صابر الجندي أكد أساتذة القانون الجنائي أن التحريض علي العنف وبث أخبار كاذبة وتكدير السلم العام هدفه زعزعة الاستقرار والاضرار بالاقتصاد القومي. والحض علي تنفيذ عمليات إرهابية الهدف منها هدم مؤسسات الدولة وتهديد سلامة المواطن وأمن الوطن وأجهزته المختلفة.. لكن العقوبات التي تضمنها القانون لم تكن كافية لردع هؤلاء المحرضين سواء كانوا اشخاصا أو صحف ووسائل إعلامية أو جمعيات أهلية. التقت "الجمهورية" بعدد من كبار المحامين وخبراء القانون.. يقول محمد ميراز الخبير القانوني ومحامي الجنايات: التحريض علي العنف وبث أخبار كاذبة وتكدير السلم العام لغاية معينة وهي زعزعة الاستقرار والاضرار بالاقتصاد القومي وتنفيذ عمليات إرهابية بقصد هدم مؤسسات الدولة فإن المحرض فيها يعتبر شريكا في الجريمة باعتبار أن التحريض علي الجريمة صورة من صور المساهمة الجنائية. فقد نصت المادة 40 من قانون العقوبات المصري علي أنه يعد شريكا في الجريمة كل من حرض علي ارتكاب الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا الفعل قد وقع بناء علي هذا التحريض ومن اتفق مع غيره علي ارتكاب الجريمة فوقعت بناء علي هذا الاتفاق. وكذلك كل من أعطي الفاعل أو الفاعلين سلاحا أو آلات أو أي شئ آخر مما أستعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعدهم بأي طريقه أخري في الأعمال المجهزة او المسهلة او المتممة لارتكابها كما نصت المادة 43 من قانون العقوبات المصري "من أشترك في جريمة فعليه عقوبتها ولو كانت غير التي تعمد ارتكابها متي كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتمله للتحريض أو الاتفاق أو المساعدة وهي السجن لمدة 5 سنوات والغرامة لا تتعدي خمسة آلاف جنيه. ويضيف ميراز: الجرائم التي تقع بواسطة الصحف ووسائل الإعلام كل من حرض واحدا أو أكثر بارتكاب جناية أو جنحه بقول أو صياح جهر به علنا أو بفعل أو إيماء صدر منه علنا أو بكتابة أو رسوم أو صور شمسيه أو رموز أو أية طرق أخري من طرق التمثيل جعلها علنية أو بأية وسيلة أخري من وسائل العلانية ويعد شريكا في فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب علي الاغراء وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل إما إذا ترتب علي الاغراء مجرد الشروع في الجريمة فيطبق القاضي الأحكام القانونية في العقاب علي الشروع. كما نصت المادة 881علي "يعاقب بالحبس مده لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة الآف جنيه ولا تزيد علي عشرين ألف جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد أو بإحدي الطرق المتقدم ذكرها أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة او منسوبة كذبا إلي الغير إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس او إلحاق الضرر بالمصلحة العامة". التحريض .. أشكال ويؤكد ميراز أن التحريض له أشكال عديدة وصور مختلفة وله العديد من المنابر التي تروج له عبر وسائل التكنولوجيا والتقنيات الحديثة المتاحة والتي أصبحت تشكل تهديدا وخطورة إجرامية عالية وهو الأمر الذي ينبغي علي المشرع ادراج كافة الصور والأشكال التي تساعد علي تنفيذ هذه الجريمة لأن التقيد بالنصوص القديمة وعدم معاصرة النص لمستحدثات العصر هو ما يخلق الثغرات والتحريض قد يكون بفكر فردي ينتهجه المحرض أو مجموعه من المحرضين ينتمون لتنظيمات دوليه وقد يكون ذلك بتبني فكر معين أو مصحوبا بتمويلات. ويوضح أن التحريض في الوقت الراهن لا يشترط أن يكون هناك تعارفا فعليا علي أرض الواقع بين المحرض والفاعل الأصلي في الجريمة بل قد يتم ذلك وتتحقق أركانه في انتهاج الفكر واعتناقه وتنفيذه وهنا تقع علي المحرض مسئولية الشريك في كل الجرائم المرتكبة والتي تصل عقوبتها للإعدام في بعض الجرائم. تشريع رادع ويؤكد الدكتور إسلام قناوي أستاذ القانون الجنائي بجامعة حلوان أن التحريض هو أمر بالغ الخطورة لأنه يتمثل في بث التصميم أو التشجيع أو دفع شخص أو عدة أشخاص بأي وسيلة كانت بهدف تنفيذ الجريمة ويستوي هنا أن يكون التحريض مباشرا أو غير مباشر فردي موجه لشخص بعينه أو تحريض عام موجه إلي جماعة غير محدودة من الناس بشرط إن تكون الجريمة التي تم التحريض