تحدثت فى الجمعة الماضية عن تصريح فضيلة الدكتور أحمد المعصراوى شيخ عموم المقارئ المصرية الذى حذر فيه من ضعف مستوى الحفظ لدى حفظة القرآن الجدد وهو أمر طارئ وجديد على الحفظة المصريين لا يجوز تجاهله أو المرور عليه مرور الكرام واستمرارا للحديث عن الأسباب و الحلول أستطيع أن أقول: إنه فى حالة استمرار الأزهر فى موقفه الذى اتخذه الإمام الراحل بالتخلى عن الحفظة والحفاظ والاكتفاء بالمسابقة السنوية فقط، وهو موقف من المؤكد له أسبابه، فإننا نلفت النظر إلى المجتمع المدنى الذى يستطيع أن يتحمل هذا الفضل والجهد، وذلك من خلال الوقف لحفظة القرآن الكريم، ومحفظيه، كما كان يحدث فى الماضي، حيث أوقف الخيرون لرواد الكتاتيب ولشيوخها، الأموال والأراضى الزراعية والعقارات. أما اقتراح الوقف فلأن الوقف من شأنه أن يوفر الاستمرارية للعمل والتنظيم والتنامى لأن أموال الوقف لن تتناقص وإنما سيتزايد الواقفون، كما أن العمل لن يتوقف بما يطرأ على فاعله من أحوال وتغيرات كالوفاة مثلا، لأن الوقف بعد أن يوقفه الواقف ينفصل عنه كما أنه لن يأتى بمن يغير فى هدف الوقف أو موضوعه، كما فعلت الأوقاف خلافا لما يقرره الشرع الحكيم بأن نص الواقف كنص الشارع، أى أن ما يقرره الواقف ويحدده من مصارف لأمواله مثل النصوص الشرعية، أو الثوابت التى لا يجوز تغييرها كما اقترح بداية أن تتم دعوة الخيرين الذين يرصدون الأموال لمسابقات الحفظ السنوية وهم كثيرون أن يضعوها فى صورة وقفيات تسمى بأسمائهم بدلا من الحالة التى تتم بها حاليا وحتى نضمن الاستمرار، ولو تمت عملية من التنسيق بين هذه المسابقات بعد أن تتحول أموالهم إلى وقفيات سيكون المردود عظيما. أذكر فى ذلك عالما من علمائنا العاملين الذين وعوا أهمية الوقف وهذا هو الدكتور محمد شوقى الفنجري، أحد مؤسسى علم الاقتصاد الإسلامي، والذى وضع وقفيات كثيرة لصالح طلاب العلم، وأبى أن ينفق أمواله التى قرر التبرع بها بيده، فى صورة وقفيات وحدد لكل وقفية ناظرا يديرها، أى أنه لفت أنظار المجتمع إلى أهمية المنهجية والمؤسسة فى العمل الخيري، كما دعا الناس إلى إحياء السنة التى كان المجتمع قد أهملها وتركها وكتب فى ذلك فى الصحف، وألف الكتب وتحدث مباشرة مع الخيرين الذين كانوا يعرفونه، وقد سبقهم فى ذلك الخير، فأوقف للباحثين ذوى الأبحاث المتميزة فى الدعوة الإسلامية، وأوقف لطلاب العلم المصريين، وأوقف للطلاب الوافدين الذين يسافرون إلى بلاد الأقليات، وأوقف للأيتام ومجالات كثيرة، لا يتصور الإنسان أن فردا واحدا يستطيع أن يقوم بها. ومع ذلك فإننا ونحن ندعو الخيرين إلى تولى مهمة الأزهر فى رعاية الحفظة والحفاظ، فإننا لن نمل من مطالبة الأزهر بالعودة إلى ما استنه، الإمام الأسبق الشيخ جاد الحق على جاد الحق، رحمه الله. [email protected]