هذه المشكلة خطيرة جداً.. خطورتها تنبع من أنها تخص الكتاب المقدس القرآن الكريم وكيفية حفظه وتلاوته.. كما تنبع من أنها أصبحت من أولويات اهتمام الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والذي أشار مؤخراً إلي ضروة الاعتناء أكثر بطباعة المصحف الشريف للحد من الأخطاء التي اكتشفت في عدة نسخ للقرآن الكريم في الفترة الأخيرة. لكن الأخطر ليس في الأخطاء المشار إليها سواء في الآيات المتشابهة أو في ترتيب الصفحات أو حذف بعضها.. إذ ان هذه الأخطاء من السهولة كشفها عند أول قارئ حافظ يمسك بالمصحف للتلاوة وما أكثرهم الآن بفضل تشجيع المسابقات القرآنية المتعددة من جهات مختلفة دينية وغير دينية وبينهم رجال أعمال كبار.. ويتم فيها اكتشاف معجزات لنوابغ أطفال لم يتجاوزوا العاشرة وقد هيأهم الله كروافد طبيعية لحفظ القرآن من أي تحريف أو تبديل بفضل حفظهم الجيد وفي سن مبكرة. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في كيفية طباعة للمصحف التي تختلف عن طباعة أي كتاب آخر.. وهذا ما لايعرفه بعض القائمين علي هذه الطباعة.. فطباعة القرآن الكريم لابد أن تكون موحدة في جميع المصاحف سواء في عدد سطورها أو وضع آياتها علي الصفحة بحيث لا تجد آية في وسط الصفحة ثم تجدها ذاتها في مصحف آخر مثلاً في آخر الصفحة.. لأن ذلك يشتت ذهن الحافظ بدرجة كبيرة إذا عاد وأراد تكرار ما حفظه لعدم النسيان.. بحيث إذا سألت الحافظ عن أي آية فإنه يرد فوراً إنها في سورة كذا علي الصفحة اليمني مثلاً في آخر الصفحة.. ويكون هذا الحفظ بتركيز أكثر كلما كانت سن الحافظ مبكرة. لكننا لاحظنا في الآونة الأخيرة اختفاء الطباعة الواحدة للمصاحف وتعدد الطبعات بأشكال مختلفة وقلما نجد مصحفاً من نوع الطباعة القديم الذي كان يحافظ علي شكل الصفحة ووضع الآيات فيها مهما تعددت المصاحف. بل إن المصاحف الآن في المسجد الواحد تعددت طباعتها أنواعاً كثيرة دون أن يعرف هؤلاء أن لهذا تأثيراً كبيرا في تشتيت الذهن وضياع ما حفظه الطالب في صدره إذا تصفح أحدها ووجدها مختلفة عن المصحف الذي حفظ القرآن فيه في سن مبكرة. وقد عانيت من هذا بنفسي في الحرمين الشريفين حيث لم أجد مصحفاً واحداً يعينني علي الحفظ مما جعلني افتح المصحف وأقرأ من الصدر حتي إذا وقع الشك في نفسي أي أخطأت أعود فأنظر إلي المصحف وأظل أبحث عن الآية إلي أن أعثر عليها حتي لا أنسي موضعها في المصحف الذي حفظت فيه.. مما يجعلني أنساها بدلاً من أن أحفظها. هذه المشكلة غاية في الخطورة خاصة إذا عرفنا عدد الآيات المتشابهة في القرآن وهو عدد كبير جداً.. واختلاف المصاحف عن بعضها في وضع هذه الآياتپيربك الحافظ ويشتت ذهنه ويجعل من الصعوبة جداً تثبيتها في صدره. لذا فإننا نناشد فضيلة الإمام الأكبر الاهتمام بتوحيد طباعة المصاحف في مصر والعالم الإسلامي ولا شك أن هذا يحتاج تنسيقاً بين الأزهر ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف بالسعودية ومطابع بيروت في لبنان وهذه الجهات الثلاث هي أهم المؤسسات التي تقوم علي طباعة المصحف الشريف.. فهل نحاول أن نتفق مرة في أخص خصوصيات الأمة حسبة لوجه الله.. وحفظاً لكتابه المكنون؟.