التقييم الموضوعي للعام الاول من برنامج الاصلاح الاقتصادي يؤكد علي تحسن ملحوظ في المؤشرات الاقتصادية ويصاحبه عدد من النتائج الايجابية مثل زيادة معدلات النمو وخفض العجز في الموازنة وزيادة حجم الاحتياطي من النقد الاجنبي مع السيطرة الكاملة علي سوق الصرف . بالاضافة الي انخفاض العجز في الميزان التجاري . فالمؤشرات التي تعلنها الحكومة تشير الي ارتفاع معدل النمو الحقيقي خلال الربع الأخير من 2016/2017 الي نحو 4.8% .وانخفاض عجز الموازنة العامة إلي 10.9% من الناتج المحلي الاجمالي مقابل 12.5% العام السابق . وارتفاع قيمة الاحتياطي من النقد الاجنبي الي أكثر من 36 مليار دولار . وانخفاض معدلات البطالة الي 11.9% في يونيو 2017 مقابل 12.7% في يونيو 2016. لكن التقييم الموضوعي يحتم علينا أن نقول أيضا أن أعباء الاجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة وأدت للوصول الي هذه المؤشرات وتلك النتائج قد تحملها المواطن الغلبان والموظف المطحون . وأن الطبقات الفقيرة هي أكثر الفئات ألما ومعاناة. وأن نجاح الحكومة في السيطرة علي سوق الصرف بعد تحرير سعر الجنيه قابله فشل ذريع في السيطرة علي اسواق السلع وفي التحكم في مؤشر الاسعار ومعدلات التضخم التي تعدت نسبتها 31%. كما أن إجراءات الحماية الاجتماعية التي نكتب عنها يوميا في صحفنا لم تصل حتي الان الي غالبية المطحونين والمتألمين من فاتورة اجراءات الاصلاح . والقراءة المتأنية في المؤشرات الايجابية تقول أن : 1-پتراجع عجز الموازنة اعتمد بشكل رئيسي علي عاملين اساسيين وهما: * ترشيد الدعم وخاصة دعم الطاقة برفع اسعار الكهرباء والمواد البترولية والغاز وايضا رفع اسعار المياه . وزيادة اسعار السلع الاساسية المدعمة مثل السكر والزيت .. وبالتالي خفض قيمة المصروفات في الموازنة . * تطبيق قانون الضريبة علي القيمة المضافة . وفرض سعر ضريبي مرتفع علي كل السلع يبلغ 13% في عام 2016 ثم ارتفع الي 14% اعتبارا من يوليو 2017 . وهو الامر الذي ادي الي زيادة الايرادات الضريبية وبالتالي زيادة جانب الايرادات في الموازنة . 2-خفض العجز في الميزان التجاري كان نتيجة لتراجع حجم الواردات بشدة بسبب ارتفاع سعر العملة الاجنبية . لكنه في الوقت نفسه لم يقابله زيادة كبيرة في الصادرات بسبب عدم وجود سياسة واضحة لتحسين جودة وامكانيات المنتج المصري . 3-زيادة حجم الاحتياطي من النقد الاجنبي كان نتيجة لعدد القروض التي حصلت عليها مصر من مؤسسات التمويل الدولية . وعلي الرغم من ان ذلك يمثل دليل ثقة في الاقتصاد القومي . الا انه أدي ايضا الي زيادة كبيرة في حجم الدين الخارجي الذي ارتفع بنسبة 41.6% ليصل إلي 79 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2016-2017. 4-ان حجم الاستثمارات الاجنبية لم يرتفع بالشكل المأمول . وهو الامر الذي كان من الممكن ان يخفف من معاناة المواطنين لانه كان سيتيح مزيدا من فرص العمل ويزيد الانتاج فيزيد العرض وبالتالي تنخفض حدة ارتفاع الاسعار . 5-أنه رغم تطبيق قانون الخدمة المدنية وخطط الاصلاح الاداري . فان نظام الاجور في مصر مازال هو الاسوأ علي الاطلاق . وان الهرم المقلوب في نظام الدخول أدي الي نجاح بعض الفئات في التأقلم مع ارتفاع الاسعار مثل اصحاب المصانع والتجار واصحاب المهن الحرة . في حين لم يجد الموظفون واصحاب المرتبات حيلة للتعامل مع الاوضاع الجديدة في السوق. وزير المالية عمرو الجارحي قال منذ أيام ان 80% من الاجراءات الصعبة في برنامج الاصلاح قد تم اتخاذها ومرت بسلام. ونحن نقول ان العدالة تقتضي بالتالي أن تكون 80% من ثمار هذا الاصلاح من نصيب المواطن الذي تحمل الألم الذي احدثته تلك الاجراءات.