علي ارتكابها معاقب عليها قانونا كما يتعين لمعاقبة مرتكبي جرائم التحريض توافر الركن المادي ويتمثل في أن يكون مرتكبها قد قام بالفعل بالاتصال بشخص أو عدة أشخاص آخرين وحاول التأثير علي عقولهم لكي يرتكبوا جريمة معينة. ويتحقق هذا الركن سواء اقتنع هؤلاء ودفعهم ذلك لارتكاب الجريمة والركن المعنوي ويجب أن تتوافر النية والقصد والعزم لدي الشخص المحرض علي استقطاب من حرضهم للقيام بالأعمال غير المشروعة وارتكاب الجرائم. ويضيف قناوي أنه نظرا لخطورة هذه الجريمة في الوقت الراهن من قبل بعض النماذج السيئة من الإعلاميين وعناصر الجماعة الهاربين وتحتضنهم بعض الدول يقومون بالتحريض علي العنف وقتل رجال الشرطة والقوات المسلحة وتخريب المنشآت العامة والخاصة نحتاج لسن تشريع وقانون رادع لهؤلاء المحرضين لحماية البلاد والمواطنين. ويقول: المادة 278 من قانون العقوبات المصري تنص علي أن "كل من فعل علانية فعلا فاضحا مخلا بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنة أو بغرامة لا تتجاوز 300 جنيه" ونص المادة 308 من قانون العقوبات حددت عقوبة "الحبس" في مثل تلك القضايا كما تنص المادة 308 علي أنه إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب الذي ارتكب بإحدي الطرق المبينة في المادة 171 طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة المواطنين تكون العقوبة الحبس والغرامة معا. ويحذر قناوي هؤلاء المحرضين بأنهم لن يفلتوا من العقاب عن جريمتهم سواء نجح تحريضهم أم لم ينجح. حتي ولو عدلوا عما حرضوا عليه من جرائم مناشدا المشرع المصري بسرعة التدخل لإجراء التعديلات اللازمة لتشديد العقوبات في هذه الجرائم لتكون أكثر شدة وردعا لمرتكبيها لوقاية المجتمع المصري وحماية الدولة. استغلال الوسائل الحديثة أما الدكتور أحمد ربيع أستاذ القانون بكلية الشريعة والقانون فيري أن هناك العديد من الجرائم التي سُجلت علي صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام حيث استغل عدد من المجرمين تلك الصفحات للتستر خلفها ومزاولة أنشطة غير مشروعة مشيرا الي أن الدعوي للتحريض علي العنف والإرهاب واحدة من الجرائم التي انتشرت في الآونة الأخيرة خاصة صفحات جماعة الإخوان الإرهابية التي تدعو للعنف والتطرف وغيرها من الحركات الإرهابية. ويوضح د.ربيع أن قانون الإرهاب نص علي أن المحرض علي الفعل يعاقب بنفس عقوبة مرتكبه. سواء كان التحريض سريًا أو علنيًا أو أيًا كانت الوسيلة التي استخدم بها ولو لم يترتب علي هذا التحريض أي أثر ومثله يعاقب الشريك بالاتفاق أو المساعدة بأي شكل من الأشكال ويعاقب كل من نشر أو أذاع أو روج أخبارًا أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية وقعت داخل البلاد أو العمليات المرتبطة بمكافحتها وتكون العقوبة الغرامة من 200 إلي 500 ألف جنيه وللمحكمة أن تمنع الناشر عن مزاولة المهنة لمدة سنة وتخضع جرائم النشر لمواد قانون العقوبات المادة 102 والمواد من 171 حتي المادة 191 وتكون عقوبتها الحبس والغرامة وكل من قام بنشر ما يعد مخالفًا للقانون مثل "السب والقذف. التحريض علي العنف. انتهاك حرمة الحياة الخاصة. أو غيرها مما يدخل في نطاق جرائم النشر" يضع تحت طائلة القانون. ويضيف محمد حسن المحامي بالمحاكم الجنائية أن المشرع نص في الباب الرابع عشر الجرائم التي تقع بواسطة الصحف وغيرها من قانون العقوبات في المادة 171 المعدلة بالقانون رقم147 لسنة2006 علي أن كل من حرض واحدا أو جماعة بارتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح أو جهر به علنا أو بفعل أو إيماء صدر منه علنا أو بكتابة أو رسوم أو صور أو صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخري من طرق التمثيل جعلها علنية أو بأية وسيلة أخري من وسائل العلانية يعد شريكا في فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب علي هذا التحريض وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل. ويضيف: وإذا ترتب علي التحريض مجرد الشروع في الجريمة فيطبق القاضي الأحكام القانونية في العقاب علي الشروع ويعتبر القول أو الصياح علنيا إذا حصل الجهر به أو ترديده بإحدي الوسائل الإعلامية أو غيرها.