پ في ظل استمرار ونجاح المواجهة الأمنية الشاملة والحاسمة مع الجماعات المتطرفة في سيناء وكافة ربوع مصر يتساءل الكثيرون عن جدوي الحوار الفكري مع الجماعات المتطرفة حيث يري البعض أن القضاء علي هذه الجماعات هو الحل الأمثل.. بينما يري أخرون أن جهود محاربة الإرهاب لن تكلل بالنجاح في غياب مواجهة الفكر المنتج للظاهرة. فالإرهاب هو مجرد عرض وليس المرض وان التطرف هو المرض الحقيقي الذي علينا أن نواجهة لعلاج المشكلة من جذورها فالمواجهة الأمنية مهما كانت قوتها لا تغني عن المواجهة الفكرية من أجل استعادةپالشباب المتحمس لدينه الذين يعيشون في عزلة شاملة عن حركة تطور المجتمع خاصة إن معظمهم من الشرائح المجتمعية التي تعاني الفقر والتهميش والبطالة وضعف التعليم وغياب التنشئة الاجتماعية السوية وهو ما يجعلهم الهدف المباشر لتلك الجماعات ليكونوا وقودا للحروب التي تخوضها بأسم الإسلام وبدعوي الدفاع عن المقدسات وتطبيق شرع الله. والسؤال المهم هنا.. هل نعتمد المواجهة الأمنية وحدها طريقا للتخلص من الفكر المتطرف.. أم يجب أن يتواصل الحوار الفكري ويتفاعل ويقوم علماء ودعاة الإسلام والمثقفون بواجباتهم في مواجهة هذا الوفاء الذي انتقل الي عقول بعض شبابنا في غياب ثقافة دينية رشيدة؟ حوار.. مهم ومفيدپ سامح عيد الباحث في شئون الجماعات الإسلامية يؤكد علي ضرورة استمرار الحوار الفكري مع الجماعات المتطرفة للوصول لصيغة تفاهم لمنع العنف ولكن المشكلة في طريقة الحوار نفسه ومن يقوم به بالإضافة إلي إتاحة الفرصة لأعضاء الجماعات المتطرفة الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء والذين لديهم القابلية لتعديل أفكارهم للعمل العلني علي المستوي السياسي والإجتماعي لإبعادهم عن العمل السري خاصة إننا لنا تجربة في ذلك وثبت نجاحها عند الحوار مع الجماعة الإسلامية والجهاد نهاية التسعينيات رغم أن بعضهم عاد للعنف بعد 25 يناير مثل عاصم عبدالماجد وطارق الزمر وغيرهم ولكن الغالبية العظمي نبذت العنف وأنخرطت في العمل العام وهناك دول أقتدت بتجربة مصر مثل الجزائر بل أن المانيا أطلقت مشروع "حياة" القائم علي الحوار مع العائدين من تنظيم داعش وإعادة تأهيلهم وتوفير فرص العمل لهم ودمجهم في المجتمع فالمنطق يؤكد علي عدم قدرة أي من طرفي الصراع سواء الدولة أو الجماعات المتطرفة علي إفناء الآخر فبعد المواجهة الأمنية لابد من الحوار من أجل الخروج من مربع العنف. يضيف الخبير في شئون الحركات الإسلامية: مواجهة التطرف الفكري ليست قضية أمنية فقط وإنما هي قضية مجتمعية لابد أن تجتمع علي حلها جميع طوائف الشعب وبدون ذلك لا يمكن أن تندثر هذه الجماعات أو الأفكار لأن هذه التنظيمات تبني في الأساس علي فكر ولا يمكن أن يواجه الفكر إلا بالفكر والحجة وهذا هو دور جميع مؤسسات الدولة فمواجهة الإرهاب قضية فكرية من الدرجة الأولي وسياسية من الدرجة الثانية وليست قضية أمنية رغم ضرورة الإجراءات الأمنية لكن لابد وأن تكون هناك خطة متكاملة لمواجهة الأفكار المتطرفة. حماية المستهدفين الخبير الأمني اللواء جمال أبو ذكريپمساعد وزير الداخلية الأسبقپيقول : الحوار الفكري يجب أن يستمر لتجفيف المخزون البشري