لقد جاء نظام الكوتة الانتخابي بوصفه النظام الأنسب لتمكين المرأة للعب دورها السياسي الذي مر بعثرات بلغت ذروتها في انتخابات 1987 بعد إلغاء مقاعد المرأة اتجهت الأحزاب بدورها إلي عدم ترشيح المرأة بما يتناسب وعددها في المجتمع أو بما يتناسب مع ما تقدمه من أدوار اجتماعية واقتصادية وعلمية مهمة. ومن ثم انخفض عدد عضوات المجلس إلي "14" عضوة بخلاف أربعة عضوات يتم تعيينهم من السيد رئيس الجمهورية. وعليه ينبغي علينا أن نوضح معني "التمكين" وهو مضمون الكوتة. حيث لاحظنا أنه في إطار ما يكرس الآن في واقعنا من أشكال التمييز والتهميش والعنف ضد المرأة اتخذ التمكين معنا سلبياً يصل حد وصفه أنه نوع من المزاحمة التي تمارسها المرأة في مجالات العمل المختلفة في المجتمع. ان التمكين بمعناه الحقيقي هو إعطاء المرأة فرصة المشاركة الفعَّالة في البرلمان بوصفه منبراً يكشف قدرتها وحجم وعيها بمشاكل "الأسرة" ومدي نجاحها في دراسة الظواهر التي تهدد أمن واستقرار الأسرة المصرية بتقديم الاقتراحات لتعديل مواد الدستور بالتنقيح أو التغيير أو التعديل.. إلخ. ويرجع هذا الأمر عندما لمست القيادة السياسية ثغرات في القوانين الحالية مثل قانون الأحوال الشخصية وقانون محكمة الأسرة كما استند السيد الرئيس إلي المادة "62" من الدستور المصري لتخصيص مقاعد إضافية للمرأة ولذا أقيمت الندوات ودار النقاش في مجلس الشعب ومجلس الشوري والمجلس القومي للمرأة حول تمثيل برلماني للمرأة أكثر انصافاً وانتهت المناقشات باختيار نظام الكوتة. ومع ذلك فإن ثمة تحديات تواجه المرأة قبل الانتخاب وبعده لأن "التمكين" كما أوضحت هو دفع المرأة للمشاركة في تشريع القوانين كما أنه أسلوب ديمقراطي يجب أن تمارسه بمسئولية ووعي تام بأن ما قدم لها ليس "فرصة علي طبق من ذهب" وإنما هو ميراث رحلة نضال طويل شاركت فيه النساء منذ خروجهن بوعي سياسي في ثورة 1919 فضلاً علي دور القيادات السياسية إلي أن تم بلورة ذلك كله في نظام الكوتة لاتاحة فرصة أكبر حجماً لتمثيل المرأة في البرلمان والارتقاء بأدائها ومشاركتها بجدية في تقدم الوطن. ويمكن أن نجمل التحديات في أسئلة تشغل عقولنا مثل: * هل تمثل المرشحات التي تم اختيارهن تمثيلاً جيداً لتنوع مستويات المرأة في المجتمع المصري حيث نلاحظ أسماء لامعة إعلامية وفنية فهل هن معروفات في دوائرهن وعلي دراية حقيقية بمشاكل المرأة واقعي؟ * لماذا تركز المرشحات في برامجهن عند حد تقديم الخدمات بغير تحديد للقضايا التي سيدافعن عنها حيث أن جوهر الدور البرلماني تشريع قوانين جديدة وتعديل قوانين حالية من أجل استقرار المجتمع وتقدمه. * كيف ستواجه المرشحات الفئات غير المصوتة مثل المرأة والشباب وهم الفئات المقصودة بالعمل من أجلهم في البرلمان خاصة شباب الجامعة الذين لديهم قضايا يتمنون توصيلها من خلال من يتبناها وبالتالي تضيق فجوة الاستقطاب من الاتجاهات المتشددة لهم. وأخيراً لا أظن أن عشر سنوات "دورتان" تكفي حتي يترسخ مفهوم "تمكين المرأة" سواء في أداء المرأة في البرلمان أو في المجتمع ومن ثم ضرورة تغيير المناخ الثقافي الذي يزداد انغلاقاً وتحيزاً ضد ما حققته المرأة من نجاح بالإضافة إلي عدم الاقتناع بدورها القيادي وهناك أمثلة كثيرة تؤكد ذلك منها رفض أن تكون قاضية. ومن ثم لن يتم التغيير للصور النمطية إلا عن طريق تطوير التعليم وضمان جودته بأن يكون في مقدوره بناء شخصية تتجلي عناصرها الفكرية والابداعية والقيادية أفعالاً سواء في المدرسة أو الجامعة. بذلك سيتمكن كل من الشاب والفتاة والمرأة والرجل أن يمارس حقه الانتخابي في التصويت والترشيح بما يمتلكه من فعالية في مناخ تنافسي ديمقراطي حر.