ما من أزمة تمر علينا حتي نفاجأ بأخري مشابهة تشغلنا لبعض الوقت وتأخذ مساحة كبيرة من اهتمام الناس ووسائل الإعلام ويخرج علينا من يصول ويجول ويوعد ويتوعد ومن يبسط ثم سرعان ما تهدأ العاصفة وينفض المولد بلا حمص دون بحث في الاسباب ودون محاولة التوصل لأي حلول جذرية لمنع تكرارها ودون النظر إلي ايجاد بدائل وتلك هي مشكلتنا مع كيفية إدارة الازمات لأننا اعتدنا النظر تحت اقدامنا والغرق في شبر ميه والتعامل مع ازمة علي انها بسيطة وعارضة كما اعتدنا ترك الامور للوقت فهو كفيل بالنسيان أو بالكلام المعسول وترديد نغمة أننا أفضل أو أرخص في العالم وغيرها من المبررات. أقول ذلك بمناسبة إصرار سائقي النقل الثقيل علي الاضراب رغم وعود الحكومة بإعفاء التريللات المستوردة من الجمارك وتشكيل مجلس أعلي للنقل الثقيل وتوقيع بروتوكول بين الوزارات المعنية وشركات تعديل المقطورات والبنوك لتمويل اصحاب السيارات وموافقة وزارة المالية علي اعفاء عمليات تحويل المقطورات من ضريبة المبيعات بالكامل حيث ستسددها الوزارة بنسبة 10% عن أصحابها وهذا اعتقاد مني بأنها باتت أزمة ثقة بين الطرفين فأصحاب النقل يعلمون أن كل هذا مجرد مسكنات وكلام "مزوق" كي تهدأ ثورتهم ويكفوا عن الاضراب وتجربة سائقي التاكسي أو حتي موظفي النظم والمعلومات وبتروتريد وصيانكو والغزل والنسيج وغيرها ليست ببعيدة فقد شبعوا من التصريحات الوردية التي لاطائل من ورائها سوي التهدئة لا أكثر وهذا خطأ لأن الأمور صارت كالمرأة المعلقة التي لا هي طلقت ولا عادت لبيتها. ولكيفية مواجهة الازمات والعمل علي حلها فهناك بعض الامور التي تتطلب من الحكومة حسما جذريا حتي ولو كان علي حسابها لأنها المعنية بحل المشاكل وتوفير الراحة والامان للمواطن كي يعيش بكرامته وينام مرتاح البال فالمضرب اضطر لذلك بعد أن تقطعت به السبل "وكفر من المعيشة واللي عايشينها" والاضراب ليس "غية" أو لمجرد التسلية أو للشو الإعلامي. الغريب أن الحكومة هي التي اعطت للسائقين الفرصة لأن يفرضوا ارادتهم عليها وعلينا كمواطنين لأن الاضراب عطل حركة نقل البضائع وبالتالي المصالح رغم ان هناك البدائل التي لو نظرت اليها الحكومة لوجدت فيها الاوفر والأقل في نسبة الحوادث الكثيرة والمروعة علي الطرق التي تسببها المقطورة والتي من المفترض إلغاؤها والحقيقة الحكومة صبرت طويلا علي أصحاب المقطورات ولها الشكر فنحن الدولة شبه الوحيدة التي مازالت تستخدم المقطورة التي تترنح علي الطرق كالسكاري أو تتلوي كالأفعي من البدائل هو النقل النهري فهو بديل آمن وغير مكلف وسيكون ضربة موجعة لأباطرة النقل الذين يسوفون لمصالحهم الشخصية ولا أدري لماذا لا يتم تطوير هذا المرفق الذي حباه الله بطريق طبيعي هادر بعيدا عن الطرق البرية فهناك اكثر من 50 ميناء نهرياً صالحا للعمل وان البواخر أو المراكب رغم قلتها نقلت وفق ما ذكره كريم أبو الخير رئيس الهيئة لجريدة البلاغ حوالي 3 ملايين طن بضائع هذا العام وحده ولدينا خطة طموحة لرفع حجم البضائع المنقولة إلي 10% من حجم المنقول براً والبالغ 400 مليون طن تقريبا ويمكن أن تصل الي 600 مليون طن عام 2020 مما يعني أن حركة البضائع في ازدياد مستمر وأنها في حاجة إلي وسائل نقل أخري بدلاً من التريللات المزعجة والمرعبة وأضاف الرجل أنه نظراً لارتفاع ثمن الوحدة البحرية والتي قد تصل إلي 15 مليون جنيه فإنه لابد من دعم القطاع الخاص ودخول المستثمرين في هذا المجال البكر بدلاً من ترك الحكومة وحدها وهي فعلا فرصة للمستثمرين لإعادة رؤية قلاع المراكب النيلية والصنادل وهي تمخر عباب النيل ولتعيد الذكريات والأيام الجميلة للمراكبية الذين استلهمت من عالمهم أفلامنا القديمة كصراع في النيل. .. وأخيراً: * في الماضي لم نكن نعتاد مشاهدة الاضرابات.. مجرد سؤال * اصرار أصحاب المقطورات علي الاضراب رغم ايجاد بعض الحلول.. هدفه استمرار المقطورات في السير طول العمر. * صحيح لأصحاب المقطورات الحق في أمور كثيرة.. ولكن العنف مرفوض. * مازالت سيارات النقل الثقيل تحتل شوارع صقر قريش بالمعادي. * قيام ضابط شرطة صغير بالاعتداء علي استاذة جامعية.. مرفوض * عادت أنفلونزا الطيور بقوة ومازلنا نسمح للفرارجية بالعمل.. عجبي * اعتراف ويكيليكس الفضائح برفض مصر شراء أسلحة نووية من السوق السوداء بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.. دليل علي أن مصر بلد مسالم والرئيس مبارك رجل سلام. [email protected]