للجماعات الإرهابية والوقاية من سقوط عناصر جديدة في براثن تلك الجماعات مع استمرار المواجهة الأمنية وتتبع العناصر الإجرامية وملاحقتها قانونيا أو تصفيتها فهذا العمل يكمل الحوار الفكري ونحن نحتاج الإثنين معاپوالكثير من الجماعات الإرهابية وأفكارها المتطرفة لا يمكن التغلب عليها إلا عن طريق المواجهة الأمنية لخطورة هذه الجماعات علي بلادنا سواء في أعمال العنف التي ترتكبها بشكل مستمر أو في نشر أفكارها التكفيرية والمتشددة والمنهج الأمني والسياسي يعتمد علي العديد من الأساليب من بينها سياسة تدمير شبكات التطرف والإرهاب من خلال أجهزة الأمن والقانون وإثارة الانقسامات بين مختلف الجماعات الإرهابية وعزل العناصر المتطرفة وإعطاء المجال للعناصر المعتدلة حتي يسود خطابها في المجتمع مع التركيز علي الوسطية. ويؤكد أبو ذكري إن فكرة الحوار مع الجماعات المتطرفة مقبولة لكن التصالح مرفوضپوهناك طرق أخري للمواجهة كثيرة أهمها المواجهة الإعلامية والمواجهة الدينية متمثلة في الأزهر الشريف والمواجهة التربوية عبر مراحل التعليم المختلفة. الدولة .. تحكم الحوار مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية يقول: الإرادة السياسية للدولة هي التي تحدد توقف أو استمرار الحوار مع الجماعات المتطرفة فالدولة تحكم الحوار وفق مقدراتها الأمنية والاقتصادية والإجتماعية والعلاقات الدولية وقد نجح الحوار والمراجعات الفكرية مع أفراد الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد ولكن من كان يقوم بها هو الشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ محمد الغزالي ونحن نفتقد مثل هذه الشخصيات حاليا لأن القائمين علي الحوار غير مقنعين وينظر لهم علي انهم موالون للدولة. ويضيف: هناك محوران للقضاء علي الأفكار المتطرفة وإيقاظ الوعي المصري وهما تفكيك التطرف الفكري وتفكيك التنظيم المتطرف.. وتفكيك التنظيم مسئولية أجهزة الأمن ولكن عندما نتحدث عن تفكيك الأفكار فالأمر يحتاج إلي جهد لأن وجود هذه الأفكار يساعد علي تفريخ المزيد من الإرهابيين ولابد أن يساهم في القضاء علي هذه الأفكار الفن والإعلام والأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية والمجتمعية للقضاء علي مبدأ وجود الخلافة والحاكمية التي تتبناها المشاريع الإسلامية الحركية في نسختها الجهادية تحديدا ومعلوم أن أولي معالم التطرف الصادر عن هذه الجماعات تجلت في مصر في سنوات الاعتداءات الصادرة عن الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد في السبعينيات قبل أن تقرر رموز الجماعات الجهادية الانخراط في مشروع المراجعات ابتداء من عام 1997 الذي أفضي إلي الإعلان عن أفول المشروع الجهادي في نسخته المصرية حينها. يضيف غباشي: إننا نحتاج تدريب شباب جدد من عمر مواز لشباب الجماعات المتشددة لتقديم برامج دينية وثقافية وتعليمية بروح عصرية ومتابعة شبكات التواصل الاجتماعي من حيث المحتوي المنشور والذي يتضمن لغة الكراهية والتطرف وتفعيل دور مؤسسة المسجد بطريقة حضارية وتقديمها بوصفها جهة وعظ وإرشاد ديني وبناء حملة إعلامية واضحة لمواجهة الفكر المتطرف بالتوازي مع المواجهة الأمنية . پ