كلنا كنا سعداء بالنهضة التي تحققت للوفد واعادة تنظيمه لصفوفه. واستعادة رونقه.. الفرحة أيضا كانت لانه الحزب الأقدم في الحياة السياسية المصرية صاحب التاريخ الطويل والزعامات التي حفرت اسمها بأحرف من نور في سجل مصر. لكن فجأة لاحظنا أن تغييرا طرأ علي الوفد في مسلكه الانتخابي وصار يتحدث بلسان الاخوان رغم انه حزب شرعي.. الغريب أن هذا الحزب الذي اكتسب مكانته من شرعية الدور الوطني الذي لعبه زعماؤه. فاذا به يغامر أو يخاطر بالقائها في ايدي الإخوان أو الجماعة المحظورة سعياً وراء تحالف مشبوه ربما يضمن له عدداً أكبر من مقاعد البرلمان أو هكذا صوروا له.. ويبدو أن هذا الحزب العريق الذي سقط في فخ التنظيم السري المحظور تنازل عن الشرعية. ولم يعد مؤمنا بدوره السياسي وآثر أن يستعين بالخارجين عن القانون الذين يشيعون الفوضي والبلطجة في البلد. لقد وقفت الأحزاب الشرعية جميعها مع الحزب الوطني في بلاغه للنائب العام ضد التنظيم السري غير الشرعي.. الأحزاب أعلنت تضامنها مع الحزب الوطني ضد الممارسات غير الشرعية التي يقوم بها التنظيم السري غير الشرعي المعروف بالإخوان. ما عدا حزب الوفد. لقد بات واضحاً أن الوفد اختار التحالف مع الإخوان ربما لأن الحزب الشرعي لم يتأكد بعد من قوته السياسية في الشارع فآثر أن يحصف نفسه بالبلطجية وغير الشرعيين. الغريب أن الوفد الذي كنا نعقد عليه آمالاً كباراً يخوض الانتخابات كفرس رهان يعيد للحياة السياسية زخمها ويؤكد علي الشرعية الدستورية وتعدد الأحزاب فإذا به يخطط لأشياء أخري تعيدنا إلي مرحلة سابقة عندما كان التنسيق مع الإخوان يتم بتعليمات.. لكن عندما تحالف الراحل فؤاد سراج الدين مع الإخوان فإنه تحالف مع حزب قائم هو حزب العمل الموقوف حالياً وكان الإخوان يعملون من خلاله.. الآن التحالف ألقي بظلال الشك علي هذا الحزب الذي اعترف رئيسه د.السيد البدوي بالتنسيق مع الإخوان في بعض المحافظات في حواره مع صحيفة "المصري اليوم".. لم يستطع البدوي أن يتهم الإخوان بخلط السياسة بالدين.. بل علي العكس من ذلك قال إن شعار الإسلام هو الحل يدغدغ مشاعر الناخبين. الأمر الذي يعني أنه استحسنه. وإن كان قد قال إن علينا أن نسمو بالأديان فوق التنافس.. لا يستطيع البدوي أن يعلنها صريحة وهو أن التنظيم السري غير الشرعي يخالف القانون والشرعية الدستورية.. لا يمكن أن يدين رئيس الوفد حلفاءه. وحاول الهروب من الإجابة فقال إنها تدغدغ المشاعر. ورغم أنه يعلم أن الشعارات الإسلامية يحظرها الدستور والقانون.. قال علينا أن نسمو بالأديان فوق التنافس.. لم يتجاسر علي القول بأن الشعار مخالف للدستور أو القانون. السيد البدوي رئيس أعرق الأحزاب يقول هذه الأيام كلاما غريبا مثل انه لا يهم أنتماء المرشح لحزب "مستقل.. وطني.. وفد.. تجمع.. يسار هو في النهاية مواطن مصري".. معني هذا انه ليس من الضروري وجود برامج سياسية يؤمن المنتمون للأحزاب بواقعيتها وجدواها وأهدافها.. وهو كلام خطير لأن حلفاءه الإخوان ليس لهم برنامج واضح ولا خطة لتحقيقه ومن ثم فإنه يشجع الناخبين علي اختيار أي حزب أو تيار. ويرسي بذلك مبدأ هاما في السياسة وهو ان برامج الأحزاب ليست مهمة! الحوار الذي أجراه الزميل محمود مسلم مع السيد البدوي لم يتطرق فيه الأخير بأي صورة من الصور إلي مقارنة شعبية التنظيم السري غير الشرعي الآن بشعبيته في 2005 وبات واضحا أنه ينتقي ألفاظه بعناية شديدة إذا كان الأمر يتعلق بحلفائه السريين. علي أية حال كنت أتمني أن يفوز الوفد في الانتخابات بمائة مقعد أو أكثر.. نسبة توازي تاريخه وليس بالضرورة جهده. لكنه اثر التحالف مع من يرفعون الشعارات الدينية ويشيعون الفوضي والبلطجة أمام اللجان. الأهم انه إذا كان البدوي يؤمن ان الغاية تبرر الوسيلة كما اتضح من حواره فعليه الا يتحدث إذن عن مباديء الوفد وقيمه وليبراليته. فكل هذا لم يشفع له وتحالف مع التنظيم السري غير الشرعي من أجل بضعة مقاعد ومن المؤكد انهم لن يحفظوا عهودهم معه كما فعلوا آلاف المرات من قبل.