* الالتراس اصبح سوطًا يلهب ظهور الجميع في الدولة!! مجموعات جماهيرية شبابية تميل إلي الهوجائية في التصرف. شباب ليس له كبير. يندفع ويهتف ويسب ويلعن في الجميع. لا يهمه كبير ولا صغير. هؤلاء ظنوا أنهم فوق القانون وأنهم أكبر من الدولة. وأن كلامهم لابد أن يكون صحيحًا وتنفذه الدولة بلا نقاش!! الالتراس أقوي من الأندية. كل الأندية. وللحق إلا الزمالك بعد ان علمهم مرتضي منصور الأدب. الوايت نايتس تراجع عن أفعاله العدوانية وتصرفاته الهوجائية منذ تم القبض علي بعضهم ودخلوا التخشيبة وأثبت مرتضي منصور أنهم كادوا يتسببون في فتنة مصرية!! من هذا الوقت لم نسمع صوت الوايت نايتس. أو قل علي الأقل أنهم يتعاملون بكل ذوق وأدب. ولذلك تنازل مرتضي عن حقه حتي لا يضيع مستقبل الشباب صغير السن المغرر به!! * ولماذا لا يفعل الأهلي ذلك؟! * سؤال لابد أن نبحث له عن إجابة!! التراس اهلاوي أصبح سبة في جبين محبي النادي.. زمان كان أقصي هتاف في المدرجات "شيلوا الرف".. أي غيروا الحكم.. ولكن مع التطور الطبيعي للحاجة الساقعة كما يقول المثل اصبح الهتاف التقليدي "اعدموا قادة البلد والقوات المسلحة والشرطة وشيلوا مجلس الإدارة"!! هذا ما جنيناه حتي الآن من الثورة التي يفهمها الجيل الصاعد بشكل خاطئ. ويظن أن المعني الحقيقي للثورة هو السب والقذف.. وأن الحرية تعني التطاول والخروج علي الأدب والذوق العام!! ما يفعله الالتراس صورة واحدة تتكرر منذ أربعة أعوام. نفس السيناريو مع اضافة بعض التوابل علي الهتافات فبدلاً من أن تكون ضد الشرطة والقوات المسلحة تمادوا وسبوا المشير طنطاوي والبقية تأتي!! * أين الدولة من هؤلاء؟! * قالوا إن قانون التظاهر يمنع الخروج في مسيرات. أو التجمهر واغلاق الطرق وتعطيل المرور.. لكن هذا كله يحدث في كل مرة أمام الأهلي وتتحول منطقة الجزيرة إلي "يوم القيامة". منطقة حشر جماهيري وتوقيف لمصالح البشر تنتهي دائما بمآس جماهيرية وأخلاقية أيضا!! أسأل الداخلية.. لماذا لم تتحركوا بعد ابلاغكم من إدارة الأهلي قبل الأحداث بيوم كامل عن التجمهر وما سيحدث من الالتراس؟!! هل الداخلية كانت تنتظر حتي تقع كارثة؟!! وأيهما أفضل.. أن تمنع الداخلية تواجد الالتراس وتلغي تجمعهم من قبل أن يحدث أم تتركهم للتجمع ليحدث ما شاهدناه؟! وماذا كانت الداخلية ستفعل إذا تدخلت أياد خفية من جماعة الظلام واندست لتفجر الوضع الأمني في البلد؟!! الكارثة ليست في الالتراس وحده إذا.. ولكن في ردود الفعل من الدولة التي تعرف اسماءهم فردا فردا. وتعرف مواعيد تجمعهم. وتحفظ اسماء قادتهم. ورغم ذلك تتركهم يفعلون الكارثة دون أن تتعرض لهم!! لماذا إذا الدولة تطارد تجمعات الفئات الأخري وتطبق عليهم قانون التجمهر؟! هل الالتراس علي رأسه ريشه أم أنه مسنود من جهات أكثر قوة؟! أم أن الدولة تريد تواجدهم وتحافظ عليهم في تلك المرحلة لاثبات أن في مصر معارضة حتي في الرياضة؟!! نحن في أزمة مستحكمة. والمثل يقول "من حضر العفريت.. فليصرفه" والدولة هي التي حضرت عفريت الالتراس. وتحتار الآن في كيفية اقناعه بالانصراف!! الدولة