شن 9 هجمات على مواقع عسكرية تابعة ل جيش الاحتلال الإسرائيلي    خبير تحكيمي يوضح مدى صحة ركلتي جزاء الزمالك أمام الإسماعيلي في الدوري    "لم يكن هناك شيئا ومازحته قبل المباراة".. العشري يكشف لحظات رفعت الأخيرة قبل الأزمة القلبية    إزالة 231 مخالفة إشغال طريق في كفر الدوار بالبحيرة    خطوات استعلام نتيجة البكالوريا 2024.. بهذه الطريقة عبر موقع وزارة التربية السورية    مدرسة فولكس فاجن الثانوية للتكنولوجيا التطبيقية.. ما الشروط المطلوبة؟    سياسي فرنسي يحذر من عواقب موقف ماكرون المؤيد للحرب في أوكرانيا    شقيقة الزعيم كيم تهدد كوريا الجنوبية: قواتنا جاهزة لأي انتهاك    قائمة الاهلي لمواجهة طلائع الجيش.. غياب الشناوي للراحة وكهربا لأسباب فنية    بعد نجاحه في «ولاد رزق 3».. على صبحي ينضم ل «سيكو سيكو»    تقارير: قائد إسبانيا على رادار ميلان    "وعد من النني وزيزو".. تفاصيل زيارة أشرف صبحي معسكر منتخب مصر الأولمبي (صور)    بالأسماء.. إصابة 6 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص بالدقهلية    حرارة شديدة لمدة أسبوع.. الأرصاد تُعلن تطور جديد بشأن الطقس    مصرع شاب وإصابة 4 آخرين في مشاجرة بمدينة أجا بالدقهلية    بعد الإعلان رسميا.. طريقة التقديم للوظائف الشاغرة في الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة 2024    حماقي يكشف عن ألبومه الجديد «هو الأساس»    دعاء في جوف الليل: اللهم يا صاحب كل غريب اجعل لنا من أمورنا فرجًا ومخرجًا    استشاري غذائي: استخدام الأكل في الترغيب و الترهيب لدى الأطفال من أخطر أسباب السمنة    إصابة زوج كامالا هاريس بكوفيد 19 بعد لقائه الرئيس بايدن    بايدن: لم أكن بمثل هذا التفاؤل بشأن مستقبل أمريكا    "التنظيم والإدارة" يحدد موعد المقابلات في مسابقة شغل وظائف بوزارة الري    لمناقشة الخطط المستقبلية.. محافظ المنيا يعقد أولى اجتماعاته مع القيادات التنفيذية    وزير الطيران المدني يتفقد مبنى الخدمات الجوية    بالفيديو.. وزير الأوقاف ومحافظ القاهرة يشهدان احتفالية الطرق الصوفية بمناسبة العام الهجري الجديد    صفارات الإنذار تدوى في غلاف غزة    وزير الرياضة يكشف مستجدات التحقيق في قضية رفعت    عبدالرحيم كمال يعلن توقفه عن متابعة الكرة في مصر    حلو الكلام.. يا نهري الحزين كالمطر    إسلام الكتاتني ل"الشاهد": الإخوان يرسمون صورة ملائكية عن قيادات الجماعة    ماجد منير ل قصواء: مصر نجحت فى جمع القوى السودانية لأول مرة فى مكان واحد    محمد حمدي: أحداث شخصية الشهيد أحمد الشبراوي يقدم لها وحدها مسلسل كامل    الزمالك: حصلنا على الرخصة الأفريقية.. وكان هناك تعاون كبير من المغربى خالد بوطيب    هل ينفع أعمل عمرة وأهديها لسيدنا النبي؟.. تعرف على أمين الفتوى    هل العمل في شركات السجائر حرام؟ مبروك عطية يجيب (فيديو)    الرئيس الأمريكي يهنئ المسلمين بالعام الهجري الجديد    خالد الغندور: يجب شكر رئيس بيراميدز «الإماراتي» لهذا السبب    الشعبة: إنفراجة قريبة في أزمة نقص الأدوية.. ونُطالب بتدخل وزير الصحة    شعبة الأدوية: رصدنا 1000 نوع دواء ناقص بالصيدليات    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر: وضع خطة للنهوض بالمدينة وتحقيق التنمية    محافظ المنيا يقود حملة مفاجئة لإزالة الإشغالات والتأكد من الالتزام بمواعيد غلق المحال    يوسف الحسيني للحكومة قبل مثولها أمام البرلمان: "بلاش قطع للكهرباء"    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «بداية شهر أبيب أبو اللهاليب»    غرق شاب في بحر إدكو بالبحيرة    وكيل لجنة الخطة والموازنة: حضور الحكومة بالكامل أمام مجلس النواب.. اليوم    علاء السقطي: على الدولة إلزام المستثمر بزيادة نسبة المكون المحلي 10%    هل يجوز صيام يوم عاشوراء فقط؟.. «الإفتاء» تجيب (فيديو)    مركز المناخ: مخاطر ارتفاع موجات الحرارة تؤثر على المحاصيل الزراعية    محافظ الفيوم: نجدد العهد أمام الجميع وسنبذل قصارى جهدنا    الخطوط الجوية العراقية تستئنف رحلاتها بين بغداد وموسكو 16 يوليو    «يحتوي على مركب نادر».. مفاجأة عن علاقة الباذنجان بالجنان (فيديو)    حسام موافي يحذر من الجلوس لفترة طويلة: «موضوع قاتل» (فيديو)    تعرف على موعد أول إجازة رسمية بعد رأس السنة الهجرية 1446.. و الإجازات المتبقية في 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جابر نصار يكتب: «التزوير بالتنظيم».. طريق الإخوان لأغلبية البرلمان
تقسيم العملية الأنتخابية بنظام الثلث والثلثين يضمن فوز الإخوان والسلفين بالأغلبية
نشر في الوطن يوم 03 - 01 - 2013

يمثل أسلوب الانتخابات وإجراءاته أهمية كبرى فى البناء الديمقراطى فى الدولة الحديثة، حيث يُعنى بإسناد السلطة إلى أشخاص يمارسونها نيابة عن الشعب ولمصلحته. وكلما صلح هذا الأسلوب وكفلت له الضمانات التى تؤدى إلى نزاهة عملياته كان أقرب إلى المنطق الديمقراطى، وأدى إلى تشكيل مجلس يمثل كافة الأحزاب والاتجاهات السياسية فى الدولة، ويمارس مهامه سواء أكانت تشريعية أم رقابية، وهو يدين بالولاء للشعب الذى انتخبه.
أما إذا فسد هذا الأسلوب وأصبح شكلاً بلا مضمون، فإن المجلس سوف يكون بعيداً عن الإرادة الشعبية ويصبح أداة طيِّعة فى يد من بيده الملك والسلطة يزيد به الاستبداد أو يستبد المجلس بذاته فى ممارسة اختصاصاته، وهو ما يؤدى إلى انفصال المجلس فى توجهاته وأعماله عن الشعب الذى يمثله، وفى هذه الحالات يجد الشعب نفسه أمام قوانين تحكمه وهو عنها غير راضٍ.
والانتخاب كوسيلة ديمقراطية أصبح نظاماً عالمياً له مقاييس صحة وضوابط نزاهة وسلامة بناء، ذلك أن التلاعب بالانتخاب وإجراءاته سواء بالتزوير أو التزييف لنتائجه يؤدى إلى أن يصبح النظام الانتخابى سنداً وعوناً للاستبداد.
ودون الدخول فى تفصيلات قانونية أو إجرائية، فإن العالم عرف نوعين كبيرين من أنظمة الانتخاب؛ يعرف الأول باسم الانتخاب الفردى، والثانى باسم الانتخاب بالقائمة، ولكل نظام آلياته وإجراءاته، ويرتبط هذا النظام وذاك بفكرة تقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية. وكل انتخاب ديمقراطى لا بد أن يخضع لمبادئ العدالة والنزاهة وتكافؤ الفرص والمساواة بين المرشحين، بحيث تتماثل ظروف كل دائرة وكل مرشح، وترتبط فرصته بالفوز فى الانتخاب بمدى تأييد واختيار الشعب له.
