تمضي بنا الأيام وتتوالي الأعوام نحياها بالعمل وننشطها بالأمل ليكون ما تحقق بداية لا غاية ووسيلة وليس نتيجة ليظل العزم نابضا والهمة وثابة والرغبة في التقدم عامرة بالطموح غامرة بالثقة بأن السعي المحمود سبيلنا للمنشود. والرحلة الطويلة نبدأها خطوات تتلوها وثبات وطفرات لنصل مداها مفعمين بالرضا الذي يجفف العرق ويذهب الأرق ويستجلب راحة البال حال ما أنجزناه لأنفسنا أو ادخرناه للأجيال من بذل يجود وعطاء يغدق. وإذا كانت النوايا الحسنة والمقاصد النبيلة بمثابة البوصلة التي تحدد الاتجاه وتضبط المسار فإننا وبعون الله عازمون علي الاجادة والتجويد فنحسن العمل ونضيف إليه بما يجعله أهلا للتميز ومجالا للتفوق ومدخلا للمنافسة ودافعا للكفاءة والاكتفاء وبالتالي يتأكد اعتمادنا علي قدراتنا ونجاحنا في توظيف إمكانياتنا والارتقاء بمعنوياتنا والتصدي لمشكلاتنا وحل أزماتنا والسبيل لهذا أن يتوافق العقل والضمير ويترافقا مع الإرادة المستنيرة صوب توجه فحص متصل بالقوي والإحساس يرتد خيرا ويفرز فرصا أكبر وأوسع للعمل الهادف.ولا يتأتي هذا إلا عن قناعة وإيمان بأهمية دور كل منا في عملية البناء الحضاري والنماء المجتمعي والرخاء الاقتصادي والأمن القومي وصولا للسلام الدولي فالفرد مهما كان محدودا يؤثر ويتأثر ويتفاعل وهو في جماعته قوة ومع أمته عزوة وعزة خاصة إذا التزم بمسئولياته ونهض بواجباته وأسهم بجهده خالصا صادقا لوجه الله والوطن. ووقتئذ يشعر بمكانته تقديرا من الآخرين وتنعكس عليه إقداما وتحفيزا. والأمم القوية لا تبنيها سياسات ودراسات وأموال ومشروعات وحسب بل تحتاج لمن يدفع ويزود ويقود لتسود وما أحوجنا لأن نكون كذلك أوفياء مجتهدين صامدين صابرين علي وعي بمهمتنا صونا لحاضرنا وتأمينا لمستقبلنا. وعمر الإنسان كنزه وعليه أن يمزج الوقت بالجهد ليجني غنما وسكينة. وأثق وقد عركتنا التجارب وخضنا عارك البناء والفداء وكللنا بالنجاح والنجاة ألا نفرط في مكاسبنا بل نسمو بها ونترجم اعتزازنا عملا بلا كلل وتواصلا بلا ملل وإجادة نستوحيها بالدقة وحسن الأداء وتجديدا نستخلصه من ملكات العقل المبدع والحس الرفيع الذي يفرز الجمال محسوسا وملموسا. وعلينا أن نتحلل من الضعف والتردد وأن نعتمد علي مؤشرات القياس والمقارنة بموضوعية حتي ندرك مردود العمل ونتبينه شاهدا لنا أو معقبا علينا حتي نصحح ونستدرك لنتبوأ المكانة التي نصبو إليها والمنزلة التي تليق بعراقتنا وعمق حضارتنا وبشرط التخلص تماما من تداعيات التثبيط والاحباط. ولدينا من القيم السامية والمعايير الراسخة وثوابت الأخلاق والعقيدة ما يقينا ان تمسكنا به شر ازلل والاختلال وبحيث ننهل من ذلك المورد ما استطعنا حتي نقاوم تيار التغريب فلا تجرفنا السباحة في بحر الحداثة إلي أغوار تنهكنا أو تهلكنا وذلك يتطلب بالدرجة الأولي الحكمة وبعد النظر.