حضرت العفريت بسلبيتها في معالجة الموقف من البداية. منذ عشر سنوات عندما ظهرت تلك التجمعات وفرضت وجودها. ثم انتشارها كظاهرة في سائر الأندية حتي اصبحت موضة وتقليدًا أعمي لا يحدث في الدول الكروية. جاءت الثورة فتحول الالتراس إلي سوط تستعمله الجماعات والأحزاب في المظاهرات. كل ذلك والدولة تتفرج ولا تتحرك!! * لكن ماذا سيحدث حسب التدرج الطبيعي للأحداث؟! أمام الدولة حل واحد طرحته من قبل وهو فتح باب التفاوض مع هؤلاء الشباب!! قادتهم معروفون بالاسم. بعضهم اندس وفرض وجوده وتحول إلي السياسة. ليكون همزة الوصل بين من يدفعون ومن يقبضون!! وإلا.. فمن الذي يصرف الملايين علي هؤلاء الشباب. ويوجههم ويحولهم إلي قطيع من الأغنام تسير وتتحرك وترعي حسب مشيئة الراعي الذي يدفع لهم!!؟ * القضية ليست سهلة. بل اصبحت الحلول صعبة. وقد نتركها حتي تصبح مستحيلة. لأن الظروف التي يعيشها هؤلاء الشباب صعبة.. هم فئة تحتاج لدعم الدولة وتوفير فرص عمل لهم.. هم فئة لم تحصل علي القسط التعليمي التربوي بالشكل الكامل بعد أن تدهور حال التعليم. وبعد ان اصبحت كلمة التربية خارج اطار المنظومة التعليمية. هم جيل الدروس الخصوصية في زمن اصبح المعلم خدامًا وليس قدوة تعليمية للطالب الذي يدفع للمدرس في كل درس خصوصي. نعم لا تظلموا الالتراس علي اندفاعه.. فلو وجد في الدولة منظومة تعليمية أو شبابية توجهه التوجيه الصحيح لتعلم كيف يحب بلده. مطلوب من الدولة فتح خطوط اتصال مع هؤلاء الشباب قبل أن يستفحل المرض وينتشر لباقي اعضاء جسم المجتمع. مطلوب من وزارة الشباب أن توسع مداركها التربوية ولا تتوقف أمام العمل الرياضي فقط. حتي تستوعب رغبات الشباب وتحتضن مواهبهم وتنميها بعد أن اغلقت المدارس الباب وألغت حصص التربية الرياضية والزراعية والفنية والموسيقية. نحن في زمن الآن يسهل علي الطالب المدرسي والجامعي الانحراف عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن اصبح ورقة خفيفة في مهب الضياع التعليمي. مجموعات الالتراس قد تكون مظلومة. لأنه مقادة وموجهة عن طريق استغلال أوقات فراغهم وقوة الانتماء لناد معين.. فلماذا إذا لا تستغلهم الدولة لصالح بلدهم وتنمي فيهم هذا الانتماء للوطن؟! إذا اعتبرنا الالتراس قد وقع تحت طائلة الخطأ والتمادي ضد رموز الدولة.. فأنا احمل الجهات المسئولة في الدولة كل الأوزار والأخطاء.. لأنها لم تتواصل معهم. لم تفهمهم وتقترب من دوافعهم. لم تحتضن قادتهم الذين سقطوا في أيدي الجماعات الخارجية ويحصلون علي تمويل كبير. أحاسب الأندية التي لم تستوعب هؤلاء الشباب وتوجه انتماءهم بشكل ايجابي!! أحاسب وزارات الشباب والشئون الاجتماعية والداخلية لأنها لم تتحرك اجتماعيا لاستيعاب تلك الطاقات والسماع لهم!! الخطأ مشترك بين جميع الأطراف. حتي ولو تدخلت الأندية والجهات المسئولة لايقاف هذا الزحف القوي للالتراس ولو بالقوة.. كان أفضل مما نحن فيه الآن!! الخطر قادم مادمنا نترك الأمور لحل نفسها بنفسها. ومادمنا في الدولة نتعامل بشكل سلبي. فنتيجة السلبية هي الفشل الأكيد والله اعلم!!