وقد أخذت مصر بنظام الانتخاب الفردى منذ أن عرفت الأنظمة الحديثة فى الانتخاب، فقد كان هذا النظام مطبقاً قبل ثورة 23 يوليو 1952 وبعدها، إلا أنه فى سنة 1980 دخل نظام الانتخاب بالقائمة مصر، وكان ذلك بمقتضى القانون رقم 120 لسنة 1980 بشأن انتخابات مجلس الشورى ثم بالقانون رقم 50 لسنة 1980 بشأن تشكيل المجالس المحلية، وأخيراً بمقتضى القانون رقم 114 لسنة 1983 بشأن انتخابات مجلس الشعب.
على أنه منذ أن حدث هذا التحول فى مصر إلى نظام الانتخاب بالقائمة والجدل لا ينفض حول أفضلية هذا النظام أو ذاك، ومدى صلاحية أحدهما لواقع المجتمع المصرى.
فأنصار الانتخاب الفردى يرونه أكثر صلاحية لواقع النظام السياسى المصرى، حيث إن جانباً كبيراً من هيئة الناخبين أميون، مما يؤدى إلى صعوبة الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة.
كما أن الانتخاب الفردى يمكِّن الناخبين من معرفة مرشحيهم مما يوطد الصلة بينهم، ويحقق نوعاً من الرقابة الشعبية على أعمالهم، هذا فضلاً عن بساطة وسهولة إجراءاته، بالقياس على إجراءات الانتخاب بالقائمة التى تضم عدداً كبيراً من المرشحين، فضلاً عن اتساع حجم الدائرة الانتخابية.
وفى المقابل، يرى أنصار الانتخاب بالقائمة أن هذا النظام عند اقترانه بالتمثيل النسبى يعد أكثر عدالة، إذ إنه يضمن تمثيل جميع الاتجاهات ومختلف الأحزاب فى البرلمان تمثيلاً يتفق مع الأصوات التى تحصل عليها فى الانتخاب، وهذه ميزة لا ريب فيها.
فالانتخاب الذى يهدر كماً كبيراً من أصوات الناخبين، إذ يفوز فيه من يحصل على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين، أى نصف عدد الأصوات زائد واحد، أما الأصوات الأخرى فهى أقلية لا تجد من يمثلها ومن ثم تهدر تماماً.
كما أن الانتخاب بالقائمة يؤدى إلى تنشيط الحياة السياسية وإعطاء دور كبير وفاعل للأحزاب السياسية فى المجتمع حتى تصبح عملية ممارسة السياسة منظمة ومحددة فى إطار سليم، ويؤدى هذا إلى اهتمام الناخب بالمسائل العامة التى تبتغى المصلحة العامة.
ثم إن الانتخاب بالقائمة يغلق أبواب الصراع والعصبيات وذلك نظراً لاتساع الدائرة، ويبعد الانتخابات عن الممارسة المشبوهة التى تتعلق بدفع الرشاوى وشراء الأصوات الانتخابية، مما يؤدى إلى أن تصبح عضوية البرلمان مطمعاً لذوى النشاط المشبوه من تجار المخدرات والمتاجرين بأقوات الشعب، مما يؤدى إلى إفساد العضوية البرلمانية.
على أن أنصار الانتخاب الفردى يرونه أكثر ملاءمة وقرباً من مفهوم الديمقراطية على سند من القول بأنه «أى الانتخاب الفردى» يمكِّن الناخبين من معرفة شخصية المرشح، ويؤهلهم للحكم عليه وعلى قدراته، وذلك عكس الانتخاب بالقائمة الذى تتسع فيه الدائرة الانتخابية ويتعدد بها المرشحون، الأمر الذى يجد الناخب نفسه يصوِّت لأشخاص لا يعرفهم،
كما أن الانتخاب الفردى يتميز بالبساطة والسهولة، إذ يقتضى الأمر أن يصوِّت الناخب لمرشح واحد.
واجتهد أنصار الانتخاب الفردى فى تجلية عيوب الانتخاب بالقائمة، من حيث كونه يصادر على حرية الناخب ويجبره على التصويت لقائمة لا يملك نحوها تعديلاً أو تغييراً بل لا يملك فى أغلب الأحيان أن يفاضل بين نزلائها.
ثم إن نظام الانتخاب بالقائمة يؤدى إلى تضخيم دور الأحزاب فى النظام السياسى وما يستتبع ذلك من حريتها فى ملء القوائم بأشخاص قد يكونون غير أكفاء لممارسة العمل السياسى.
