هناك عوامل كثيرة ساهمت أن تكون دورة هذا العام مصرية خالصة. بسبب تميز المشاركة المصرية وضعف الأفلام الأجنبية. حتي رئيس لجنة التحكيم الدولية المخرج المكسيكي أوتورو ريبستين معروف عنه انه مصري الهوي. فقد عشق مصر من خلال أعمال أديبنا العالمي نجيب محفوظ. وأخرج فيلمين عن رواياته هما "بداية ونهاية" و"زقاق المدق". لذلك كان طبيعيا أن يتعاطف مع أجواء فيلم "الشوق" الذي يقدم شريحة اجتماعية من الفقراء ساكني إحدي حارات الإسكندرية وسيناريو الفيلم كتبه الفنان سيد رجب في أول أعماله لشاشة السينما وهو ممثل قام بدور أبو شوق في الفيلم الذي أخرجه خالد الحجر وعرفناه من قبل كمخرج لأفلام "أحلام صغيرة" و"حب البنات" و"قبلات مسروقة" والفيلم البريطاني "غرفة للإيجار". وهو واحد من تلاميذ يوسف شاهين لذلك أهدي جائزته إليه. كذلك أبدعت نجمتنا القديرة سوسن بدر في دور "أم شوق" والطريف ان سوسن بدر ممثلة تليفزيونية لم تجد حظا علي شاشة السينما طوال تاريخها. وجائزتها تشبه الجائزة التي حصل عليها الراحل أبوبكر عزت عن فيلم "المرأة والساطور" قبل سنوات! جوائز التمثيل ولعل من أسباب سعادة سوسن بدر بجائزتها انها أخذتها مناصفة مع النجمة الفرنسية المعروفة إيزابيل هوبير والتي أبدعت في أدائها لشخصية الأم في فيلم "كوبا كابانا" للمخرج مارك فيتوسي وشاركتها البطولة ابنتها الحقيقية لوليتا شامو. أما الفيلم الإيطالي "الأب والغريب" للمخرج ريكي تونيازي. فقد استحق جوائز التمثيل لعمرو واكد والإيطالي اليساندرو جاسمان. لكن الفيلم لا يستحق جائزة سعد الدين وهبة كأحسن سيناريو. لأنه بالفعل تعمد أن يشتت المشاهد خاصة عند العثور علي جثة وليد الشاب العربي الذي قام بدوره عمرو واكد. ثم اكتشفنا قبل نهاية الفيلم بقليل أن الجثة لشاب آخر. والفيلم بشكل عام جاء غامضا في أحداثه ولا يجيب علي أبسط تساؤلات المشاهد ويبدو أن ذلك من حيثيات الفوز بجائزة السيناريو!! أما الجائزة التي حصل عليها فيلم "ميكروفون" للمخرج أحمد عبدالله السيد كأفضل فيلم عربي في المهرجان فهي جائزة مستحقة بالفعل وتؤكد أحقيته بجائزة التانيت الذهبي من مهرجان قرطاج الأخير. وهو فيلم قوي بسبب بساطته وعدم الادعاء وهي من أهم صفات الأفلام العظيمة. وأخيراً حصلت المخرجة الشابة أيتن أمين علي جائزة ملتقي القاهرة الأول كأفضل سيناريو يستحق أن يتحول إلي فيلم. وهذه المخرجة سبق أن حصلت علي العديد من الجوائز. والسيناريو عنوانه "69 ميدان المساحة" ويقوم بإخراجه إيهاب أيوب. كذلك كان من الجوائز المستحقة "الهرم الفضي" الذي ذهبت لفيلم "وكأنني لم أكن هناك" للمخرجة الايرلندية جوانيتا ويلسون. وهو واحد من الأفلام القوية عن الفظائع التي ارتكبها الصرب ضد أهالي البوسنة والغريب ان الفيلم إنتاج ايرلندا مقدونيا السويد والمفترض أن يكون إنتاج إحدي الدول الإسلامية لأنه ينصف المسلمين ويكشف جرائم اغتصاب نسائهم. لكن الحقيقة المفزعة اننا أصبحنا خارج العصر الذي نعيشه. ولم نعد قادرين علي استخدام أدواته في الدفاع عن قضايانا. والسينما اليوم وسيلة هامة لمخاطبة العالم بالحقوق الضائعة للمسلمين ولكننا للأسف لا نستخدم الفنون والبعض يعتبرها "حرام" وهذه كارثة!! مخرج عجوز أما أحسن مخرج البلغاري سفيتو سلاف أو فتشاروف فقد استحق بالفعل الجائزة بعد أن كشف في فيلمه أساليب الديكتاتورية في بلغاريا أيام السبعينيات. وكيف وقع القمع والاضطهاد بأشخاص عاديين وليسوا معارضين سياسيين. وفيلم "التعليق الصوتي" اختار حادثة واحدة لكنها تكشف عصرا كاملا من الاستعباد. والمخرج قال في الندوة ان بلغاريا تعاني من الديكتاتورية حتي الآن!! أما الفيلم البولندي "ولو من البحر" للمخرج إنريك كوتكوفسكي فقد حصل علي جائزة نجيب محفوظ كأفضل عمل أول. والطريف ان هذا المخرج ليس شاباً فقد عمل بالمحاماة ثم درس الإنتاج السينمائي وعمل كممثل وسيناريست لسنوات طويلة. وأخرج مسلسلات تليفزيونية وأفلاماً وثائقية.. وبعد سن الستين أراد أن يجرب حظه وكتب وأخرج فيلمه الذي يحكي عن تجربة بناء ميناء "جادينا" ببولندا وتعاقب النظم السياسية علي الميناء وكيف استمر بناؤه في الحرب العالمية والمشاكل الاقتصادية الداخلية. لكن قوة حب أهالي المدينة لوطنهم جعلت الحلم أصبح حقيقة.