في هذه الليلة من ليالي الشتاء كان الصمت يخيم علي الجميع في منطقة حدائق القبة بعزبة مكاوي الذي كان يهم الناس هو معرفة كل شيء عن حياة الجاسوس وكل مايتعلق بجوانب شخصيته بدءا من حياته التي عاشها في هذا المنزل الذي تربي فيه وسط أسرته الصغيرة وسلوكه وعلاقاته بأصدقائه والجيران كل ذلك في الوقت الذي كشفت فيه جهات التحقيق عن تعاملاته مع رجال الموساذ الاسرائيلي. أسرته هي الوحيدة التي تعرفق عنه كل شيء.. أسرته هي اللي عاشت معه طفولته ومرورا بمراحل حياته المختلفة.. أخبارالحوادث نبشت في خزائن أسرار الجاسوس لتكشف عن نشأته وبيئته وسيناريو خروجه من مصر الي الصين وعمله بالموساد ونهاية برحلة القبض عليه وعن تأثير البيئة التي يعيش فيها الجاسوس! المؤكد أن الجميع لايعرف كيف تحول ابن الحته الي جاسوس وأصبح بين يوم وليلة الكل يبعد عن هذا البيت! أسئلة كثيرة تدور في ذهننا قبل الوصول الي منزله وحاولنا كثيرا لنجد إجابة عن هذه التساؤلات وقررنا أن نخترق منزله وفي كل مرة كنا نجد صريخا وعويلا من والدته التي تغلق في وجهنا الباب وقبل أن يرحل الجميع فجر اليوم التالي وفي النهاية قررت شقيقته أن تفتح الباب وتستقبلنا وتحدثت في 03 دقيقة قصة فيها الكثير عن حياة الجاسوس.. في البداية لم تكن مقابلة أسرة الجاسوس أمرا سهلا بدءا من دخول عزبة مكاوي التي انتشر فيها خبر القبض علي الجاسوس ومنذ أن علم الجميع بنبأ القبض علي ه فالجميع يلتزم الصمت لايتحدث مع احد خوفا من الشبهات وعندما تسأل شخصا عن منزل الجاسوس تجده يبادر متسائلا جاسوس إيه وآخر يقول لك معندناش حد هنا جاسوس لكن المؤكد أن الخبر مؤلم للجميع فكيف يكون الحال لوالديه وأخواته. في النهاية وصلنا الي منزله لنجد الصمت يخيم علي الشارع والبيوت القريبة من بعضها وشوارعه هي عبارة عن حارات ضيقة.. ضاقت بمرور الزمن عليها! سافر إلي الصين! كنا في مدخل العمارة التي تعلوها يافظة مدون عليها رقم 81 وفي الدورالارضي طرقنا منزل الجاسوس لنسمع صوت امرأة وهي تجيب مين لنرد صحفيين وفي الوقت نفسه نسمع صوت نحيب وكلمات تباردنا بالمغادرة ومش حتقابل حد أمشي وهي تقول الاعلام شوه صورة ابني. لكن بإلحاح شديد طرقنا مرات اخري حتي استجابت في النهاية وفتحت لنا شقيقة الجاسوس جلسنا علي كرسي متهالك لسماع قصة طارق الجاسوس! وبحزن يخيم علي وجهها ودموع تزرف من عينيها تحدثت شقيقته.. في البداية قالت أسمي جيهان »92سنة« وهي مطلقة ولديها طفلان ولها من الاشقاء 5 شقيقات وطارق هو الشقيق الاكبر! وتكمل شقيقة الجاسوس كلامها قائلة: طارق لم نره منذ قرر أن يغادر البيت ويرحل بعيدا عن عيشة الفقر التي نعيشها بعد أن أكمل تعليمه وحصل علي شهادة دبلوم صصنايع لم يسمع نصائح والده الذي طالبه كثيرا بالعمل في مصر وأن يترك فكرة السفر ويشتغل اي حاجة ويساعدنا.. لكن طارق أصر علي الرحيل ولأنه رياضي ويمارس لعبة الكونغ فو في عام 2991 سافر الي الصين ثم عاد الي مصر مرة أخري.. تصمت قليلا لتكمل شقيقته حديثها: قبل سفره كان يعمل في مراكز الشباب ويقون بتدريب لعبة الكونغ فو لانه حاصل علي بطولات فيها منذ صغره وكان يتعاون بعض المدربين الاجانب الذين يترددون علي مراكز الشباب ومعظمهم من الصين وبعد تخرج طارق من المدرسة تحدث مع والده عن سفره الي الصين مع واحد من المدربين الذي وعده بتحسين دخله وتلقي تدريبات علي اللعبة للاستفادة منها ثم يعمل مدربا محترفا لها وافق والده وساعده في مصاريف السفر! اتصالات مستمرة! وتستطرد شقيقته.. قائلة: رغم انه سافر للبحث عن فرصة عمل لكن لم تنقطع علاقتنا به وكانت توجد اتصالات مستمرة معه لم تنقطع إلا منذ أربعة أشهر لم نعلم بعدها عنه شيئا حتي فوجئنا بالأمن يخبرنا بالقبض علي طارق لم نفهم منهم سوي أن شقيقي طارق جاسوس وعنده شركات استيراد وتصدير وتتساءل الاخت أذا كان هذا مايمتلكه وانه غني ومعاه فلوس لماذا طلب في أحدي مكالمته الهاتفية فلوس عشان يعرف يرجع مصر وبعت شبكتي وأرسلنا إليه ثمنها ليشتري ثمن تذكرة العودة الي مصر طب نصدق ازاي إنه جاسوس؟! وتقول شقيقته في أسي ده حال منزل الجاسوس أنت شايف الشقة التي نقيم فيها عبارة عن غرفتين في الطابق الارضي وكل الاثاث بها متهالك وحمام تحت السلم من داخل الشقة التي لا يتجاوز مساحتها أكثر من 06 مترا بإيجار 02 جنيها في الشهر نقيم فيها منذ أكثر من ثلاثين عاما قبل أن ناتي الي القاهرة قادمين من محافظة الفيوم مسقط رأسنا! وتكمل شقيقته بنبرة صوت حزينة أن طارق لم يرسل جنيها واحدا يساعدنا علي تحمل أعباء المعيشة انه لم يحضر زفاف شقيقه محمد في العام الماضي فلم نشاهده منذ رحيله الي الصين وكنا نعرف أخباره عن طريق التليفون فقط وسمعنا نبأ زواجه في الصين وهو ما أحزننا جميعا وتضيف: والذي منذ خروجه علي المعاش من وظيفة بشركة مياه الشرب وهويعمل موظف أمن في شركة خاصة لتوفير احتياجاتنا كما أن محمد محامي وأميرة تعمل ممرضه في مستشفي جراحات اليوم الواحد ودعاء ربة منزل. هذا هو حالنا!
وتصمت جيهان عن الكلام وتستأذننا في الرحيل فيكفيهم الحزن الذي يملأ قلوبهم ويغطي وجوههم!