والحق أنه ليس هناك نظام انتخابى يخلو من العيوب.
والانتخاب الفردى والانتخاب بالقائمة لا يخرجان عن هذه القاعدة، ومن وجهة نظرنا تبقى المفاضلة بينهما متوقفة على أمور أخرى تماماً تتصل بالواقع العملى، وبظروف تطبيق هذا النظام وذاك، وليس أدل على ذلك من أن ما يرصده أنصار الانتخاب الفردى من عيوب تلحق بالانتخاب بالقائمة إنما يمكن أن تتحقق فى ظل الانتخاب الفردى إذا كان إجراء هذه الانتخاب يفتقر إلى ضمانات جدية متضمنة نزاهته.
ففى ظل هذا النظام دخلت البرلمان المصرى نماذج مشبوهة مثل تجار المخدرات ونواب القروض وسارقى المال العام وغيرهم، هذا فضلاً عن أن صغر حجم الدائرة فى الانتخاب الفردى قد يسهل الرشوة، ويشيع العنف مما تتحول معه الانتخابات إلى ساحة قتال.
وهذا لا يعنى فى حقيقة الأمر تحيزنا المطلق للانتخابات بالقائمة، وإنما هو أمر يستوجب النظر فى المسألة من ناحية الواقع العلمى، فقد أدى تطبيق هذا رغم ما صاحبه «من قيود» نتائج ضمنت تمثيلاً قوياً لأحزاب المعارضة فى البرلمان.
وترتيباً على ما سبق كله، فإن اختيار النظام الانتخابى سواء أكان فردياً أم بالقائمة أم بطريق الدمج بينهما يجب أن يخضع لحوار مجتمعى حقيقى يستهدف أن يكون هذا النظام عادلاً وكافلاً لمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة بين جميع القوى السياسية، أياً كان موقعها، وسواء أكانت حاكمة أو محكومة.
وقد عرفت مصر قبل ذلك فى تركيب النظام الانتخابى الدمج بين نظام القائمة والفردى، حدث ذلك فى سنة 1987 وكذلك فى انتخابات 2011-2012 لآخر انتخابات مجلسى شعب وشورى، وقد قضى بعدم دستورية هذه النصوص التى قررت هذا الدمج فى المرة الأولى وفى المرة الثانية. وكان ذلك مرده إهدار مبدأ المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص بين القائمة والفردى بصورة تفسد العملية الانتخابية وتجعل الانتخاب وسيلة لتدشين الاستبداد ويكون الاحتكام إلى الصناديق فى هذه الحالة وهماً خادعاً.
وقد كان من الواجب الدعوة إلى حوار وطنى جامع نحو اختيار نظام انتخابى عادل وصحيح، ولكن ذلك لم يحدث ولن يحدث أبداً، وذلك لأن الفصيل السياسى والحزبى الذى سيطر على مفاصل الجمعية التأسيسية قد حسم المسألة تماماً واختار لنفسه نظاماً انتخابياً على هواه وكما يشاء، وهو نفس النظام الانتخابى الذى قُضى بعدم دستوريته والذى أهدى إليه أغلبية غالبة دون جهد أو مجهود، وهو تقسيم العملية الانتخابية بين الانتخاب بالقائمة والانتخاب الفردى بنسبة الثلثين والثلث، وهو تقسيم لا يضمن أبداً مبدأ تكافؤ الفرص أو المساواة، لأنه يترتب عليه فى كل الأحوال تقسيم الدوائر الانتخابية بصورة ظالمة وغير عادلة، لا سيما فيما يتعلق بالدوائر الفردية، حيث بلغت هذه الدوائر مساحات شاسعة يصعب على غير تيار سياسى وحزبى واحد السيطرة على مفاصلها، ولعل نتائج آخر انتخابات برلمانية حدثت وفقاً لهذا النظام تبين بصدق هذه الحقيقة، فقد حصد حزبا الحرية والعدالة والنور أغلب المقاعد الفردية، وضمنا بها الفوز بأغلبية مريحة فى البرلمان.
والغريب والعجيب أن تظهر المادة 331 من الدستور التى استبقت هذا النظام غير الديمقراطى وغير العادل للانتخابات فى سماء الجمعية التأسيسية ليلة التصويت فقط وجر نص هذه المادة على ما يلى:
«تكون الانتخابات التشريعية التالية لتاريخ العمل بالدستور بواقع ثلثى المقاعد لنظام القائمة، والثلث للنظام الفردى، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح فى كل منهما».
وإدراج هذا النص هو فى الحقيقة انحراف دستورى بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ ودلالات قانونية ودستورية وواقعية، حيث إن الدستور كان قد احتوى على نص المادة 224 التى تنص على أن:
«تجرى انتخابات مجلس النواب والشورى والمجالس المحلية وفقاً للنظام الفردى أو نظام القوائم أو الجمع بينهما أو بأى نظام انتخابى يحدده القانون».
وقد كان هذا النص وحده كافياً لإقامة حوار وطنى حول اختيار نظام انتخابى صحيح يليق بالدولة المصرية، ولكن للأسف حسم الأمر فى نص المادة 331 من الدستور، حيث أراد من يملك الأغلبية فى «التأسيسية» أن يفصل لنفسه نظاماً انتخابياً على مقاسه يضمن له الحصول على الأغلبية فى البرلمان القادم دون عناء يذكر، وعلى القوى السياسية التى سوف تخوض الانتخابات المقبلة أن تعى هذه الإشكالية تماماً حتى لا تفاجأ بنظام انتخابى يهدى تياراً سياسياً أغلبية صريحة قبل بداية الانتخابات، وهو ما يعرف فى علم تنظيم الانتخابات (التزوير بالتنظيم) وهو ما تصر عليه كل نظم الحكم المستبدة أو التى تتجه للاستبداد أو صنع معارضة للديكور وتجميل وجه الاستبداد، أو ما يسمى معارضة على مقاس الحاكم، وهو ما يرغب فيه كل حاكم مستبد. ولكن على الجميع أن يدرك أن الحالة المصرية الراهنة لن تقبل بمعارضة ديكورية أو مصنوعة أو مستأنسة. فالمصريون لديهم أمل سوف يسعون إلى تحقيقه فى نظام يتم من خلاله تداول السلطة بآليات ديمقراطية حقيقية، وهو للأسف ما لا يؤمن به الحاكمون الآن، والدليل على ذلك هو اتباع نهج من سبقهم فى تفصيل أنظمة انتخابية غير ديمقراطية تزور إرادة الأمة قبل أن تبدأ الانتخابات.
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن لماذا الحوار وعلى أى أساس يتم الحوار؟.. لم يعد يا سيدى مكان للحوار، فقد اخترت النظام الانتخابى وفرضته بنص دستورى لا حيلة لأحد بتغييره. وعلى ذلك، فإن الدعوة للحوار تفقد معناها وجدواها وتكون فقط محض مظهر خادع ليس وراءه فائدة.
وأذكر أنه توازياً مع أعمال «التأسيسية» شكَّل السيد الدكتور/ محمد محسوب لجنة للحوار حول نظام الانتخاب القادم، وكنت أحد أعضاء هذه اللجنة، ولكن لم أحضر أياً من اجتماعاتها، وعندما عاتبنى البعض فى ذلك، قلت له: إنكم تتحاورون بمنطق المواربة، ذلك أنكم تقررون ما تريدون ولا تعبأون بأى حوار أو نتائج قد تترتب عليه. وقد تابعت جلسات هذه اللجنة على قناة «صوت الشعب»، وعلى الرغم مما جرى فيها من حلو الكلام ومعسوله، فإن الأمر انتهى إلى ما انتهى إليه من النص على النظام الانتخابى الذى يريدونه فى نص المادة 231 من الدستور.
ورغم ذلك كله، فإن أهل الحكم فى كل شاردة وواردة يدعون إلى الحوار حول النظام الانتخابى وقانون الانتخابات، والحقيقة المرة والمؤلمة أن القانون سابق التجهيز والتغليف، ولدينا، والحمد لله، مجلس شورى مستعد لأن يوافق عليه بغير جدال، فقد تحول من مجلس للشورى إلى مجلس شورى القوانين المطلوبة والمعدة مسبقاً. مع الاعتذار لمجلس فى يوم من أيام مصر العامرة حمل اسم «شورى القوانين».
يا سادة لا تقولوا حواراً ولكن قولوا...
ولله الأمر من قبل ومن بعد..
التاريخ لن يرحم...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.